د. داليا عبد الغنى تكتب: الإفراط العاطفي

الجمعة، 28 يونيو 2019 03:49 م
د. داليا عبد الغنى تكتب: الإفراط العاطفي د. داليا عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كنت في نقاش مع أحد الأشخاص المقربين إلى نفسي على المستوى الفكري والنفسي، وقد كان يُعلق على نهجي في تعاملاتي مع الآخرين، فكان رأيه أنني أخطئ بسبب إفراطي في العاطفة تجاه الغير، ومحاولاتي في إسعاد من حولي، بشتى الطرق، حتى لو لم يفعلوا معي مثلما أفعل معهم، وأكد أن هذا هو السبب الرئيسي في ظهور الجوانب السلبية في شخصياتهم معي؛ ما يتسبب في اتخاذ قراري بإنهاء هذه العلاقة.

وأعترف أن كل ما قرره صحيحًا، فأنا بالفعل شديدة الإفراط العاطفي، وأجد لذة غير عادية في إسعاد من أثق فيهم وأحترمهم، وأقر بأن الوجه الآخر لهم يظهر، فأضطر آسفة إلى إنهاء هذه العلاقة في نهاية المطاف، حتى لو كانت صداقة امتدت لسنوات.

لكن الأمر الوحيد الذي اختلفت فيه مع هذا الشخص، أنني أنجح في كشف حقيقتهم بسبب هذا الإفراط؛ والسبب أنني مؤمنة بشدة أنك لو أردت أن تعرف معدن وحقيقة من أمامك، فامنحه كل ما يستطيع، وليس المقصود بالمنح هنا، الجانب المادي، ولكن هناك منح عاطفي ودعم نفسي، وتحمل، وغيرها من الجوانب التي تفوق كثيرًا الجانب المادي، فلو ازدادت مشاعره تجاهك، وتمسك بك، وحرص على وجودك في حياته، واحترم مشاعرك وقدرها، فهذا يدل على أن معدنه أصيل وثمين؛ لأن ما حصل عليه زاده تقديرًا لك وإحساسًا بك، فلم يغتر، أما لو حدث العكس، واستهان بك، واستهتر بمشاعرك، وقل تقديره لك، وأصبح لا يعبأ بما يخصك، فهنا يكون الغرور هو الفكر الذي سيطر عليه، وأغمض عينيه عن الحقيقة.

فثق تمامًا أن الإنسان لا يتغير بحصوله عل كل شيء، فهذا ليس تغييرًا وإنما هي حقيقته التي لم تكن طافية على السطح، فالذهب والماس لا يتغير معدنهما أو لونهما، سواء وضعا في الماء، أو حتى في النار.

وعلى الجانب الآخر، فأحب أن أقول أن الإفراط العاطفي، وإن كان فيه بعض التزيد، لخروجه عن قاعدة الوسطية، إلا أنه يدل على نقاء القلب والسريرة، والمصداقية الشديدة في الإحساس، فالإنسان يمكنه أن يحجم أي شيء إلا عاطفته، ولكنها تلقائيًا ما تتأثر بسلوكيات الآخرين، فإما أن تزداد وتترسخ، أو تنهار وتتقلص، وأنت وحدك من تُحدد مكانتك في قلوب وحياة الآخرين، فبإمكانك أن تعيش في قلوبهم، حتى خروجهم من الحياة إلى قبورهم، وبإمكانك أن تموت بداخلهم، رغم أنك حي تُرْزق أمام أعينهم.

فكل ما عليك أن تُقرر أن تكون معدنًا نفيسًا، يزداد بريقه مع الأيام، فهنا ستكون بصمتك كالنقش على الحجر، طالما أنك تتعامل مع قلب يُحبك بصدق، وعنوانه في الحياة هو الإخلاص.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة