في أكتوبر ٨١ كانت الأجواء السياسية و الأمنية في مصر في غاية الصعوبة. الرئيس السادات اغتالته رصاصات الغدر على المنصة أثناء عرض عسكري. الجماعات الإرهابية تستعد للاستيلاء على الحكم بالقتل والدم. مصر بلا رئيس. عيد الأضحى يأتي ثقيلا حزينا. جنازة الرئيس لم يحضرها سوى الأصدقاء الجدد للرئيس الراحل. المقاطعة العربية استمرت مع الحزن والاستعداد للرئيس الجديد.
فى مدرسة جمال عبد الناصر الثانوية العسكرية القلق والتوتر والخوف يسيطر على دفعة الثانوية العامة الجديدة التي انهت منذ اسابيع قليلة الاجازة الصيفية استعدادا للسنة الكبسة. نقطة التحول في مسير ومصير كل طالب مصري وقتها قبل المدارس الأجنبية والثانويةالامريكية والدولية.
القلق يدفعنا الي السؤال عن مصير الدراسة. فأحلام الدفعة على وشك التحقق وأبواب الجامعات تستعد لاستقبال تلك الأحلام.
استمرت الدراسة دون توقف وتجاوز مصر مرحلة الخطر ودهست ارهاب جماعات العنف والقتل. قيادة المدرسة الإدارية لاتختلف في جديتها وقوتها عن إدارتها العسكرية.. مواقف كثيرة لاتنسى من شقاوة المرحلة بكل ماتعني الكلمة.. مناوشة المدرسين.. ولا مانع احيانا من المدير الاستاذ محمد دار.. رحمه الله.. قليلا من الحب البدائي مع مدرسة البنات الثانوية في الضفة الأخرى من المدينة.. كثيرا من الجد والاجتهاد والالتزام والتنافس الدراسي للحصول على المراكز الأولى في القسم العلمي والقسم الأدبي.
مرت سنوات كثيرة وحصلت المدرسة على المركز الأول على المحافظة وحققت ارقامنا قياسية وحصل كاتب السطور على المركز الأول في الأدبي وأشرف ابو حلاوة علمي علوم ومحمد مكي علمي رياضة.
التحق كل طالب من الدفعة بالكلية التي كان يتمناها.. و التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة.. وكانت الكلية الوحيدة للإعلام في مصر وقتها.
سنوات كثيرة مرت وتقطعت السبل بالبناء الدفعة الفذة والمتفوقة.. منهم من هاجر ومنهم من سافر الي دول الخليج العربية والباقي انشغل في معركة المعيشة داخل مصر
وتفرق الجميع ولم يبقى سوي ذكريات وحنين الي سنوات البراءة
لكن كيف نلتقي وقد باعدت السنون والايام والحدود بيننا
جاءت الفكرة عبر الفيس بوك ووجهت نداء للدفعة والتقينا اخيرا ثاني أيام العيد على إحدى المراكب السياحية على نيل دسوق وبدعوة كريمة من الصديق ابراهيم عبد الرحيم.. المفاجأة ان اعداد غير متوقعة جاءت لحضور اللقاء.. الزمن بالتأكيد لعب لعبته على الملامح لكن لم تختفي روح الصداقة والمحبة والحنين لسنوات الثانوية العامة ٨٢.لم تتوقف الضحكات التي اختلط بدموع الحكايات الجميلة عن تلك الايام
مرت الساعات سريعة جدا وانتبه كل منا الي مشاغل الزمن الحاضر وتبدلت ملامح الوجوه فجأة. لكن بقيت بعضا من سعادة للحظات تمنينا جميعا أن تتكرر.. شكرا للاصدقاء أبناء دفعة ثانوية جمال عبد الناصر العسكرية ٨٢.. فقد يهون العمر الا ساعة وقد تهون الأرض الاموضعا.. كما قال أميرالشعراء أحمد شوقي