مثل النهر الذى يفيض فناً وإبداعاً فيروى بمائه العذب شباباً يعشقون الفن، ويساندهم حتى يشتد عودهم ويصبحوا نجوما تتلألأ فى سمائه، فاض الفنان الكبير حسن حسنى الذى يحتفل بعيد ميلاده اليوم على جيل كامل من شباب الفنانين ، ساندهم حتى صاروا نجوماً، استندوا على كتفه فى بداياتهم فكان لهم نعم السند والعون، أخذ بأيديهم ليصعدوا سلم النجومية، محمد هنيدى وعلاء ولى الدين وهانى رمزى ومحمد سعد وحمادة هلال وأحمد حلمى ورامز جلال ، وغيرهم كثيرون كانت بداياتهم إلى جواره ، لم يبخل عليهم بما فاض الله عليه من قبول وفن وإبداع وجماهيرية.
حسن حسنى العبقرى الذى يستطيع أن يضحكك ويبكيك بنفس القوة والصدق والإبداع ، لا تتمالك دموعك عندما ترى انفعالاته حين جسد دور الأب الذى عانى من التشرد بعد غياب ابنه فى مسلسل" رحيم" ، وحين ترى مشهده العبقرى الذى نال عنه العديد من الجوائز فى فيلم سارق الفرح الذى جسد فيه دور ركبة القرداتى المطحون الذى يتعلق قلبه بفتاة صغيرة، وحين يعرف الفرح وتعترف له بحبها يموت فرحاً، لا تصدق أنه هو ذاته «ضبش الحرامى» فى فيلم «غبى منه فيه»، والأستاذ سيد فى الناظر صلاح الدين، ووالد علاء ولى الدين فى فيلم «عبود على الحدود»، ووالد محمد هنيدى فى « عسكر فى المعسكر، وياانا ياخالتى»، ووالد أحمد حلمى فى ميدو مشاكل، وعم باخ فى «اللمبى".
عبقرية فنية فريدة، يمكنه أداء كل الأدوار الكوميدية أو التراجيدية بنفس الاتقان والإبداع، الأب الطيب، تاجر المخدرات، القاتل والوصولى ورجل الأعمال الفاسد، ، الصول شرابى الذى يقف أمام ابنه ليحاكم نفسه فى مشهد عبقرى بمسلسل المال والبنون، والضابط فهيم فى فيلم «البرىء»، والأستاذ وفائى الفنان صاحب المبادئ فى مسلسل أرابيسك.
ربما لا يوضع اسمه كثيرا فى بداية قائمة أبطال العمل لكنه يستطيع أن يسرق الكاميرا وأن يخطف الأنظار ويلفت الانتباه، فلا تخرج من العمل الفنى إلا وأنت تحفظ كلماته وتعبيراته ومشاهده ، فهو غول تمثيل استطاع أن ينتزع النجومية فى كل أدواره حتى وإن لم تكن أدوار بطولة مطلقة ، يمكنه أن يجعل من أى دور يقوم به علامة هامة فى العمل تستقر دائما فى وجدان وأذهان الجمهور، وهو ما جعله يحصد الجوائز منافسا جانات السينما وأبطال الأعمال التى شارك فيها ، واستطاع أن يثبت أن الممثل المبدع يستطيع أن يخطف الأضواء حتى ولو ظهر فى مشهد دون أن يتكلم، ومهما صغر حجم دوره.
حفر حسن حسنى المولود فى 19 يونية عام 1936 فى حى القلعة، اسمه فى سجلات الإبداع بحروف من ذهب، وبجهد سنوات طويلة حفر فيها فى الصخر، لم يكن طريقه سهلا ولم يظهر فى أدوار الجان أو البطل، وما أسهل أن يحصل الفنان على الشهرة والنجومية سريعا من خلال هذه الأدوار، ولم يعرفه الجمهور شابا، ولكن تأخرت نجوميته لظروف متعددة، رغم أنه عشق الفن منذ طفولته، وشارك فى فرق التمثيل بالمدارس منذ كان طالبا فى الابتدائى وحصل على العديد من الميداليات، وجسد دور أنطونيو على المسرح المدرسى ومنحه الفنان الكبير حسين رياض الذى كان رئيسا للجنة التحكيم ميدالية ذهبية عن هذا الدور.
بدأ حياته الفنية فى الستينيات فى المسرح ، وتنقل بين مسرح الحكيم والمسرح القومى والحديث، ثم عمل بمسرح جلال الشرقاوى لمدة اقتربت من 10 سنوات.
ظل الفنان العبقرى يعمل لسنوات طويلة قبل أن يعرفه الجمهور فى مسلسل أبنائى الأعزاء شكرا عام 1979، والذى أدى خلاله شخصية فتحى الموظف المرتشى، وبعدها شارك فى العديد من الأعمال الدرامية فى استوديوهات عجمان ودبى وعرضت فى دول الخليج، ثم بدأ يعمل فى العديد من الأدوار التليفزيونية.
كانت بداية حسن حسنى فى السينما بمشاركته فى دور صغير بفيلم الكرنك عام 1975 وهو دور جرسون قهوة الكرنك، ولكنه حصل على دور أكبر فى فيلم سواق الأتوبيس للمخرج عاطف الطيب عام 1982، وبعدها استعان به الطيب فى عدد من أفلامه، ومنها البرىء، البدروم، الهروب.
أثبت النجم العبقرى ذو الألف وجه أنه يستطيع القيام بأدوار مختلفة ومتنوعة ليثبت عبقريته فى كل خطوة وعمل، واستعان به كبار المخرجين فى العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، وخاصة مع بداية التسعينيات التى استطاع خلالها اقتناص العديد من الجوائز منافسا كبار النجوم وأصحاب الأدوار الأولى والبطولات وجانات السينما.
حصد عددا من الجوائز عن أدواره فى فيلم سارق الفرح وفيلم دماء على الأسفلت الذى كان بطله الفنان نور الشريف، وحصل على جائزة أحسن ممثل من مهرجان الإسكندرية السينمائى عن فيلم فارس المدينة، وقدم العديد من الأدوار المميزة فى أفلام «ليه يا بنفسج، وفرحان ملازم آدم»، وغيرها عشرات الأعمال، حيث تجاوز عدد أفلامه 200 فيلم.
كما أبدع فى عشرات الأدوار الدرامية على شاشة التليفزيون، قدم خلالها شخصيات متعددة فى مسلسلات اجتماعية ودينية وتاريخية، حلم الجنوبى، أرابيسك، بوابة الحلوانى، أم كلثوم، سمارة، العار، عفاريت السيالة، أميرة فى عابدين، الأبطال، أيام المنيرة، ساعة ولد الهدى، المال والبنون، وداعا قرطبة، السبنسة، الكهف والوهم والحب، رأفت الهجان، رحيم، وغيرها من راوئع الدراما، وكان أخرها مسلسل أبو جبل فى رمضان الماضى.
تألق على المسرح فى عدد من المسرحيات الهامة التى حققت نجاحات مذهلة ومنها مسرحية على الرصيف مع سهير البابلى وحسن عابدين، ومسرحية اعقل يا مجنون مع الفنان محمد نجم، ثم انطلق فى مسرحيات عفرتو، جوز ولوز، حزمنى يا، وساعد فى هذه المسرحيات الكثير من الشباب الذين أصبحوا نجوما للكوميديا ومنهم الفنان محمد هنيدى الذى شاركه عددا كبيرا من الأفلام.
وأطلق عليه الكاتب الراحل موسى صبرى لقب القشاش لقدرته على أداء كل الشخصيات.
حسن حسنى تاريخ فنى ثرى زاخر بالإبداع، وحش من وحوش التمثيل وعمالقته ونموذج فريد للفنان الذى يشع نجومية وعبقرية يمكنه أن يفيض بها على كل من يقف إلى جواره ويستند إليه..وفى عيد ميلاده نقول له كل سنة وأنت نهر إبداع يروى نجوم الفن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة