بعضنا ومع مرور الأيام يتعرض- للأسف- للإصابة بعرض أو مرض يسمى بذاكرة السمكة أو ذاكرة الذباب. فمع مرور الزمن واستقرار الأمور تبدأ فجأة أعراض هذه الذاكرة، وأتعجب من هؤلاء الذين نضحت عليهم بلا مبرر سمات المعارضة الافتراضية والسوشيالجية الجديدة، لاكتساب شرعية وجود زائفة بكلمات وجمل تائهة مرتبكة ومتسكعة فى العالم الافتراضى لإرضاء نفس مريضة بداء الرفض الدائم.. من منطلق أنا أرفض إذن أنا موجود.. أو جئت هذه الدنيا لكى أعترض- كما قال الأديب الروسى مكسيم جوركى.
أقول ذلك.. بمناسبة جنوح بعض الأصدقاء فى الرفض والسخرية والاستهزاء- أحيانا- من كل ما تم من إنجاز وإعجاز عقب ثورة 30 يونيو التى يحتفل الشعب المصرى بذكراها السادسة هذه الأيام، والتى أثبت فيها هذا الشعب مدى وعيه ويقظته وخوفه على وطنه من الضياع والاختطاف؛ ويبدو أن علينا أن نتذكر طوال الوقت ونذكر الأصدقاء كيف كنا قبل 30 يونيو كيف أصبحنا بعضها.
هل تصلح لغة الأرقام للتذكرة.. أم مشاهد المآسى التى عشناها فى "السنة السودة" لحكم الجماعة الإخوانية..
فهل ننسى كيف عاش المصريون فى الظلام الدامس لساعات طويلة وعانت مصر أزمة كهرباء طاحنة.. هل ننسى كيف تقاتل المصريون فى طوابير الخبز وكل يوم تسقط ضحية من أجل الحصول على رغيف خبز.. هل ننسى طوابير البنزين والسولار.. وطوابير أنابيب البوتاجاز..
وهل ننسى كيف أصابت الفتنة الإخوانية كل مكان فى مصر وانقسم المجتمع على نفسه بين مسلمين وكفار ومسلمين ومسيحيين وبين سنة وشيعة وكيف تم قتل وسحل مسلمين على الهوية الدينية.. وكيف تم الاعتداء ولأول مرة على الكنيسة المصرية ومقرها فى العباسية فى مشهد لم يألفه المصريون طوال تاريخهم.. هل ننسى استحواذ " الأهل والعشيرة" على مفاصل الاقتصاد المصريين وخلق طبقة فاسدة جديدة لم تختلف كثيرا عن طبقة المستفيدين والمحاسيب والأقارب فى عهد مبارك.. هل ننسى انقلاب محمد مرسى على الجماعة الوطنية المصرية التى " عصرت الليمون" وساندته وأيدته على وعد كاذب ووقف وراءه للأسف فى أحد فنادق القاهرة الشهيرة وكانوا أول من أطاح بهم بعد السطو على حكم مصر وإعلانه انحيازه التام إلى الجماعة و" الأهل والعشيرة" وانقلابه على تاريخ مصر وزعماءها منذ أول خطبه له" وما أدراك ما الستينات" نكاية فى زعيم 23 يوليو وقائدها جمال عبد الناصر والهجوم عليه إلى الإفراج عن الإرهابيين وقتلة السادات ودعوتهم للاحتفال فى استاد القاهرة فى ذكرى الاحتفال بنصر أكتوبر المجيد.
هل ننسى محاولة أخونة القضاء ومحاصرة مدينة الإعلام والعداء لجهاز الشرطة ثم الجيش.. هل ننسى إهانة جنودنا فى سيناء فى صورة لم تحدث فى تاريخ قواتنا المسلحة حتى من العدو التاريخى لمصر والأمة العربية.. هل ننسى الجيش الموازى الذى أرادت جماعة الإخوان تشكيله فى سيناء لمحاربة الجيش المصرى.. هل ننسى حالة مصر السياسية والاجتماعية والثقافية فى تلك السنة السودة التى حكموا فيها فى غفلة من الزمن. هل ننسى صفقة أوباما التى وافق عليها مرسى لإقامة الدولة الإسلامية على جزء من أرض سيناء. هل ننسى وعود مرسى للبشير للتخلى عن حلايب وشلاتين.
هل نأتى للأرقام التى لا تكذب عن الاقتصاد المصرى فى سنة الإخوان.. وليكن.
لم تكن ثورة الشعب المصرى التى حماها الجيش فى 30 يونيو 2013 لإنقاذ مصر من استبداد تيار الإسلام السياسى المتمثل فى احتكار جماعة الإخوان للسلطة فحسب، وإنما كان تدهور الأحوال المعيشية والاقتصادية إلى حد الانهيار كان من بين الأسباب الرئيسية لنزول ملايين الشعب المصرى للمطالبة بإسقاط نظام الجماعة.
فلم يتعرض الاقتصاد المصرى لحالة انهيار وإفلاس كما شهدته فى زمن الاخوان وهو ما اضطر رئيس الوزراء فى عام حكم مرسى الدكتور هشام قنديل إلى التلميح بما يشبه افلاس مصر. ومن ينسى أزمات الكهرباء ورغيف الخبز والوقود وأنابيب البوتاجاز وسقوط الضحايا فى طوابير الأزمة يوميا، ووصل العجز فى عهد الإخوان إلى مستوى قياسى ليبلغ 200 مليار جنيه، وخفض تنصيف مصر الائتمانى وتراجع احتياطى النقد الأجنبى لمستوى أقل من 15 مليارات دولار.
تعامل الإخوان مع الاقتصاد أظهر إفلاسهم المستمر فى التعامل مع جميع القطاعات، وأدت الأزمة السياسية إلى مزيد من التدهور فى كافة القطاعات الاقتصادية، ومع زيادة الدين إلى تراجع معدلات النمو إلى تآكل الاحتياطى النقدى من العملة الصعبة وتهاوى مؤشرات البورصة، أصبح الاقتصاد المصرى فى مرحلة صعبة حيث لم يتوقف نزيف الخسائر خلال 12 شهرًا وذلك بعد كان يتم التضييق على بعض المستثمرين لصالح رموز الإخوان، إلى جانب أخونه المناصب الاقتصادية العامة وسحبت جماعة الإخوان البساط من منظمات الأعمال خاصة جمعية رجال الأعمال المصريين، حيث أسست جمعية تضم رموز الإخوان لتكون واجهة الجماعة لمن يرغب فى التقرب إليها ومرافقة مرسى فى جولاته للخارج.
إحصاءات البنك المركزى المصرى فى هذا العام الاخوانى كشفت عن أرقام كارثية فارتفع الدين العام خلال فترة حكم الإخوان بنحو 23.36% بعدما سجل مستوى 1527.38 مليار جنيه مقارنة بقترة المقارنة فى عام 2012 والتى كانت مستويات الدين عند 1238.11 مليار جنيه، كما زادت نسبة الدين العام المحلى إلى الناتج المحلى بنحو 10%، بعد أن ارتفعت من 79% إلى نحو 89% خلال عام الإخوان، إلى جانب استمرار تآكل الاحتياطى النقدى من الدولار لدى البنك المركزى ووصل إلى نحو 14.93 مليار دولار بدلا من 15.53 مليار دولار بنسبة انخفاض قدرها 3.8%..
ووصل معدل النمو الاقتصادى وقتها لحوالى 2% فقط وهو أقل من معدل الزيادة السكانية، ما يعنى أن حجم الاقتصاد المصرى لم يكن ينمو بل يقل وينكمش وارتفع معدل البطالة، تحت حكم مرسى، إلى 13،6% مقارنةً بـ8،9% فى عام 2010، كما تفاقم العجز الكلى من 8،1% فى عام 2010 ليتجاوز 13،7% بنهاية يونيو من عام 2013، وتراجعت معدلات النمو الاقتصادى من 5،1% عام 2010 إلى 2،1% فى عام 2013.
أما على الصعيد العالمى فصدرت الكثير من التقارير السلبية حول مستقبل الاقتصاد المصرى حتى أن صحيفة "وول ستريت جورنال" قالت أن ثمّة 11 دولة حول العالم مهددة بالإفلاس من بينها مصر، وذلك بسبب المشكلات الاقتصادية الكبيرة التى تواجهها، وقبلها بأشهر، قال مسئول أوروبى بارز أن مصر على حافة الإفلاس والانهيار الاقتصادى، مقدراً أن انقاذ مصر اقتصاديًا يحتاج إلى 20 مليار دولار، فيما قال مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى، فى تقرير أن الوضع الاقتصادى لمتأزم فى مصر، مشيًرا حينها إلى تراجع احتياطيات النقد الأجنبى فى البلاد وارتفاع عجز الموازنة والدين العام.
هذه هى الحقيقة لمن أصابته ذاكرة السمكة وذاكرة الذباب.. وعندما استقرت مصر واستعادت وعيها وأمنها وقوتها وبدأت فى البناء والتنمية انحاز وبدون وعى إلى حملة أكاذيب الجماعة الإرهابية فى التطاول على مصر ورئيسها وما حققته فى أقل من 4 سنوات.. واستكثر أن يكون مؤيدا وداعما لقيادته الجديدة وواعيا بحجم المخاطر والتحديات التى تواجه وطنه فراح يستعرض غباءه ومعارضته الزائفة الوهمية كواحد من " المعارضة السوشيالجية" الجديدة التى ابتلينا بها.
من ينكر أن ثورة 30 يونيو أنقذت شعب ووطن بكامله كاد- والعياذ بالله- أن ينجرف نحو التفتت والتمزق والتقاتل الأهلى.. انظروا إلى الخريطة من حولكم.. وكيف حمى الجيش المصرى العظيم الوطن من الانهيار والتفتت وضحى أبناءه – ومازالوا- بأرواحهم حتى تبقى مصر حرة مستقلة.
أين مصر الآن وسط العالم.. فهى قائدة لقارتها ولأمتها العربية واستعادت ثقة العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا.. فى سنوات قليلة أنجزت مصر مشروعات قومية كبرى وبرامج تنموية غير مسبوقة.. فى الطاقة والكهرباء والغاز والاكتشافات البترولية الجديدة والطرق والجسور والكبارى والأنفاق والمدن السكنية جديدة والقضاء على العشوائيات والبرامج الصحية والاجتماعية.ومشروع تنمية سيناء وغيرها.. ومازال المشوار طويلا.. رغم الصعوبات والتحديات.
أيها المصريون تمسكوا بدولتكم ودافعوا عنها بوعيكم التاريخى ومخزونكم الثقافى والحضارى وثقوا بقيادتكم.. وكل عام ونحن وثورتنا المجيدة بخير.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة