أكرم القصاص - علا الشافعي

معركة ابتلاع سوق الحديد.. إغراق مصر بـ1.6 مليون طن إضافية خلال سنتين.. خسارة التصنيع المحلى 119% وتراجع حصته 20%,. ومصادر فى قطاع الصُلب: استمرار عمل مصانع الدرفلة رغم ادعاء أصحابها التوقف بسبب الخسائر

الأربعاء، 19 يونيو 2019 11:48 ص
معركة ابتلاع سوق الحديد.. إغراق مصر بـ1.6 مليون طن إضافية خلال سنتين.. خسارة التصنيع المحلى 119% وتراجع حصته 20%,. ومصادر فى قطاع الصُلب: استمرار عمل مصانع الدرفلة رغم ادعاء أصحابها التوقف بسبب الخسائر الحديد ومصانع الدرفلة
حازم حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

 

-

صفقات حديثة مع شركات تركية وأوكرانية.. وتصاعد محاولات إلغاء قرار وزير الصناعة للإفلات من دفع الرسوم

 

- مصانع الدرفلة تحقق زيادة فى التوزيع 750 ألف طن سنويا.. وخبراء: حصتها السوقية العادلة لا تتجاوز 10%

 

- تراجع مبيعات المصانع المتكاملة 20% خلال سنتين بمخزون 400% وخسائر 120%

 

- استحواذ المستوردين على 40% من السوق خلال فترة الانفلات يهدد بتشريد 30 ألف عامل فى الشركات الوطنية

 

- ترويج شائعات بخسارة الدولة 48 مليون دولار خلال شهرين.. وتجاهل عوائد تتجاوز 7 مليارات جنيه من المصانع المتكاملة

 

- الرسوم لا تتجاوز 70 دولارا.. والقرار 346 يقلص أرباح المستوردين من 3 آلاف إلى 1500 جنيه للطن

 

- مصدر: مستثمرو الدرفلة اتفقوا على تحرير محضر بإغلاق مصنع صغير لإيهام السوق بتضرر قطاع الحديد بالكامل

 

- الرسوم الوقائية أقل من نظيرتها الأمريكية بـ10%.. ومنظمة التجارة العالمية اطّلعت على قرار وزير الصناعة ولم تعترض

 

تُشير التقديرات الفنية إلى أن أرباح نشاط الدرفلة تدور بين 40 و70% من حجم النفقات الاستثمارية السنوية، بالنظر إلى أسعار البليت المتغيرة عالميًّا، بدءًا من 300 دولار وحتى 450 دولارا للطن. بينما قال خبراء ومُصنّعون إن فرض رسوم على منتجات الحديد شبه المُصنّعة، يُمكن أن يُقلّص أرباح مصانع الدرفلة من 3 آلاف إلى 1200 جنيه فى الطن. وبين وجهتى النظر يقف مستثمرو الدرفلة وحدهم، زاعمين أن القرارات تكبّدهم خسائر مباشرة.
عمليا لا تتجاوز الرسوم على البليت 70 دولارا للطن (1170 جنيها تقريبا). وبالنظر إلى تكلفة التشغيل التى تتحملها مصانع الدرفلة للطن، وهى مجموع قيمة طن البليت، مضافًا إليها 10% للطاقة والعمالة و15% للرسوم والضرائب المختلفة، لن تتجاوز تكلفة إنتاج طن الحديد فى صورته النهائية 10 آلاف جنيه، عند أعلى مستويات التسعير للبليت فى السوق العالمية، ما يضمن تحقيق مصانع الدرفلة أرباحا فى حدود 1000 إلى 1500 جنيه (بين 8 و12% من السعر النهائى)، بحسب تطورات السوق ومُخصّصات النقل والتسويق ونسب التجار والموزّعين.
وكانت الدائرة السابعة "استثمار" فى محكمة القضاء الإدارى، برئاسة المستشار منير عبد القدوس، قد قررت فى جلستها السبت الماضى، تأجيل نظر الدعوى التى حركها أصحاب 22 مصنع درفلة، ضد قرار وزير الصناعة رقم 346 لسنة 2019 بفرض 25% رسوما حمائية على واردات حديد التسليح و15% على البليت شبه التام، إلى جلسة 22 يونيو الجارى، للاطّلاع على تقرير جهاز المعالجات التجارية، وتوصيات اللجنة الاستشارية التى عُرضت على وزير الصناعة قبل إصدار قراره.
 

 

ادعاءات الخسارة واجتزاء المستندات

على ضفة الصراع القانونى الدائر حاليا. ادّعى أصحاب مصانع الدرفلة توقف نشاطهم منذ صدور القرار منتصف أبريل الماضى، فضلا عن الزعم بتكبّد الدولة خسارة تجاوزت 48 مليون دولار (800 مليون جنيه تقريبا) قيمة استهلاك تلك المصانع للكهرباء والمياه والغاز الطبيعى، فضلا عن ضرائب الدخل وكسب العمل والقيمة المضافة، وحزمة رسوم أخرى، بحسب ما ردّده رئيس غرفة الصناعات المعدنية جمال الجارحى، وعدد من أعضاء الغرفة.
فى المقابل، قالت مصادر متّصلة بسوق الصلب وحديد التسليح، إن قرار وزير الصناعة استند إلى نتائج تحقيق موسع أجرته الوزارة بين مطلع 2017 ونهاية 2018، أثبت إغراق السوق بتدفقات ضخمة من البليت شبه المُصنّع، بزيادة إجمالية قاربت 70% من حجم الواردات الطبيعية، بما يوازى مليونا و600 ألف طن، صعدت بحصة تلك المصانع إلى قرابة 4 ملايين طن سنويا. وأكدت أن الوزارة قدمت حافظة مستندات للمحكمة، تتضمن نتائج التحقيق وتقرير اللجنة الفنية والاستشارية وجهاز المعالجات التجارية، فضلا عن أرقام ووثائق أخرى حول حجم السوق والحصص المحلية والمستوردة، وتدفقات الواردات من واقع بيانات الموانئ ومصلحة الجمارك، وألمحت إلى أن حديث الجانب الآخر عن تقديم حافظة مستندات تتضمن تفنيدًا لوجهة نظر الوزارة وردودا على ملاحظاتها، ربما تنطوى على بيانات مُجتزأة أو أرقام غير مُدقّقة، فى ظلّ عدم إعلان تلك المصانع عن قوائمها المالية وحجم مبيعاتها وأرباحها، ما يسهل معه ادعاء الخسارة أو التأثر من القرار على غير الحقيقة!

 

 

معلومات مغلوطة وتصريحات غير دقيقة

فى مسعاه لإبراز مساوئ قرار وزير الصناعة. قال "الجارحى" فى تصريحات صحفية قبل أيام، إن العالم لا يعرف فرض رسوم على واردات "البليت"، ولم يتجاوز الأمر رسوما وقائية على الحديد المستورد تام الصنع، زاعما أن تلك القرارات نفسها أُلغيت فى الفترة الأخيرة، قائلا إن "الولايات المتحدة أعلنت إلغاء الرسوم المفروضة على تركيا وكندا والمكسيك".
تلك النقطة ردّ عليها مصدر بأحد مصانع الصلب الشهيرة، قائلا إن الرسوم التى فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب الصينية والتركية خلال العام الماضى، شملت المنتجات التامة وشبه المصنعة، والأخيرة تشمل "البليت" باعتباره صلبًا شبه تام، تنقصه مرحلة إنتاجية واحدة هى مرحلة الدرفلة أو التشكيل فى الصورة الأخيرة للمنتج الذى يصل للمستهلك النهائى. أما بمراجعة قرارات واشنطن، وجدنا أنها تضمنت زيادة رسومها على واردات الصلب التركية من 25 إلى 50%، وأن تراجعها عن القرار لم يشمل إلغاء الرسوم كما قال "الجارحى"، وإنما خفض التعريفة المنصوص عليها فى المادة 232 إلى مستوياتها السابقة، عند 25%، وهى النسبة التى توازى الرسوم المصرية على المنتجات تامة الصنع، وتقل بـ10% عن رسوم البليت.
النقطة الأخرى فى مسلسل التضليل، الذى يبدو عمديًّا مع سبق الإصرار والترصد، تسريب بيانات وأخبار إلى بعض المواقع والمحررين الصحفيين، تتضمن معلومات مغلوطة حول السوق وحجم الإنتاج ومؤشرات الأسعار، لكن أفدح ما انطوت عليه تزوير تصريحات ونسبها للنائب محمد فرج عامر، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب، الذى نفى ذلك فى تصريحات لـ"اليوم السابع"، قائلا إن ما وُضع على لسانه مُختلق، لم يقله ولا يعرف عنه شيئا، وإنه لم يرفض قرار فرض رسوم على واردات البليت، معتبرا أن رواج تلك الأكاذيب تقف وراءه "مواقع إخوانية"، بحسب تعبيره.

 

 

 

اختلال الحصص السوقية

 
 
القضية كما يُلخّصها مُحلّلون اقتصاديون، تنحصر فى اختلال التوازن بين المصانع المتكاملة وتلك التى تعمل فى مجال الدرفلة. بالنظر إلى أحجام الاستثمارات والعمالة والإنتاج والحصص السوقية، والأرقام المقارنة لدى الجانبين وقياسها على ما يتحقق من عوائد وأرباح.
بحسب وثائق وزارة الصناعة وتقارير اللجنة الاستشارية والخبراء الفنيين، فإن الاستثمارات الإجمالية لقطاع الدرفلة لا تتجاوز 5 مليارات جنيه، مقابل 100 مليار للمصانع المتكاملة، وبينما تُوظّف الأخيرة قرابة 30 ألف عامل، لا تزيد حصة مصانع المرحلة الواحدة على 4 آلاف عامل، وتسجّل الأولى 100% قيمة صناعية مضافة مقابل 15% فقط للثانية. وفضلا عن الفوائد الاقتصادية التى تجنيها الدولة من مصانع المراحل الأربع فيما يخص كثافة العمالة واستهلاك الطاقة وإجمالى ضرائب الدخل وكسب العمل والقيمة المضافة، فإن أعمال الدرفلة تظلّ محدودة الإسهام فى الناتج الإجمالى ومستويات النموّ ومؤشرات الاقتصاد الكلية، كما أنها تُمثّل تُخمة مضافة فى المعروض، يصعب ترويجها بالخارج عبر إعادة التصدير، لتصب فى النهاية فى السوق المحلية كاسرةً معادلة التوازن بين العرض والطلب!
قالت الوزارة فى تحقيقها المشار إليه سابقا، إن الواردات سجلت زيادة 908 آلاف طن فى النصف الثانى من 2018 مقارنة بالنصف الأول من 2017، وارتفعت حصتها مقارنة بالإنتاج المحلى 17%، بإجمالى 117% للاستيراد مقابل حجم المُنتج محليًّا، وبينما زاد استهلاك الطاقة 16%، تراجعت المبيعات المحلية 2%، وانخفضت حصة المصانع المتكاملة 10%، ما تسبّب فى تراكم المخزون بنسبة 402%، فحققت المصانع المُتكاملة خسائر 119% فى الفترة نفسها. وجزمت سلطات التحقيق بأن هناك علاقة سببية مباشرة بين زيادة الواردات والضرر الجسيم الذى طال الصناعة المحلية، ومن هنا جاءت التدابير الوقائية المؤقتة. وبينما قاد هذا الاختلال إلى تقاسم المستوردين وسماسرة الدرفلة للسوق مع المُصنِّعين المحلّيين، بنسبة تقترب من النصف، قال المُحلّلون والخبراء الذين ناقشنا معهم الأمر فنيًّا، إن الحصة السوقية العادلة لسوق الدرفلة لا تتجاوز 10 إلى 15%، بالنظر إلى استثماراتها الإجمالية وحجم عمالتها وما تُمثّله من قيمة مضافة للصناعة والاقتصاد.
 

 

 

التضحية بـ90% لصالح 10%

 
الموقف السوقى الذى تكشفه الأرقام، من واقع بيانات وزارة الصناعة وتحقيقاتها وما تداوله الخبراء والمُحلّلون فى النقاشات المُتبادلة معهم، أن إجمالى الاستهلاك المحلّى البالغ 7.5 مليون طن كان يتوزّع بواقع 4 ملايين للمصانع المتكاملة مقابل 3.5 مليون لمصانع الدرفلة، وبعيدًا عن التقديرات الفنية للحصص العادلة، فإن تقارير اللجنة الاستشارية أوضحت أن تكلفة نشاط الدرفلة لا تتجاوز 10% من تكلفة الصناعات المتكاملة متعددة المراحل، وبالتبعية فإن الضرائب ورسوم الخدمات تتوزّع بالآلية نفسها. وفى ضوء ما قاله جمال الجارحى عن خسارة الدولة 48 مليون دولار بعد توقف مصانع الدرفلة شهرين، فإن خسارة توقف المصانع المتكاملة للمدة نفسها تتجاوز 432 مليون دولار (7 مليارات و300 مليون جنيه تقريبا). وبالمنطق فإذا تعارض المساران، حسبما يُروّج مُستثمرو الدرفلة، فلا وجاهة فى ذبح 90% من السوق لصالح 10%، فضلاً عن فارق القيمة المضافة والإسهام فى مؤشرات النمو والاقتصاد الكلى والميزان التجارى وميزان المدفوعات.
المصادر التى تحدثنا إليها، وتحرّجت من طبيعة الموقف مع احترامها لمسار التقاضى، أكدت أن ادعاءات مصانع الدرفلة بتوقفها عن العمل غير حقيقية، وأن أغلب تلك المصانع تواصل العمل بكامل طاقتها، فى ظل توفر البليت وامتلاء مخازنها بشحنات ضخمة حصلت عليها قبل صدور قرار وزير الصناعة، لافتة إلى أن بعض المستوردين تعاقدوا على شحنات جديدة بالفعل خلال الفترة الماضية، ويسعون لإلغاء القرار قبل وصولها لتجنب سداد الرسوم، وأن كل ما يُشاع فى هذا الإطار لا يتجاوز الاتفاق الضمنى بين عدد من أصحاب المصانع، وإغلاق مصنع صغير يضم خط إنتاج واحد، مع تحرير محضر بإغلاق محابس الغاز وتسريبه للإعلام، لإشاعة أن القرار أضر بالقطاع كاملا، وتسبب فى توقف كل المصانع، وهو الأمر الذى شدّدت على أنه لا أساس له من الصحة، بحسب قولها.
إلى تلك النقطة، يظلّ الأمر مُعلّقًا فى انتظار قرار الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإدارى، التى تنظر دعوى 22 مصنع درفلة ضد قرار وزير الصناعة رقم 346 لسنة 2019، وبينما لا يحق لنا أو لأطراف النزاع التعليق على القضية أو توقع مسارها وما ستُفضى إليه دراسة المحكمة الموقرة للملف من قرار، فالثابت أن قرار وزير الصناعة استندّ إلى دراسات فنية وتقرير لجنة استشارية بناء على استخلاصات وافية من التحقيق الموسع الذى غطّى عامى 2017 و2018، وأن منظمة التجارة العالمية لم تُسجّل اعتراضا على محتوى القرار وحجم الرسوم، وأوردت عبر موقعها الرسمى أنها أُخطرت بالأمر من الحكومة الرسمية، وثبت تعرض السوق المصرية لإغراق مُنظّم بواردات الصلب. 
بين القرار وموقف المنظمة الدولية الحاكمة للتجارة، يظلّ موقف مصانع الدرفلة غريبًا وغير مفهوم، ليس فيما يخص إعمال حقهم فى اللجوء للقضاء، وهو أمر مشروع، ولكن فى نقطة اجتزاء المعلومات والأرقام، وتصدير صورة غير حقيقية عن المشهد تدّعى أن "البليت" مادة خام، وأنه لا توجد دولة فى العالم تفرض رسوما عليها، والأهم تنظيم حملة علاقات عامة عبر مواقع وصحف عديدة، وكتيبة من المستشارين الإعلاميين، لإظهار القرار وكأنه قتل للصناعة الوطنية، مع تجاهل أنه يمس 10% من السوق للحفاظ على 90%، ويُرشد أرباح استثمارات بـ5 مليارات جنيه حفاظا على مصانع بـ100 مليار، ويسعى لخلق توازن يحفظ حقوق 4 آلاف عامل ولا يجور على وجود وحياة 30 ألفا غيرهم، والأهم أنه ينتصر للصناعة الوطنية فى وجه الاستيراد والإطاحة بميزان الحساب الجارى لصالح تعظيم مكاسب فئة من المستوردين. ولا يُفهم الأمر فى أحد جوانبه، إلا باعتباره انحيازا للصناعة التركية والأوكرانية، على حساب الصناعة المصرية، وهو أمر نربأ برجال الدرفلة الوطنيين عن أن يكونوا متورطين فيه!

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد جلال

مين؟

مين ده حوت الحديد اللى محدش حاسس بيه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة