وجه الدكتور محمد بن على كومان، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، رسالة فى اليوم العالمى لمكافحة المخدرات، تحت شعار " ابتعد عنها.. لا تجربها"، مؤكدًا على أن المخدرات أصبحت من المشكلات الكبرى التى تعانى منها الأمم، والمخاطر العالمية العابرة للقارات والحدود الوطنية التى تهدد أمن واستقرار المجتمعات والدول، بل والانسانية برمتها، لما لها من آثار سلبية ونتائج وخيمة على صحة الفرد وتماسك الأسرة وأمن المجتمع.
وأشار "كومان" إلى أن سلوك المتعاطين وما يترتب عليه من آثار مختلفة وجرائم متعددة وكلفة مادية وبشرية معتبرة نتيجة الإدمان على المواد المخدرة والمؤثرات العقلية بشتى أنواعها، يمثل تحديا أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وصحيا يفرض اتخاذ المزيد من الاجراءات العملية للتصدى لهذه الآفة.
وأكد الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، على أن الانتشار الواسع للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية فى العالم، دفع الدول إلى اتخاذ تدابير لحماية النشء والشباب من هذه الآفة المدمرة التى تسبب الانحلال والفساد الخلقى، والكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، إضافة إلى كونها تضغط على موازنات الدول، لما تستنزفه من موارد مالية وبشرية.
وشدد " كومان" على أن مجلس وزراء الداخلية العرب وانطلاقا من مبادئه ورؤيته الشاملة للأمن يولى أهمية بالغة لمكافحة آفة المخدرات والمؤثرات العقلية ومحاصرة كل طرق تمويلها وصنعها والاتجار غير المشروع فيها، ويحرص على تطويق هذه الظاهرة والحد منها، انطلاقا من توفير سبل الوقاية، والحد من الطلب عليها، ثم رفع مستوى التصدى لها من قبل أجهزة إنفاذ القانون المعنية فى الدول العربية، وتوفير العلاج والتأهيل لمن وقعوا ضحايا لها، إضافة إلى تقديم الرعاية اللاحقة لمن تم علاجهم ومنع انتكاسهم وإعادة دمجهم من جديد فى المجتمع.
وأوضح الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، أن المجلس قد وفر المناخ القانونى والفنى والإدارى المناسب لتنفيذ الإجراءات العملية الهادفة إلى مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية والوقاية منها بإعداد واعتماد الاستراتيجيات والخطط والآليات المختلفة وغيرها، ليتم الاسترشاد بها فى هذا المجال، فمنذ العام 1986م، اعتمد المجلس الإستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون الأمنى العربى فى مجال مكافحة المخدرات، واعتمد تحديثًا لهذه الإستراتيجية فى العام 2016م، جاء ليتوافق مع المعايير الدولية للوقاية من تعاطى المخدرات التى أعدتها الأمم المتحدة، والخصائص الثقافية للأمة العربية والتعاليم الدينية السمحاء، علاوة على إقراره للاتفاقية العربية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية، فى مطلع عام 1994م، إيمانا منه بأن مُواجهة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية هى مسؤولية جماعية مشتركة.
وأشار " كومان" أنه فى الدورة السادسة والثلاثين للمجلس الأخيرة التى انعقدت فى تونس هذا العام، تم اعتماد الخطة المرحلية التاسعة لتنفيذ بنود الاستراتيجية العربية لمكافحة الاستعمال غير المشروع للمخدرات والمؤثرات العقلية، وقد بينت هذه الخطة حجم التهديدات التى يشـكلها إدمان المواد المخدرة والمؤثرات العقلية على الفرد والأسرة والمجتمع فى المنطقة العربية، وركزت على ضرورة إنشاء وتطوير وتمويل مراكز العلاج والرعاية اللاحقة للمدمنين وتشجيع ودعم الهيئات والجمعيات ومؤسسات المجتمع المدنى ذات الصلة، إضافة إلى أهمية تعزيز التعاون العربى مع الهيئات والمنظمات الدولية المتخصصة فى مجال المخدرات والمؤثرات العقلية بجوانبها المختلفة، وقايةً ومكافحةً وعلاجًا، والاستفادة من الخبرات الدولية والتجارب الناجحة والممارسات الفضلى فى هذا المجال.
وفى هذا الإطار، أكد الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، على أن المجلس يحرص على التعاون الوثيق مع مجالس وزراء العدل والصحة والشؤون الاجتماعية فى الدول العربية، مما يسهم فى خلق منصات وبيئات ومناخات ملائمة لمكافحة آفة المخدرات والمؤثرات العقلية بكل جوانبها وجميع أشكالها وأنواعها، ومن ثمار هذا التعاون -على سبيل المثال لا الحصر- وضع القانون العربى الموحد النموذجى للمخدرات، لتستهدى به الدول الأعضاء عند وضع أو تعديل تشريعاتها المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
و شدد محمد بن على كومان، على أن الدرع العربى فى مواجهة مشكلة انتشار المخدرات فى المنطقة العربية، الذى اعتمده المجلس هذا العام، يمثل ركيزة أساسية للتصدى لهذه الظاهرة الفتاكة، انطلاقا من كون آليات تنفيذ هذا الدرع تشمل إنشاء مرصد عربى للتعرف على أنماط واتجاهات انتشار ظاهرة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والطبية، وتطبيق الأنظمة الفعالة فى الكشف عن المخدرات؛ كنظام "بصمة المخدرات"، كما تتضمن هذه الآليات تشكيل فريق عربى متخصص (من قانونيين وعلماء اجتماع وتربويين ومهندسى كيمياء وصيادلة...إلخ) لمواجهة تنامى زراعة وصناعة واستهلاك المواد المخدرة وبيعها وشرائها.
و أضاف كومان، إلى ذلك أن الآلية العربية للإنذار المبكر لرصد المستجدات فى مجال المخدرات والمؤثرات العقلية تمثل وسيلة لضمان سرعة تمرير المعلومات والبيانات وتبادلها حول المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وتشديد الرقابة عليها وفق ضوابط رقابية صارمة، وبناء مرحلة جديدة من التعاون البناء المشترك بين الدول الأعضاء لمواجهة العقبات والمتغيرات والتحديات والتهديدات الناتجة عن تنامى ظاهرتى الإتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والإدمان عليها.
وأوضح الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، أن الاحتفال باليوم العالمى لمكافحة المخدرات هذا العام يأتى والعالم يشهد مزيدا من انتشار المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التى تحصد الأرواح وتكلف الدول خسائر فادحة فى الأنفس والأموال، وتعطل دورة الإنتاج الاقتصادى، وتنشر الأوبئة والأمراض المختلفة، وتهدد مستقبل الأمم والأفراد والجماعات، الأمر الذى يضع على عاتق المؤسسات التربوية والعلمية والصحية والاجتماعية والدينية والأمنية وغيرها من الفاعلين المحليين والدوليين مسؤولية التصدى الفعال لهذه المشكلة وايجاد الحلول الناجعة لها ومعالجة الآثار التى تخلفها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة