تختفى الساحة الرمادية، لا نريدها ولا نحب من يسكنها، لا نؤمن بهم ولا نستأمنهم، تلك الأيام هى عنوان الحقيقة، إما أن تكون سندا لوطنك ومؤسسات دولتك، أو تكون مع هؤلاء الذين اختاروا اللعب مع العقارب التى تسعى وتنفق لإيذاء هذا الوطن وأهله.
لا مكان للميوعة وأهلها، اللحظة لحظة الرجال، لا تعرف هؤلاء الذين تستهويهم أفخاخ مواقع التواصل الاجتماعى أو يطعمون عقولهم من غذاء قنوات الإخوان الفاسدة، أو يرتحلون كما القطيع خلف نشطاء تويتر وفيسبوك الذين يعزفون نغمة التشكيك والإحباط، ونشر المعلومات المغلوطة والإفراط فى التحليلات الخائبة بينما المعركة دائرة على أرض سيناء.
اللحظة التى تنتفض فيها مؤسسات الدولة المصرية كافة بتنسيق على أعلى مستوى لمحاربة الإرهاب ومطاردة فئران الجماعات الإرهابية فى أرض مصر، هى لحظة شرف يغتنمها المخلصون والمدركون لطبيعة ما تتعرض له مصر من استهداف ممنهج ورغبة فى تحويل أرضها إلى ساحة استقبال الإرهابيين القادمين من سوريا وليبيا وغيرهما من مناطق صراع، وليست لحظة تنظيرات أو تعجل فى الاستعراض بنشر معلومات وصور غير دقيقة تؤثر فى سير المعركة، وتستهدف فى المقام الأول الحالة المعنوية للجنود وللشعب المصرى.
مصر تخوض حربها ضد الإرهاب بشرف لتطهير الأرض المباركة من الإرهاب، وما يحدث على أرض المواجهة من هزيمة واضحة للإرهابيين وتراجع العمليات التى يخططون لها، يؤكد أننا نخوض معركتنا بمستوى عالٍ من الاحتراف والتخطيط، هذا ما ظهر بوضوح مع انطلاق العملية الشاملة فى سيناء، تشعر وكأن الدولة المصرية انتفضت بكل مؤسساتها كمارد قوى يضرب بيد واحدة أعناق الإرهاب فى كل مكان، ويرسل إلى من يدبرون ويخططون ويضمرون الشر ضدها رسالة ملخصها «نحن مستيقظون ونملك المعلومة وقادرون على التخطيط والتحرك بشكل يبهركم ويفزعكم ويدفن أحلامكم فى تدمير هذا الوطن داخل رمل سيناء أو صحراء الواحات أو أعماق البحار».
ينقصنا فقط فى تلك المواجهة التى يخوضها رجال القوات المسلحة والشرطة بشرف ورجولة وقوة، يضحون خلالها بدمائهم وأرواحهم، أن نضرب وبقوة على يد كل من تسول له نفسه الشماتة أو استغلال العمليات الإرهابية فى الترويج لأكاذيب لم يعد فى أرض الواقع ما يعززها أو يؤيدها، فلقد بات واضحا انتصار مصر فى معركتها ضد إرهاب الإخوان والجماعات المسلحة، وهذا ما يجب أن تفهمه الجبهة الداخلية دون أن تصاب بالذعر أو تؤثر فيها ألاعيب السوشيال ميديا وقنوات الإخوان.
التجارب السابقة والعلوم العسكرية تخبرنا بأن معركة أى دولة مع الإرهاب هى معركة النفس الطويل، ولم تستيقظ دولة خاضت هذه الحرب فى يوم وليلة لتجد أن الإرهاب انتهى أو توقف، هى حرب مستمرة بين الدولة وبين فئران الإرهاب الذين يخرجون من جحورهم على طريقة «اضرب واجرى» من وقت لآخر، كما يحدث فى عواصم أوروبا وغيرها، المؤشر الأهم أن العمليات الإرهابية الكبرى تتراجع وتتلاشى ولم يتبق على أرض المعركة سوى مناوشات الفئران.
مصر تخوض هذه المعركة بشرف، والكل يعلم أنه لا توجد دولة أو قوة نظامية فى العالم قادرة على أن توقف الإرهاب وحرب العصابات بشكل فورى، إلا لو استخدمت قوتها فى تدمير المنطقة التى يسكنها الإرهاب ودكها بالمفهوم العسكرى والتعامل معها كمنقطة عمليات حربية، ولم يكن ذلك خيار مصر ولا القوات المسلحة ورجال الشرطة الذين اختاروا الطريق الأصعب حفاظا على أرض سيناء وأهل سيناء، الطريق الذى يدفعون فيه الثمن من أرواحهم ودمائهم من أجل التمسك بالأرض، ويشهد لهم واقع الأحداث أنهم نجحوا بدليل انحصار العمليات الإرهابية فى سيناء وتباعد فتراتها بشكل يؤكد سيطرة قوات الجيش والشرطة على الوضع فى سيناء رغم مناوشات فئران الإرهاب عبر عمليات خائبة بين الحين والآخر.
اللحن الذى تعزفه مصر فى هذه الساعات هو أجمل ما يمكن أن تسمعه، خاصة وأنت تقرأ دلالاته حول فكرة التنسيق بين كل المؤسسات والأجهزة من يملك المعلومة ومن يضع الاستراتيجية ومن يرسم خطط التحرك ومن يتابع ومن يقاتل، وهو اللحن الذى أدركه المخلصون من أبناء هذا الوطن، فتولدت روح مصرية متجسدة فى دعوات متلاحقة لنصرة الدولة المصرية على الإرهاب، ثم تطورت مع تحول المصريين على مواقع التواصل الاجتماعى إلى جنود تلاحق كل النشطاء وأصحاب الشائعات وأخبار التشكيك فى تحركات الجيش والشرطة بالرد أو التوضيح أو الهجوم الكاسح، وكأنهم يخبرون لجان الإخوان والنشطاء الإلكترونية بأن سمومهم على الإنترنت لن تجد منصتا ولا مشتريا ولا طريقا نحو القلب والعقل، لأن القلب والعقل هناك مع الرجال الذين يحاربون لنصرة هذا الوطن على الإرهاب.
هذه الروح التى يغذيها الله باليقين والنصر فى جبهة القتال، تتضافر مع هذه الروح المنتفضة لتشكيل درع دفاع، سواء برد أكاذيب الإخوان أو بتلك اللهفة البادية على كل مواطن مصرى وهو ينصح غيره بألا يستمع لأى معلومة خاصة بشأن العمليات العسكرية الحالية إلا من خلال بيانات المتحدث العسكرى، هذه الروح ستربكهم، وستسمع صراخهم قادما من تركيا وقطر صراخا محملا بالخيبة، خيبة فشل مخططاتهم فى تخويف هذا الوطن وهذا المواطن، وتلك لحظة استمتاعك، تلذذ بشجاعة رجالنا وإقدام أصحاب القرار السياسى والعسكرى على خوض هذه المعركة الشريفة لتطهير مصر من الإرهاب، بنفس قدر تلذذك بحسرة من دفع ومول ودعم وحرض وشمت وشكك فى قوة هذا الوطن على النهوض والتماسك، استمتع بصراخهم، لأنه من مكملات استمتاعك بانتصار مصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة