روساتوم: تكنولوجيا الطاقة النووية أصبحت أكثر أمانًا وكفاءة من أى وقت مضى
رئيس هيئة المحطات النووية السابق: استخدام الطاقة النووية جنب العالم انبعاث 2 مليار طن من الغازات سنويا
تعتبر محطات الطاقة النووية، أحد أهم إنجازات العصر الحديث، لما قدمته للعالم من مصادر آمنة وذات كفاءة عالية فى إنتاج الكهرباء، منذ أكثر من 60 عاما مضت، حيث تولد أكثر من 449 مفاعلا نوويا حول العالم ما يصل إلى 11% من الكهرباء المستخدمة عالميًا، بما حقق تطور وطفرة فى مجال الصناعات التى تعتمد على الطاقة.
فى 26 يونيو 1954، وفى تمام الساعة 5:45 مساء بتوقيت موسكو، شهد العالم وتحديدًا الاتحاد السوفيتى إنشاء أول محطة للطاقة النووى المعروفة باسم "أوبنينسك" والتى تقع فى أوبنسك إقليم كالوجا، لتوليد الكهرباء، وتشغيل شبكة الكهرباء فى الاتحاد السوفيتى، وتوالت بعدها افتتاحات محطات الطاقة النووية، حيث افتتحت انجلترا ثانى محطة عام 1957، ثم تم إنشاء محطة شحن كهربائية بواسطة محطة للطاقة الذرية فى الولايات المتحدة متصلة بالشبكة.
واحتفلت شركة روساتوم، الروسية، المسئولة عن بناء المحطة النووية المصرية فى الضبعة، والمتخصصة مجال الطاقة النظيفة، قبل أيام بعيد الميلاد الـ65 لصناعة الطاقة النووية الروسية، تزامنًا مع ذكرى إنشاء أول محطة للطاقة النووية فى العالم فى مدينة أوبنينسك الروسية.
أول محطة طاقة نووية فى العالم
بدأ تأريخ بناء المحطة النووية الأولى فى العالم، فى أكتوبر 1945، حيث استعرضت اللجنة الفنية، التى أنشئت فى إطار مجلس مفوضى الشعب فى الاتحاد السوفيتى فى المديرية الرئيسية الأولى مذكرة للأكاديمى بيتر كابيتسا "حول استخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية"، ثم تولى رئيس أكاديمية العلوم سيرغى فافيلوف القيادة العامة للعمل على الذرة السلمية، وبعد ذلك وضح إيجور كورشاتوف أفكاره حول إمكانية استخدام مفاعلات الجرافيت المخصب باليورانيوم لإنتاج الكهرباء.
وفى 16 مايو 1949 أصدرت حكومة الاتحاد السوفيتى، مرسومًا بشأن إنشاء أول محطة للطاقة النووية، تم تعيين كورشاتوف، الذى يعرف بأحد أهم علماء الطاقة الذرية فى الاتحاد السوفيتي آنذاك، مشرفًا على البحوث، وتم تعيين نيكولاى دولليزال مصممًا رئيسيًا للمفاعل، وفى مايو 1950، أصدرت الحكومة قرارًا بشأن بدء العمل فى بناء أول محطة للطاقة النووية، وبعد مرور عام، تم حل مسألة مكان بنائه، حيث صدر القرار الثانى لمجلس وزراء الاتحاد السوفيتى فى عام 1951 بوضع التدابير اللازمة لبناء أول محطة للطاقة النووية.
لبدء المفاعل تم تعيين 4 موظفين لتناوب العمل بالمفاعل، حيث ترأس المجموعة الأولى عالم الفيزياء النووية السوفيتى ب.ج.دوبوفسكى، الذى كان لديه خبرة فى تشغيل أول مفاعل F-1 فى الاتحاد السوفياتى، والذى تم تنفيذه تحت إشراف كورشاتوف فى 26 ديسمبر 1946، ثم عُيّن ن.نيكولاييف مديراً لأول محطة للطاقة النووية، وحاز الموظفين الأربعة على جائزة لينين لمشاركتهم فى بداية تشغيل المحطة وتطويرها.
أصبحت محطة الطاقة النووية الأولى عالميًا، مطابقة لمعايير التصميم فى أكتوبر عام 1954، وتم توصيل التيار الكهربائى المولد من أول محطة للطاقة النووية فى العالم عبر شبكة الكهرباء للمستهلكين .
خروج المفاعل من الخدمة
بحلول عام 2000، فاقت عمليات التشغيل لمحطة أوبينسك للطاقة النووية، التى خدمت 48 عامًا من التشغيل، لتحقق عمرًا افتراضيًا أطول مما كان مخطط لها بـ18 عامًا، وأصحبت غير مجدية اقتصاديا، وبالفعل تم إيقاف المفاعل فى 29 إبريل 2002.
مركز إشعاع ثقافى نووى
ونظرًا لخصوصية محطة الطاقة النووية كمصدر للإشعاع، أصبحت المحطة فى الوقت الحالى إلى جانب عمليات وقف التشغيل، مجمعًا تذكاريًا ومركزًا تعليميًا، حيث تستضيف العديد من الرحلات الاستكشافية لأطفال المدارس والطلاب كما تزورها أيضا وفود الأجنبية.
ويستقبل المجمع سنويًا أكثر من 5 آلاف زائر، ما بين رؤساء الوزارات والإدارات المختلفة، بما فى ذلك وزراء الدول الأجنبية، وموظفو شركات مؤسسة روسآتوم الحكومية، وطواقم الغواصات النووية، وخريجو الأكاديميات العسكرية، والدارسين للطاقة النووية وغيرهم.
مستقبل الطاقة النووية
وقال أليكسى ليكاتشوف، المدير العام لشركة روساتوم الروسية: "إذا نظرنا إلى الوراء على مدى السنوات الـ65 الماضية، سنجد أن تكنولوجيا الطاقة النووية قد طرأ عليها تطورا هائلا جعلها أكثر أمانًا وأكثر موثوقية وأكثر كفاءة من أي وقت مضى، فمنذ عام 1954، استطاعت صناعة الطاقة النووية السلمية أن تتعلم العديد من الدروس وأن تقدم الكثير من ضمانات الأمان وأن تحقق أفضل الممارسات فى هذا المجال فضلا عن اعتماد معايير عالمية للجودة والسلامة بحيث أصبحت فكرة العالم بدون طاقة نووية الآن غير واردة".
أليكسى ليكاتشوف، الرئيس التنفيذى لشركة روساتوم الروسية
وتابع ليكاتشوف، خلال احتفالية مرور 65 عامًا على المحطة النووية الأولى فى العالم:" "واليوم، فى عام 2019 ، نحن فخورون بأننا قادرون على تقديم أحدث مفاعل نووي من الجيل الثالث المطور VVER-1200 حيث يكون إنتاج الطاقة أكبر من أي وقت مضى، وقد تم تعزيز السلامة بشكل أكبر."
أهمية محطات الطاقة النووية للعالم
وحول أهمية محطات الطاقة النووية للعالم، قال الدكتور على عبد النبى، نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقا، إنه يوجد الآن 449 مفاعل نووى لتوليد الكهرباء فى العالم، كما يجرى حاليًا بناء 54 مفاعل نووى لتوليد الكهرباء على مستوى العالم.
وأكد عبد النبى، لـ"اليوم السابع"، على أن المحطات النووية لا تنتج تقريباً أى انبعاثات من الغازات الدفيئة أو ملوثات الهواء أثناء تشغيلها، كما أنه خلال دورة حياتها بأكملها تكون مستويات انبعاثات الغازات الدفيئة منخفضة للغاية، فالطاقة النووية تعد خيارا فعالا للحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى، وتساهم المحطات النووية بشكل كبير فى تلبية متطلبات الطاقة المتزايدة لعدد سكان العالم المتزايد ودعم التنمية المستدامة العالمية فى نفس الوقت.
الدكتور على عبد النبى، نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقا
وأشار نائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقا، إلى أن استخدام الطاقة النووية جنب العالم انبعاث 2 مليار طن من الغازات سنويا، واستخدام الطاقة النووية بديلاً عن الطاقة الأحفورية فى توليد الكهرباء خلال الـ60 عاماً الماضية، منع أكثر من مليونى حالة وفاة بسبب تلوث الهواء، قائلاً:"الطاقة النووية، هى البديل الوحيد للطاقة الأحفورية، لأنها طاقة مستمرة وتستطيع الوفاء بمتطلبات الحمل الأساسى للشبكة، ولأن الطاقة المتجددة والمتمثلة فى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، تعتبر طاقة مكملة وليست بديلة، لأنها طاقة متقطعة، ولكى تصبح طاقة بديلة فهى فى احتياج لوسائل تخزين ضخمة وغالية الثمن، وينعكس ذلك على ارتفاع سعر الكيلو وات ساعة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة