ينشر "اليوم السابع" النص الكامل لكلمة النائب علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، بالمؤتمر الدولى حول "دور المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان فى تنفيذ ومتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة" وموضوعه المحدد "موائمة القوانين والسياسات فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة".
ويستعرضها "اليوم السابع" على النحو التالى
:
يسعدنى ويشرفنى اليوم التواجد بين جمعكم الكريم متحدثا ومنصتا ومشاركا بفاعليه فى المؤتمر الدولى حول "دور المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان فى تنفيذ ومتابعة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة" وموضوعه المحدد "موائمة القوانين والسياسات فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة".
كرئيس للجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب وكنائب لرئيس حزب مستقبل وطن أكبر الأحزاب السياسية تواجدا فى المجالس التشريعية وحضورا على الأرض، وكمواطن مصرى قبل كل شئ مهموم بالشأن العام ومشاركا فى الأجندة التشريعية ومراقبا جيدا لما يتم تحقيقه على الأرض فيما يخص تعزيز حقوق الانسان فى مصر وعلاقتها بأهداف التنمية المستدامة التى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 2015 والتى إنعكست كليا فى رؤية مصر 2030 ... أتحدث إليكم اليوم وأعرض ما أقوم به من مهام ومشاركات تعكس الروابط الوثيقة بين حقوق الانسان وبين الأهداف ال17 للتنمية المستدامة.
لقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان حقوق الإنسان فى 10 ديسمبر 1948 بهدف “حفظ كرامة جميع أعضاء الأسرة البشرية، وحقوقهم المتساوية غير القابلة للتصرف فيها كأساس ضرورى لتحقيق الحرية والعدالة والسلام فى جميع أنحاء العالم”. وهى عبارة عن مجموعة من المبادئ العامة أو القواعد التوجيهية، تتمتع بالثقل السياسى والأخلاقي، وقد أصبح هذا الإعلان معيارًا تقاس به درجة احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان والتقيد بأحكامها.
أما التنمية المستدامة، فهى رؤية تهدف إلى تلبية احتياجات الجيل الحالى دون التهاون فى احتياجات الأجيال المقبلة، ولها ثلاثة أبعاد: اقتصادية، وبيئية، واجتماعية – ثقافية.
تقودنا النظرة العميقة فى معانى ومضامين حقوق الانسان وفى أسباب إحتياجنا لمفهوم التنمية المستدامة، وفى غاياتها إلى إدراك عمق العلاقة بين المجالين، ما يدعونا إلى القول بأنه لا تنمية مستدامة من دون حقوق إنسان، ولا حقوق من دون تنمية مستدامة، فالعلاقة بينهما تكاملية كما نوردها هنا:
- من أجل إعمال حقوق الإنسان، لا بد من توفير إطار حقوقى يُمكّن التنمية المستدامة من استيعاب هذه الحقوق وإدماجها فى برامجها، ويجعلها برامج قابلة للتحقيق على أرض الواقع.
- من أجل أن تكون التنمية المستدامة منصفة وعادلة، وتُمكن أصحابها من النمو الاجتماعى والاقتصادي، ومعززة للاستدامة البيئية؛ لا بد من تضمين خططها وبرامجها بحقوق الإنسان التى تُعدّ بمثابة الموجهات لتلك الخطط.
- الحرية أداة التنمية المستدامة وضمان الحقوق وغايتهما: كتب أمارتيا سن Amartaya Sen الفيلسوف والاقتصادى الشهير الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد "إن تحقيق التنمية المستدامة، وبالتالي، وجود تنمية ومساواة اجتماعية، وفقر أقل، وثقافة غنية وحيّة، وبيئة صحية، كلها أمور تتطلب وجود مؤسسات كفؤة، وشفافة، وخاضعة للمساءلة. فهذه المؤسسات تضمن بناء القدرات البشرية، وإيجاد فرص متكافئة، وصون الكرامة والحقوق للجميع. وبحسب هذه الرؤية تكون التنمية ملازمة للحرية. ولا حرية حقيقية من دون إعمال حقوق الإنسان".
وهذا يفسر لنا ظهور مفهوم التنمية القائم على حقوق الإنسان Human Rights Approach ليكون بمثابة إطار عمل يستند إلى المعايير الدولية لحقوق الإنسان، الذى بموجبه تترسخ الخطط والسياسات والبرامج على نظام للحقوق، ومن شأن ذلك أن يساعد فى تعزيز الاستدامة، وتمكين الناس أنفسهم (أصحاب الحقوق) من المشاركة فى رسم السياسات، وعلى مساءلة من يتحملون واجب التنفيذ (وهم المكلفون بالواجبات).
ويمكننى هنا رصد سمات أهداف التنمية المستدامة وعلاقتها بحقوق الاسنان فى خمس عناصر أساسية ينبغى أخذها فى الحسبان:
1. عالمية: أهداف التنمية المستدامة إطار عالمى قابل للتنفيذ وجميع البلدان يتعين عليها إحراز تقدم فى السير نحو تحقيقها، والعمل المشترك من أجل التغلب على التحديات التى تعترض طريقها ومن ضمنها تعزيز حالة حقوق الانسان فى بلدانها.
2. مفضية إلى التحول: خطة عام 2030، باعتبارها خطة من أجل "الناس والكوكب والازدهار والسلام والشراكة"، تتيح نقلة نوعية من نموذج التنمية التقليدى إلى نموذج التنمية القائم على الحقوق والذى يمكن الشعوب من المشاركة الفعالة فى تحقيق غايات التنمية.
3. شاملة: تعمل أهداف التنمية المستدامة 2030 على تحقيق "وجود مجتمعات أكثر سلاماً وعدلاً واحتضاناً للجميع، تخلو من الخوف والعنف" مع الاهتمام بالحوكمة الديمقراطية وسيادة القانون والوصول إلى العدالة والأمن الشخصى (فى الهدف رقم 16)، وبتهيئة بيئة دولية مواتية (فى الهدف رقم 17). ومن ثم، فإن الخطة تغطى قضايا متعلقة بجميع حقوق الإنسان، بما فى ذلك الحقوق الاقتصادية والمدنية والثقافية والسياسية والاجتماعية والحق فى التنمية.
4. جامعة: تسعى إلى "عالم يسود جميع أرجائه احترام المساواة وعدم التمييز" بين البلدان وداخلها، بما فى ذلك المساواة بين الجنسين، وذلك بإعادة تأكيد مسؤوليات جميع الدول عن "احترام حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها، دونما تمييز من أى نوع على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأى السياسى أو غيره من الآراء أو الأصل القومى والاجتماعي، أو على أساس الملكية أو الميلاد أو الإعاقة، أو على أى أساس آخر."
5. تكاملية : النظرة إلى مبادئ حقوق الانسان وأهداف التنمية المستدامة تعمق الصلة بين الاثنين وتؤكد على تكاملهما لخدمة الانسان ورفاهيته وحماية مستقبله.
ومن خلال مراجعتى لتعهدات مصر فى آلية الاستعراض الدورى الشامل ال UPR لعام 2014 وتقييم منتصف المدة للعام 2017 وما يتبعه من تقارير سوف يتم تقديمها فى نوفمبر 2019 أجد أن إلتزامات الدولة المصرية تتقاطع بصورة واضحة مع خمس أهداف رئيسية من أهداف التنمية المستدامة يمكن إجمالها كما يلي:
1. الهدف رقم 4 والمعنى بضمان وصول الفتيات والنساء إلى جميع مستويات التعليم ومجالاته على قدم المساواة مع غيرهم.
2. الهدف رقم 5 والمعنى بتحقيق المساواة بين الجنسين والتأكيد على تمكين وتحسين وضع المرأة فى المجتمع واعتماد تدابير اضافية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
3. الهدف رقم 8 والمعنى بالعمل اللائق للمرأة والشباب وتعزيز النمو الاقتصادى وتحسين ظروف العمل للجميع.
4. الهدف رقم 10 والمعنى بالحد من أوجه عدم المساواة خاصة تعزيز الاحترام والتسامح الدينى والاختلاف الثقافى والتنوع البشرى وضمان حقوق الاشخاص ذوى الإعاقة ومشاركتهم فى الحياة العامة.
5. الهدف رقم 16 المعنى بتحقيق السلام والعدل وبناء مؤسسات قوية وفاعلة للدولة ومنها تبنى سياسات تعزز من آليات الحكم الرشيد وإيجاد مساحات للحوار المجتمعى السياسى وتعزيز الاستقرار وضمان حقوق الانسان للجميع.
وفى الختام أرصد لحضراتكم باختصار بعضا من مؤشرات التقدم فى أوضاع حقوق الانسان فى مصر مما لها علاقة بأهداف التنمية المستدامة وبعضا من أهم ما أنجزته وما تقوم به لجنة حقوق الانسان بمجلس النواب المصرى التى أتشرف برئاستها:
1. المشاركة السياسية للمرأة: بلغت نسبة تمثيل المرأة بالبرلمان 15% لأول مرة فى تاريخ مصر، ووصل تمثيل المرأة بالحكومة إلى 30 % وأقر الدستور بعد تعديلاته الاخيرة حق المرأة فى الحصول على 25 % من المقاعد.
2. المشاركة السياسية للشباب: تعزز الدولة من مساحات مشاركة الشباب فى الحياة العامة فينص الدستور على ان المحليات يجب أن تضمن وجود 25 % من أعضائها من الشباب، وتنظم الدولة بقيادة رئيسها وتحت إشرافه المباشر مؤتمرا سنويا للشباب هو الاضخم فى منطقة الشرق الأوسط، كما يعمل البرنامج الرئاسى والأكاديمية الوطنية للتدريب على تمكين القيادات الشابة من إعتلاء المناصب القيادية فى الدولة جنبا إلى جنب بجوار خبرائها وقياداتها، وتقوم وزارة الشباب والرياضة بتطوير مراكز الشباب لاستيعابهم فى انشطتها الخاصة بالعمل المدني، وقامت مجموعة الاحزاب المصرية بتشكيل تنسيقية شباب الاحزاب التى أصبحت عنصرا فعالا فى المجال العام.
3. تجميد قانون 70 لسنة 2017 الخاص بتنظيم العمل الاهلى وإجراء حوار مجتمعى للوصول إلى قانون متوازن يعزز من حريات العمل الاهلى ويضمن حق التنظيم والمتابعة لمؤسسات الدولة من خلال المبادرة الكريمة التى أطلقها سيادة رئيس الجمهورية أثناء مؤتمر الشباب الأخير، ومن المتابعة نجد أن وزارة التضامن الاجتماعى انتهت بنجاح من تنظيم سبع فاعليات كبرى ناقشت القانون ومخاوف منظمات المجتمع المدنى ومقترحاتهم للقانون الجديد أو تعديلات القانون الحالي.
4. من خلال رئاسة لجنة حقوق الانسان تم طرح قانون تعويض المحبوسين احتياطيا فى حال برائتهم واستبدال الحبس الاحتياطى بإجراءات احترازية بديلة مع تحديد مدة الاحتجاز الاحترازى وهو قانون فى حال اقراره سيمثل نقلة نوعية فى مجال ضمان حقوق المتهمين وضمان تطوير نظم الاحتجاز وأماكنه.
5. أيضا من خلال رئاسة لجنة حقوق الانسان سوف يتم طرح مقترح تشريعى لمناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة فى جميع الاماكن سواء العامة أو العمل أو غيرها من اجل ضمان وجود بيئة داعمة للمرأة المصرية.
6. أيضا من خلال رئاسة لجنة حقوق الانسان تم طرح تشريع يخص الغارمات وإيجاد عقوبات مجتمعية بديله لهن.
7. تقوم لجنة العفو الرئاسى بمراجعة قوائم المحبوسين على اختلاف عقوباتهم وتعمل مع رئاسة الجمهورية على إصدار عفو عن آلاف منهم بلغوا حتى الان اكثر من 15 الف مسجون تعزيزا لمبدأ التوسع فى حرية السجناء.
8. تقوم لجنة حقوق الانسان بتنفيذ زيارات ميدانية متتالية لأماكن الاحتجاز والسجون ومراكز الشرطة ودور الايواء فى مختلف محافظات مصر وتركز على رصد حالة السجناء والمحتجزين وضمان حقوقهم.
9. تتابع اللجنة كافة المحاكمات وتراقب الالتزام بمعايير وضمانات المحاكمات العادلة وفور تلقيها اى شكوى لاى انتهاك تقوم اللجنة ببحثها ومناقشتها مع الجهات المعنية.