أعرف مشاعر وأحاسيس المصريين والعرب تجاه مصر العروبة خلال وبعد حفل افتتاح بطولة الأمم الأفريقية فى دورتها الـ32، وأعرف مشاعر الأشقاء الأفارقة لحظة إعلان موافقة مصر على تنظيم البطولة منذ 5 شهور فقط بعد فشل الكاميرون فى الاستعداد لها.
كل هذه المشاعر والأحاسيس الصادقة امتزجت بدموع الفرح والفخر بهذا البلد العظيم الذى قدم صورة رائعة ومبهرة لحفل اسطورى لا يتكرر حتى فى البطولات العالمية وفى الدول الأكثر استقرارا وتقدما يعبر عن عظمة مصر وحضارتها وقدرتها وابداعها.
الكل كان ينتظر مصر.. أم العرب.. ليس من باب المراقبة ولكن من زاوية الثقة فيها وبقدرتها على الإنجاز وتحدى المستحيل والإدهاش كعادتها عندما تحدد هدفها.
من هنا يمكن أن أسجل بعض المشاهدات على حفل الافتتاح ورسائله بالأمس:
أولا: أن مصر قادرة على تحدى أية ظروف لفعل المستحيل وهذا ليس بجديد عليها والتاريخ يتثبت ذلك.ففى أقل من 5 شهور على موافقة القيادة السياسية على قبول تحدى تنظيم بطولة الأمم الأفريقية قبل موعدها بـ5 شهور فقط بعد أن تعرضت الكاميرون لظروف عرقلتها عن استكمال الاستعدادات للبطولة فى عام ونصف، تحقق مصر ما يشبه المعجزة الحقيقية وما تعجز عنه دول أكثر إمكانات وقوة اقتصادية وتعلن استعدادها الكامل لاستضافة البطولة بصورة جعلت مسئولى الاتحاد الأفريقى والعالمى غير قادرين على إيجاد كلمات تعبر عن مدى الدهشة والإعجاب والانبهار بما فعله رجال مصر وأبناؤها الأوفياء فى هذه الفترة القصيرة للغاية لتخرج المنشآت بهذه الشكل العالمى وتقدم افتتاحا هائلا ورائعا أبهر العالم.
*هذا يعنى أنه إذا توافرت الإرادة السياسية والإصرار والعزيمة وتوافرت الامكانات بعيدا عن الروتين والبيروقراطية وانتظار الاعتمادات المالية، وتوافر التنسيق والعمل كفريق عمل واحد وعلى قلب رجل واحد، تستطيع مصر بإرادة وعزيمة أبنائها أن تحقق المستحيل فعلا فى كافة المجالات وفى كل مكان فيها. فما حدث يؤكد فشل نظرية ضعف الموارد والإمكانات ويثبت صحة نظرية الإرادة والعزيمة والعمل بضمير والبعد عن الأنانية والشو الإعلامى وإيثار الذات.
* أن التخصص هو سر النجاح.. ومنح أهل الخبرة والتخصص المجال للعمل دون تدخل أهل الثقة وأهل الفهلوة تكون النتيجة ما شاهدناه بالأمس.. وهذا درس يجب أن نتعلمه فى كل مجال فى مصر.. وفى مجال الرياضة علينا أن نستفيد من خبرة المخرج الإسبانى والبرتغالى بعمل دورات مكثفة لمخرجينا حتى تتحول اللعبة إلى فرجة ومتعة وإبداع وإتقان عمل.
* الجماهير العظيمة التى ملأت مدرجات استاد القاهرة وفى نظام غير مسبوق تؤكد أن العيب ليس فى الخوف من حضور الجماهير لمباريات الدورى والكأس وإنما فى المنظومة العاجزة التى تدير اللعبة فى مصر والتى أثبتت التجربة أنها لا تصلح لما هو قادم بعد الاجراءات التنظيمية الرائعة فى توزيع التذاكر إلكترونيا بعيدا عن سمسرة وتجار التذاكر المعروفين ثم روعة النظام فى الدخول إلى الملاعب دون مشاكل أو معاناة أو مطاردة من رجال الشرطة والاحتكاك بالجماهير كما كان يحدث فى السابق.. فالنظام والقانون أساس كل شىء.
* صورة عدد كبير من الجماهير وهى تعمل على تنظيف المدرجات وجمع المخلفات عقب انتهاء مباراة الافتتاح بين مصر وزيمبابوى هى صورة حضارية تعبر عن سلوك حقيقى كامن لدى الشعب المصرى عندما يجد أن هناك جهدا وعملا وعرقا وإنجازا يجب الحفاظ عليه وهى الصورة التى نشرتها العديد من وسائل الإعلام فى العالم.
* تنظيم البطولة وحفل الافتتاح يعنى أن مصر تمضى فى طريقها فى البناء والعمران والتنمية رغم كل التحديات والتهديدات من أهل الشر والحاقدين عليها وعلى نجاحها وكانت الرسالة.. "موتوا بغيظكم وإرهابكم".
* وجود الرئيس السيسى مع عدد من كبار المسئولين الأفارقة والسفراء ورئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم يعكس مدى اهتمام القيادة السياسية بالبطولة وبأهمية التقاء الشباب الأفريقى فى مصر رئيس الاتحاد الأفريقى وكسبت مصر احترام العالم كله.
* الأمل والأمنية أن يستمر هذا النظام بعد انتهاء البطولة حتى لا يكون ما نشاهده الآن كحلم ليلة صيف أو طيف جميل مر بخيال المصريين لمدة شهر فقط.. وأن يستمر العمل فى تطوير باقى الملاعب فى بورسعيد والمحلة وطنطا والمنصورة ومدن الصعيد.
* أداء المنتخب الوطنى رغم فوزه فى ضربة البداية قد يبدو غير مطمئن لكن أظن أن الأداء سترتفع وتيرته فى المباريات القادمة.. فمباريات الافتتاح دائما ما تأتى متوسطة المستوى ومتوترة بسبب الحضور الرسمى والجماهير الكبيرة.. وانتظروا القادم بإذن الله.. وتحيا مصر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة