أدى غياب القدرة الذاتية على التمويل لدى بعض الدول الأفريقية -نتيجة لقصر مواردها الوطنية عن الوفاء بالالتزامات المالية الوطنية للدولة - إلى لجوء تلك الدول إلى الاعتماد على مساعدة الشركاء الدوليين الذين يهمهم أن يدعموا الاستقرار والسلام والأمن والتنمية المستدامة في تلك الدول.
والهدف من وراء مساعدة المجتمع الدولي لتلك الدول لا يخلو بالطبع من مصلحة خاصة، قد تتمثل في تفادي موجات الهجرة غير الشرعية القابلة للتدفق على مجتمعات كثيرة أصبحت لا ترحب بالمهاجرين -رغم ما قد يتردد من انخفاض معدل المواليد لدى تلك الدول وحاجتها إلى الشباب المؤهلين خاصة- أو الحد من فرص الإرهاب في تجنيد المزيد من ذوي البطالة والاحتياج، أو دعم العلاقات الثنائية وتقوية أواصر التعاون الدولي وفتح أسواق جديدة، وغير ذلك من الأسباب القوية.
فلا يوجد من يريد أن أمواله هباء أو من أجل اللا شىء، وبهذا، أصبحت المجتمعات الأفريقية التي لا تقدر على سداد فاتورة التنمية تجد قدرًا من المساعدة الدولية، ولكن في حدود -كما هو متوقع- وتحت إشراف ومتابعة الشركاء الدوليين -لمراعاة الشفافية- ولكن على أساس من ملكية الدولة للمشروعات، وعلى أساس من غياب المشروطية السياسية.
فالدولة المقصودة بالمساعدة تختار المشاريع التي ترغب في تطبيقها وفقًا لأولوياتها ووفقًا لخططها التنموية، وبالتالي، فهناك المشاريع ذات التمويل الدولي، سواء عن طريق طرح المناقصات الدولية أو بالاتفاق المسبق بين الشركة الراغبة في دخول سوق العمل في دولة أفريقية ما وأحد البنوك المعنية بالتنمية في أفريقيا على وجه الخصوص، مثل بنك التنمية الأفريقي ومقره ساحل العاج.
أما نظام المناقصات الدولية، فيعتمد على الإعلان عن المشروعات التي اختارتها الدولة الأفريقية المعنية بالمساعدة على الإنترنت. وتتم دراسة العروض المقدمة من الشركات المختلفة في إطار من الشفافية وتحت سيطرة الشركاء الدوليين التي تحول دون التلاعب في تلك المناقصات وشراء الذمم والمحسوبية والرشوة.
كما يتم صرف المبالغ المخصصة للمشاريع المختلفة تحت الرقابة اللصيقة للشركاء الدوليين، فالشفافية هى ميزة هذا النظام، ولكن قد يعيبه حاجة الشركات الراغبة في التنافس إلى تحري أقل الأسعار الممكنة والقبول بأضعف هامش ربح يمكن للشركة قبوله. وذلك، لأن المنافسة على الأسواق الأفريقية حامية، خاصة من قبل الشركات الصينية العملاقة التي تتوفر لديها سيولة هائلة وقدرات فنية هائلة، لاسيما في مجال البنية التحتية، وقد تتميز عروض الشركات الصينية بالقبول الفني وتواضع التكلفة وهامش الربح.
من ناحية أخرى، فإن البنوك المعنية بالتنمية قد تقبل التعاون مع الشركات الخاصة التي تستوفي شروط تلك البنوك، فيقوم البنك بتمويل المشروعات التي تتعاقد الشركة عليها مع حكومات أفريقية مقابل ضمانات حكومية. فتحصل الشركة على حقوقها المالية من البنك مقابل التنفيذ، ويقوم البنك بالتحصيل من الحكومة المعنية وفقًا للاتفاق الموقع مع الشركة وبنوده المختلفة. وبذلك يتحقق الدعم لبرامج التنمية الأفريقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة