محمد أحمد طنطاوى

لماذا لا تنخفض الأسعار بعد تراجع الدولار ؟

الأحد، 23 يونيو 2019 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

سؤال على لسان الكثير من المواطنين، بالطبع له وجاهته وأهميته ولكن الإجابة عليه مركبة ومعقدة، ارتباطا بالحالة الخاصة، التى يعيشها المجتمع المصرى، والأساليب التى يتبعها الصناع والتجار والموردين، الذين ينفعلون مع الأسعار عندما تكون فى مصلحتهم فقط، فإذا صعد الدولار بمعدل 25 قرشا على سبيل المثال، تجده ينعكس على زيادة الأسعار فى اليوم التالى مباشرة، تحت مسمى "الدولار بيرفع" والخامات مستوردة ولازم نرفع السعر، بينما إذا تراجع الدولار أمام الجنيه وحقق معدلات قياسية وصلت إلى انخفاض أكثر من جنيه و 20 قرشا، خلال الشهرين الماضيين، لا تجد أى تحرك للسوق فى مصلحة المستهلك، والأسعار كما هى أو تزيد فى بعض السلع.

هذه المعادلة المركبة لا توجد فى أى دولة فى العالم، ولا تفسر سوى جشع الصانع والتاجر والمورد، الذى يحاول الحصول على مكاسب بأى طريقة ومهما كانت الظروف، مكاسب من الارتفاع أو الانخفاض على حد سواء، فقد استفاد التجار من التعويم ورفع الأسعار بمعدلات وصلت إلى 150%، حققوا خلالها مكاسب خيالية، إذ كانت مخازنهم مكدسة بالبضائع، ورفضوا بيعها بالأسعار القديمة، ويحاولون الآن الاستفادة أيضا من انخفاض العملة الخضراء بأن يثبتوا الأسعار فى حين أن تكلفة الاستيراد والإنتاج انخفضت بمعدلات معتبرة، كان يجب أن تنعكس على السوق فى صورة انخفاضات بنسب تصل إلى 20 و 30 % ، إلا أن هذا عمليا لم يحدث حتى الآن.

التاجر أبدا لا يغامر بمكاسبه، التى تزيد على 100% فى السلع المستوردة من الخارج، ويحافظ على هذه النسبة مهما كانت الظروف، ويتعلل بفكرة أن الاستيراد لا يتم يوميا، ودورة رأس المال تتحرك فى فترة من 3 إلى 6 أشهر، ولا يمكن أن تنخفض الأسعار قبل هذه المدة، إلا أن الحقيقة هذه المعادلة لا تكون حاضرة عند ارتفاع العملة الخضراء، بما يؤكد نية الجشع والاستغلال، وتحقيق مكاسب دون النظر إلى أبعاد اجتماعية أو ظروف المستهلك أو حتى ظروف البلد التى تسعى بكل الطرق إلى زيادة معدلات النمو وتحسين صورة الاقتصاد وزيادة الإنتاج الذى ينعكس فى النهاية على المواطن وحياته ومستواه الاجتماعى والاقتصادى، فليس للدولة هدف آخر من خلف ما تقوده من تحرك وتنمية سوى رفاهية المواطن شاء من شاء وأبى من أبى.

من أجل مواجهة جشع التجار والصناع والموردين يجب أن تتدخل الدولة لضبط السوق وخفض الأسعار، بعدما تراجع الدولار بمعدلات معقولة خلال الفترة الماضية، ويجب أيضا ألا نلتفت لأحاديث البعض حول دور الدولة وتدخلها فى الاستيراد والتصدير، خاصة أن هذه  الأحاديث ما يراد بها إلا الباطل، فالدولة عندما تتدخل، ليس لها مصلحة سوى المواطن، وتستطيع توفير السلع بجودة عالية، وكميات كبيرة، وأسعار مناسبة دون احتكارات أو تلاعب فى الأسعار كما يحدث فى سلسلة الوساطة بين الصناع التجار والمستهلكين، ولعل أبرز الأمثلة على التدخل الناجح للدولة هو قضية توفير ألبان الأطفال، التى تمكنت الدولة من القضاء عليها خلال فترة زمنية محدودة، وأنهت الأزمة باحترافية شديدة فى أيام قليلة.

يجب أن تتدخل الدولة لوقف مشهد تلاعب التجار بالأسعار، ويجب أن تضع الحكومة خطة واضحة من أجل أن يشعر المواطن ببوادر التنمية، فكما تحمل مع الدولة القرارات الاقتصادية الصعبة على مدار عامين ونصف، من حقه أن يجنى ثمار التنمية، ويرى ما حدث من إنجاز فى صورة سلع وخدمات باتت فى المتناول بأسعار مناسبة.. وللحديث بقية.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة