- كيف أبهرت مصر قادة العالم بتجربتها الناجحة من شبح الانهيار في 2011 إلي ركيزة الاستقرار فى محيط ملتهب؟
- اللقاءات الثنائية للرئيس السيسى على هامش القمة منتقاه بعناية فائقة وليست لـ"الشو" بل لتحقيق مصالح مصر وأفريقيا والعرب
- "ترامب يهين "أردوغان" ويهتم بـ"محمد بن سلمان" فى اللقطة المجمعة.. ويحذر تركيا وإيران ويتلاعب بطموحات "التنين الصيني"
- بوتين ينتقد ليبرالية الغرب ويعبر عن امتعاضه من سياسات ميركيل الحاضنة للمهاجرين
- "أوساكا" تبهر الحضور بروعة التنظيم.. شاشات عملاقة فى قاعة المؤتمرات ولوچيستيات ليس لها مثيل. والشعب الياباني يواصل تقديم القدوة في القيم والأخلاق
لم تكن أجواء مدينة اوساكا التى تقع جنوب جزيرة هونشو أكبر الجزر في اليابان، أقل حرارة من التصريحات التي خرجت من قادة مجموعة العشرين، قبيل انعقاد قمتهم على مدار يومين، رغم السماء الملبدة بالغيوم والأمطار التي كانت تسقط بغزارة بين ساعة وأخرى، وهو ما يبرر اهتمام وسائل الإعلام العالمية الحاضرة بكثافة في مقر انعقاد القمة، حتي أنه على الرغم من المساحات الشاسعة التي خُصصت لهذه القمة، إلا أن الحضور الكبير لممثلي وسائل الإعلام من مختلف دول العالم جعل هذا المكان المترامي الأطراف يضيق بأهله وبالضيوف، وهو ما اضطر عدداً من القنوات لاختيار أماكن خارج القاعات المخصصة لهم وحتي خارج حدود مركز المؤتمرات لنقل الحدث واستضافة المحللين.
وقبل الدخول إلي تفاصيل هذه الصراعات، فإن التنظيم الجيد للقمة حظي بإشادة المتواجدين من قادة ومسئولين وممثلي وسائل الإعلام، حيث تستمر اليابان في إبهار العالم بقيمها الفريدة، وتكنولوجيتها المتداخلة في كافة الإجراءات.
ووفٌر المنظمون الصحف المحلية بعدة لغات للتيسير على المشاركين، إضافة إلي الاستعانة بشباب وفتيات على مستوي عالٍ من الذكاء والقدرة علي التواصل مع جميع الضيوف لتذليل العقبات، ومعرفة خريطة الفعاليات والمؤتمرات الصحفية، مع الاستعانة بشاشات عملاقة لمتابعة اللقاءات والجلسات المنعقدة علي هامش قمة العشرين، فضلاً عن اللوچيستيات عالية الجودة ودقة التوقيتات وفقاً لما هو معلن لنقل الوفود الإعلامية من وإلي مركز المؤتمرات وفنادق الإقامة.
وبعيداً عن روعة التنظيم، فإن صراعات القوة كانت حاضرة أيضاً في قمة العشرين، وحاول كل رئيس دولة بسط نفوذه وجذب الكاميرات باتجاهه، خاصة في ظل العداء السياسى والاقتصادى الواضحين والسياسات المتنافرة بين أغلب دول المجموعة.
فأمريكا وإن بدت أنها تريد التقارب مع الصين، إلا أن تصريحات رئيسها دونالد ترامب كانت تحمل معاني كثيرة، حيث قال فى مؤتمر صحفي بأوساكا، إن واشنطن لن تفرض رسوماً جديدة على الصين، لكن الولايات المتحدة لن تتراجع عما جرى فرضه، في وقت سابق؛ وعقب لقاءه مع نظيره الصيني، شي جين بينج، على هامش قمة العشرين، صرح ترامب بأن الولايات المتحدة والصين، ستستمران في التباحث لأجل التوصل إلى اتفاق أشمل بشأن التجارة بينهما، مؤكداً السماح للشركات الأمريكية بأن تبيع منتجاتها لشركة هواوي الصيني والتى فرض عليها حظراً، في وقت سابق، بسبب مخاوف متعلقة بالتجسس والأمن القومى.
فى المقابل، استهدف الرئيس الصيني الولايات المتحدة بتصريح غير مباشر، حيث حذر من أن مذهب الحماية الاقتصادية الذي تتبعه بعض الدول يحطم الاقتصاد العالمى، وهو ما يشير إلى انتقاد سياسات الإدارة الأمريكية التى فرضت العديد من التعريفات الجمركية على البضائع الصينية.
ولم تخل نبرة التهديد فى أحاديث "ترامب" لكل من تركيا وإيران، فالأولى انتقدها ترامب بسبب نظام الدفاع الصاروخي الروسي "إس 400" الذي اشترته أنقرة من موسكو، وتترقب استلامه في يوليو القادم،مؤكداً أن واشنطن ما زالت تبحث فرض عقوبات على تركيا، بسبب شراء المنظومة الروسية التي تشكل خطرا على طائرات "إف 35" وفقاً لوجهك النظر الأمريكية.
وبالنسبة للثانية (إيران)، فإن ترامب حذر من أن أمريكا تأمل ألا تضطر إلى استخدام القوة ضد إيران، بسبب استهداف ناقلات للنفط وإسقاط طائرة أمريكية بدون طيار فوق مضيق هرمز؛ لكن اللافت هنا أن التهدسد العسكرى الأمريكي لإيران مستبعد، حيث يري مراقبون أن طهران تشكل ورقة ضغط أمريكية علي بعض دول منطقة الشرق الأوسط، لتحقيق مصالحها، حيث تكررت هذه التصريحات دون إجراءات علي الأرض، سوn تصريحات بفرض عقوبات اقتصادية علي إيران.
وفى مشهد لافت، أثناء التقاط الصورة المجمعة للقادة وضيوف القمة، تجاهل ترامب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي بدا ذليلاً في هذه اللقطة ينتظر اهتماماً من الرئيس الأمريكي، الذي ضرب على ذراع أردوغان بشكل ساخر دون أن يلتفت إليه، فيما كان اهتمامه واضحاً بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ودارت بينهما أحاديث خلال القمة، حتي أن الصحف وووسائل الإعلام السعودية أبرزت هذه اللقطة وجعلت منها عنوانها الرئيسي في صدر صفحاتها ونشراتها.
الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، هو الآخر شن هجوماً لاذعاً علي الديمقراطيات الغربية، وبشكل صريح هاجم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لفتحها أبواب الهجرة أمام عدد كبير من اللاجئين في بلادها، مضيفاً فى مقابلة صحفية أن فكرة الليبرالية تفترض أن المهاجرين يمكنهم القتل والسلب والاغتصاب دون حساب، لأنه ينبغي حماية حقوقهم كمهاجرين؛ قائلاً إن الليبراليين لا يمكنهم إملاء أي شيء على الجميع، لأن الليبرالية مسألة تجاوزها الزمن.
المشاركة المصرية فى القمة كانت مميزة ولافتة، رغم أن مصر ليست عضواً فى المجموعة، إلا أن دعوة رئيس الوزراء الياباني للرئيس السيسى لحضور هذه القمة، تؤكد على استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية فى مصر، وكذلك وضعها المحورى في محيطها الإقليمى والعالم.
وإلي جانب ذلك، فإن المشاركة المصرية استثمرت القمة لمصالحها المحلية والأفريقية والعربية، خاصة أن مصر تترأس الاتحاد الأفريقى.
وأجبرت الإجراءات الجريئة والإصلاحية التي اتخذتها مصر عقب ثورة 30 يونيو، المؤسسات والمنظمات العالمية إلي الاعتراف بنمو الاقتصاد المصرى وتجاوز كافة الهبات والتحديات التي كانت تواجهن.
وخلال اللقاءات التو جمعت الرئيس السيسي بمختلف القادة والزعماء المشاركين في قمة العشرين سواء رئيسي وزراء اليابان وإيطاليا أو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كان هناك إجماعاً خلال هذه اللقاءات علي الإشادة بالتجربة المصرية الناجحة.
ووفقاً للسفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، فإن مصطلح التجربة المصرية الناجحة تكرر خلال مختلف هذه اللقاءات.
وفى هذا الإطار أكد المتحدث باسم الرئاسة، أن مصر تحولت من دولة كانت تعاني اضطرابات شديدة خلال عام 2011 الي دولة تحقق مؤشرات اقتصادية مرتفعة ، ومعدلات تنمية جيدة ، فضلاً عن زيادة معدل الاحتياطي النقدي الأجنبى، مشيراً إلى أن البيانات الرسمية التي تصدرها المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي، أضفت مصداقية كبيرة علي التجربة المصرية الناجحة.
وحقق الرئيس السيسى أقصى استفادة من المشاركة فى هذه القمة، حيث استهل نشاطه بمجرد وصوله إلي أوساكا بقمة مهمة مع رئيس الوزراء الياباني "شينزو آبي" الذي رحب بالرئيس السيسى في زيارته الثانية لليابان، والتي من شأنها أن تساهم في تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، لا سيما فيما يتعلق بالتعاون التنموي المشترك، مؤكداً في هذا الصدد أن اليابان تولي لعلاقاتها مع مصر أهمية خاصة على صعيدي التعاون الثنائي والتشاور السياسي، وذلك لمحورية دور مصر في محيطها الإقليمي ومنطقة الشرق الأوسط، كما أشار إلى اعتزام اليابان تكثيف جهودها في تنفيذ المشروعات الثنائية في مختلف المجالات المتفق عليها، خاصة التعليم، الثقافة، التكنولوجيا، الطاقة، والنقل، بالإضافة إلى المتحف المصري الكبير الذي يعد أيقونة للتعاون الثقافي والحضاري بين البلدين والذي من شأنه ان يدعم قطاع السياحة في مصر.
وشارك الرئيس السيسي فى قمة أفريقية تنسيقية مصغرة على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين بأوساكا، والتي جمعته بكلٍ من رئيس جنوب أفريقيا "سيريل رامافوزا"، والرئيس السنغالي "ماكي سال"،
حيث أكد ضرورة تحقيق التوازن والمصلحة المتبادلة ما بين الدول الافريقية والشركاء الدوليين من منظور يهدف لتحقيق المنفعة لشعوب ودول القارة الأفريقية في تطلعاتها التنموية في مختلف المجالات، مع تأكيد انفتاح أفريقيا للتعاون مع مختلف دول العالم.
كما شارك الرئيس السيسى فى القمة الصينية الأفريقية المصغرة على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين بأوساكا، والتي جمته بكلٍ من الرئيس الصيني "ورئيس جنوب أفريقيا، والرئيس السنغالى وسكرتير عام الأمم المتحدة "أنطونيو جوتيريش.
وأكد الرئيس خلال القمة حرص مصر علي القيام بدور فاعل وداعم لتحقيق الأهداف المرجوة من المشاركة بين الصين وأفريقيا، لا سيما في ظل رئاستها الحالية للاتحاد الأفريقي، مع التركيز في هذا الصدد على أولويات التنمية في أفريقيا على أساس الملكية الوطنية لبرامج التنمية وأجندة التنمية الأفريقية 2063 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وذلك بالتنسيق والتعاون المستمر مع أشقائنا في القارة الأفريقية، و أشار إلى أهمية بلورة نماذج عملية لتعزيز تعاون الصين مع أفريقيا، من خلال إقامة شراكات فاعلة وبحث أفضل السبل لتمويل مشروعات البنية التحتية في أفريقيا، مثل ممر القاهرة/كيب تاون، ومشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وغيرها من مشروعات البنية التحتية الهامة في القارة، وذلك لاهمية لمثل هذه المشروعات لتعزيز حركة التجارة البينية بين الدول الأفريقية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية فيها وتوفير فرص العمل لأبنائها، خاصةً مع دخول اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية القارية حيز النفاذ، معرباً عن التطلع إلى دعم كافة شركاء القارة وعلى رأسهم الصين لتحقيق الخطوات التنفيذية والتشغيلية لهذه الاتفاقية على أرض الواقع بما يحقق تطلعات شعوب ودول القارة الأفريقية.
وفى كلمته أمام جلسة "عدم المساواة" بين الدول المتقدمة والنامية استعرض الرئيس السيسى الرؤية المصرية فى هذا الصدد ، مؤكداً المسئولية الجماعية في مكافحة الإرهاب والتصدي للفكر المتطرف، وقال الرئيس:"مازالت أطر حوكمة النظام الاقتصادي والمالي العالمي، تحتاج إلى إصلاح يعكس مشاركة العالم النامي في عملية اتخاذ القرار بشكل عادل وشفاف"
وعقد الرئيس السيسى لقاء مهماً معزممثلي مجتمع الأعمال ورؤساء كبرى الشركات في اليابان، حيث أشاد الرئيس بالتطورات الإيجابية التي شهدتها العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر واليابان، خلال الأعوام القليلة الماضية، لا سيما في ظل زيادة الزيارات المتبادلة بين كبار المسئولين من البلدين؛ كما أشار الرئيس إلى ما توفره المشروعات العملاقة الجاري تنفيذها فى مصر من فرص استثمارية متنوعة، وفى مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، والتى تتضمن عدداً من المناطق الصناعية واللوجستية الكبرى، وهو ما يوفر فرصاً واعدة للشركات اليابانية الراغبة في الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، التي تربطنا بالعديد منها اتفاقيات للتجارة الحرة، لا سيما في المنطقتين العربية والأفريقية.
وحظيت مباحثات الرئيس السيسى مع نظيره الروسى فيلاديمير بوتين باهتمام وسائل الإعلام فى مصر وروسيا، حيث تمراستعراض جهود استئناف حركة الطيران ومشروع محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسيية.
وجاءت مباحثات الرئيس السيسى وولي العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان لتؤكد على المصير المشترك بين مصر والسعودية والخليج بصفة عامة، حيث جدد الرئيس السيسى التأكيد على ارتباط أمن منطقة الخليج بالأمن القومي المصرى، كما تصدرت:الأزمه السورية مباحثاتهما.