الغيطانى.. باطنية الألفية الجديدة بجمهورية إمبابة
مصلون مسجد النور يهجرونه بعد استغلال شباك المسجد كـ"دولاب"
ناضورجية يقفون على ناصية الشوارع للتأمين والتحذير من الحملات الأمنية
التجار يقفون فى وسط الشوارع مهددين الأهالى: "إحنا بتوع المخدرات حد ليه شوق فى حاجة؟!"
الشارع لا يتوقف فيه حركة التكاتك والموتوسيكلات المستخدمة فى عملية الاستلام والتسليم
ا
لمكان: منطقة البصراوى بإمبابة
الزمن:28
مايو الموافق 23 رمضان
الحدث.. «مشهد ليلى" حوالى فى تمام الساعة التاسعة مساءاَ يظهر مجموعة من الشباب فى سن ما بين الـ18 سنة والـ25 سنة وبينهم فتاة، يفترشون ناصية شارع مصطفى الغيطانى بمنطقة البصراوى، فى إمبابة، أو ما يطلق عليه بين الأهالى هناك بربع الخراب، باعتباره أعتى شوارع بيع وترويج المخدرات، حيث يكتمل المشهد بوجود حالة من الفوضى والضجيج وارتفاع الأصوات "بسب الدين" على سبيل الهزار بين مروجى المخدرات وبعضهم البعض».
وعلى ما يبدو أن شهر رمضان فى هذه المنطقة رغم وجود الشرفاء القاطنين بها، إلا أنه يعتبر لدى الكثيرين اسما يطلق على شخص وليس شهر للعبادة عند المسلمين، فبمجرد دخولك الشارع يتحسس النضورجية «الصبيان» الوجوه المقبلة عليهم لأول مرة وإذا أطمأنوا إليك يهرولون متسائيلين: «أؤمرنى ياباشا..أى خدمة يا بيه..يلزم خدمة يا جنتلة..أحمر ولا بنى» – فى إشارة للمواد والأقراص المخدرة – وبمجرد دخول ربع الخراب تجد الشارع مقسم إلى أجزاء كل جزء مسئول عنه أحد التجار برفقته النضورجية «الصبيان» المكلفين بتأمين الربع أو الجزء الخاص به، حيث فى عُرف تجار المخدرات لا يجوز أن يخطف أحدهم زبون الأخر – فلكل مهنة أصول وتقاليد خاصة بها –
مشهد صباحى
«حالة من السكون التام منذ السادسة صباحاَ، حيث ينتهى عمل تجار المخدرات والناضورجية، ويظل الصغار فى سن الـ18 سنة والـ25 سنة منهم يروجون للمخدرات فى وضح النهار، وذلك حتى يستيقظ كبار التجار من نومهم، وفى تلك الأثناء يكشف قرص الشمس آثار جريمة الليل حيث تجد أرضية الشارع مفروشة بشرائط الأقراص المخدرة بأنواعها المختلفة حتى تصل إلى المفاجأة التى لا يمكن أن يتخليها عقل أو قلب ألا وهى استغلال تجار المخدرات شباك أو نافذة جامع النور فى عملية بيع الأقراص المخدرة».
وفى تلك الأثناء - التقى «اليوم السابع» بالحاج «أ.ن»، الذى رفض ذكر اسمه خوفاَ من تجار المخدرات، وأحد المصلين سابقاَ فى مسجد النور – حيث أكد أن المسجد منذ عدة شهور قد هجره المصلين بسبب تجمع تجار المخدرات حول حرم المسجد لبيع الأقراص المخدرة بينما أزداد الأمر بشاعة وصلت إلى حد محاربة الله ورسوله من خلال استغلال شباك الجامع فى تسليم المخدرات من خلال إشارة «شباك الجامع» حيث يقوم التاجر بوضع المخدرات سواء كانت أقراص مخدرة أو حشيش بين حديد النافذة ومن ثم يأتى الزبون أو المتعاطي لأخذ المخدرات، وبذلك أصبحت نافذة المسجد «دولاب مخدرات».
تحدثنا كثيراَ – وفقا لـ«أ.ن» – مع أهالي تجار المخدرات لمنع أبنائهم من القيام بهذا العمل الذى يعد محاربة لله ورسوله ولكن دون جدوى، الأمر الذى اضطر المصلين إلى هجران المسجد والصلاة فى المساجد المجاورة خاصة بعدما وصل الأمر إلى الجلوس أمام المسجد لمباشرة عملية التعاطي مع علو الأصوات بالسب والقذف، فضلاَ عن سب الدين بصفة مستمرة، وأهالي الشارع يخشون من تقديم أى بلاغات أو تحرير محاضر حتى لا يتسرب أسم محررى المحضر ويصل إلى تجار المخدرات ومن ثم يقومون بالتعدي علينا فهم يقفون بشكل يومى ويرددون: «إحنا بتوع المخدرات حد ليه شوق فى حاجة؟»
الحاجة «أم أحمد» – صاحبة محل بقالة بالمنطقة - هي الأخرى تؤكد معاناة أهالي المنطقة من بلطجية تجار المخدرات الذين تسببوا فى دخول المسجلين خطر إلى الشارع حيث يأتون من كل فج عميق لشراء المخدرات، ورددت قائلة: «إحنا بقينا خايفين على بناتنا ننزلهم الشارع يشتروا طلبات البيت من السوق بسبب الأشكال الضالة اللي بتدخل الشارع وبتلقح وتقل أدبها على بنتنا».
وتُضيف –«أم أحمد» فى تصريح لـ«اليوم السابع»- الشارع لا يتوقف فيه حركة التكاتك والموتوسيكلات المستخدمة في عملية الاستلام والتسليم ليل نهار، وكأننا أصبحنا فى باطنية جديدة كالتالى كنا نشاهدها فى الأفلام والمسلسلات قديما، وذلك على الرغم من أننا فى العشر الأواخر من رمضان ومن المفترض أن تختفى مثل هذه المظاهر البشعة ولكن على ما يبدو أن مدمني ومتعاطي المخدرات يجهزون للاحتفاء بعيد الفطر قبل قدومه بأيام .
وكشفت «أم أحمد» – أن تجار المخدرات أصبحوا يستغلون الظروف الاقتصادية السيئة للعديد من الآسر الموجودة فى المنطقة وإقناع أطفال الأسر الذين لم يتجاوزوا سن الـ18 سنة للعمل معهم كنضورجية مقابل 100 جنيه لليوم الواحد للتأمين والتحذير من اقتحام الحملات الأمنية للمنطقة، الأمر الذي ينذر معه بكارثة محققة تتمثل في ضياع هؤلاء الأطفال وازدياد نسبة الجريمة بالمنطقة خاصة السرقة، حيث تحول العديد منهم لسارقي شقق، وقد تأكد ذلك بسرقة أكثر من شقة خلال الأيام الماضية.
أهالى منطقة البصراوى الذين رفضوا الظهور أو الإعلان عن أسمائهم خوفاَ من تجار المخدرات وتهديداتهم المتكررة لهم، ناشدوا الأجهزة الأمنية باتخاذ كافة الإجراءات للقبض على تجار المخدرات وتجفيف الينابيع فى المنطقة من خلال زيادة انتشار الحملات الأمنية وتجوالها فى المنطقة ليل نهار، فضلاَ عن وضع سائقى التكاتك فى المنطقة والموتوسيكلات تحت الملاحظة المستمرة فى منطقة البصراوى.
الفرق بين عقوبتى تعاطى المواد المخدرة والاتجار بها
وعن العقوبة المقررة بين تعاطى المواد المخدرة والاتجار فيها وحيازتها، يقول الخبير القانونى والمحامى بالنقض، ميشيل إبراهيم حليم، إن هناك فروقا جوهرية بين الجرائم الثلاثة مع التشابه فى جرم المخدرات.
يعاقب بالإعدام وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه : كل من صدر أو جلب جوهرا مخدرا، كل من أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهرا مخدرا وكان ذلك بقصد الاتجار، كل من زرع نباتا من النباتات الواردة في الجدول رقم «5» والتي تشمل الحشيش والبانجو والترامادول والتامول والزانكس، أو صدره أو جلبه أو حازة أو أحرزه أو اشتراه أو باعه أو سلمه أو نقله أيًا كان طور نموه، وكذلك بذوره وكان ذلك بقصد الاتجار أو أتجر فيه بأي صورة، كل من قام ولو فى الخارج بتشكيل عصابة أو إدارتها أو التداخل في إدارتها أو تنظيمها أو الانضمام إليها أو الاشتراك فيها، وكان من أغراضها الاتجار في الجواهر المخدرة أو تقديمها للتعاطي أو ارتكاب أي من الجرائم داخل البلاد.
وبحسب «ميشيل» فى تصريح لـ«اليوم السابع» -: يعاقب أيضا بالإعدام أو الإشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا يجاوز خمسمائة ألف جنيه: كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهرا مخدرا وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيه، كل من رخص له في حيازة جوهر مخدر لاستعماله في غرض معين وتصرف فيه بأي صورة في غير هذا الغرض، كل من أدار أو هيأ مكانا لتعاطى الجواهر المخدرة بمقابل.
بينما يرى الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض، تكون عقوبة الاتجار بالمواد المخدرة الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه في الأحوال التالية : إذا استخدم الجاني في ترويج المواد المخدرة من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة، أو استخدم أحد من أصوله أو من فروعه أو زوجه أو أحد ممن يتولى تربيتهم أو ملاحظتهم أو ممن له سلطة فعلية عليهم في رقابتهم أو توجيههم، إذا كان الجاني من الموظفين أو المستخدمين العموم المكلفين بتنفيذ أحكام هذا القانون أو المنوط بهم مكافحة المخدرات أو الرقابة على تداولها أو حيازتها، أو كان ممن لهم اتصال بها بأي وجه، إذا استعمل الجاني في ارتكابها أو تسهيل ارتكابها السلطة المخولة له بمقتضى وظيفته أو عمله أو الحصانة المقررة له طبقا للدستور أو القانون، إذا وقعت الجريمة في إحدى دور العبادة أو دور التعليم ومرافقها الخدمية أو النوادي أو الحدائق العامة أو أماكن العلاج أو المؤسسات الاجتماعية أو العقابية أو المعسكرات أو السجون أو بالجوار المباشر لهذه الأماكن، إذا قدم الجاني الجوهر المخدر أو سلمه أو باعه إلى من لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة أو دفعه إلى تعاطيه بأية وسيلة من وسائل الإكراه أو الغش أو الترغيب أو الإغراء أو التسهيل ، إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة في القسم الأول من الجدول رقم «1»، إذا كان الجاني قد سبق الحكم عليه في جناية من الجنايات.
كما أن عقوبة تعاطى المواد المخدرة – بحسب «الجنزورى» فى تصريح خاص - تكون بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه، ولا تجاوز ثلاثة آلاف جنيه وتشكل كل من ضبط في مكان أعد أو هيأ لتعاطى الجواهر المخدرة وذلك أثناء تعاطيها مع علمه بذلك، وتزداد العقوبة بمقدار مثليها إذا كان الجوهر المخدر الذي قدم هو الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة بالقسم الأول من الجدول رقم «1».
يذكر أن منطقة البصراوى بإمبابة سبق ذكرها في أحد المشاهد فى فيلم الفنان القدير عادل إمام مرجان أحمد مرجان، حينما ردد أحمد السعدنى أنه يسكن فى البصراوى ورا مصنع الكراسى، ومنذ تلك اللخطة اشتهرت جملة "ورا مصنع الكراسى" على الرغم من خطأ ربط البصراوى بإمبابة بمنطقة مصنع الكراسى فى الوراق، كما أن منطقة البصراوى هذه أحد أبرز الأماكن التى شهدت صراع محتدم بين قوات الأمن والإرهاب فى بداية التسعينيات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة