كل من يتابع ملفات الإرهاب محليا وإقليميا، يعرف أن الحرب ضد التنظيمات الإرهابية طويلة النفس، وأن المواجهة الأمنية تقوم على المعلومات وأيضا على الروح المعنوية والنفسية للقوات وللمواطنين.
وهو أمر يعرفه داعمو الإرهاب وممولوه، ولهذا يسعون دائما إلى نشر معلومات وتقارير مزيفة وتسريبات مجهولة المصدر ليفتحوا الباب نحو جدل عقيم، وما أشرنا إليه فإن مؤيدى وداعمى الإرهاب طبيعى أن يؤيدوا العمليات الإرهابية، وأن تنطلق منصات الدعاية مثل الجزيرة وتوابعها من قنوات ممولة من قطر فى تركيا ولندن، يضاف إليها اللجان الإلكترونية.
وإذا كانت هذه القنوات لها مصلحة فى تأييد الإرهاب، فإن بعضا من يدعون الخبرة من محللى فيس بوك بحسن نية أحيانا وسوئها بعض الأحيان، ينخرطون فى نشر وإعادة نشر المواد والمعلومات المزيفة التى تبدأ من أرقام مبالغ فيها للشهداء وصولا إلى إعادة نشر تسريبات مشكوك فيها، فضلا عن تحيلات ساذجة وتساؤلات سطحية يطلقها حاليون خلف الكيبورد لا يعرفون ما يجرى خلف جدران غرفهم، وهو جزء من حرب إضافية تخوضها قوات الأمن من جهة تسعى للسبق بالمعلومات، ومن جهة أخرى تواجه منصات الدعاية الإرهابية.
ومن حسن الحظ أن الإجابات جاءت بسرعة من أجهزة الأمن، ردا على هجوم عيد الفطر، وخلال أقل من 12 ساعة على هجوم الجرذان على كمين البطل 14 فى العريش اتخذت قوات الأمن خطوات أوسع لمواجهة العناصر الإرهابية، ونجح أبطال الكمين فى مواجهة هجوم كثيف لعشرات الإرهابيين بالأسلحة الثقيلة، ومع هذا قتل خمسة من الإرهابيين وتتبعت قوات الشرطة الفارين وحددت أماكن اختبائهم وعندما حاصرتهم أطلقوا النار واضطرت القوات للرد عليهم وقتلت منهم 14، وتبعتهم بثمانية ثم أربعة، نجاح قوات الأمن يرجع إلى سرعة التقاط وتحليل المعلومات، وسرعة التحرك بشكل يمنع الإرهابيين من الفرار.
الرد السريع يجيب عن أسئلة من نوعية إذا كانت قوات الشرطة تعرف مكان اختباء العناصر فلماذا لا تستبق وتهاجمهم، والإجابة تأتى من معرفة طبيعة هذه التنظيمات التى تكمن لفترات طويلة، وتسعى لتنفيذ عملية هدفها إحداث ضجة ونشر صورة أو فيديو ينفى انتهاء وهزيمة هذه التنظيمات، والإرهابيون يعلمون أنهم لا قبل لهم بالمواجهة، وإنما فقط يهاجمون على طريقة الجرذان، يخرجون من الجحور ليهاجموا ويعودوا بسرعة، وهو ما لم يتوفر خلال العملية الأخيرة، حيث لحقت بهم قوات الأمن وحققت السبق، ومن هنا تأتى الإجابة لأن خروج جرذان الإرهاب يكشفهم ويجعل هناك إمكانية لاصطيادهم، وهو نجاح مزدوج للقوات التى تخوض حربا بالمعلومات والسلاح وتواجه سيلا من الأكاذيب من منصات الإرهاب.
وبالطبع من الصعب إعلان كل التفاصيل حول العمليات التى تتم لمطاردة واصطياد الإرهابيين، مع الأخذ فى الاعتبار الطبيعة الجبلية والصحراوية واتساع المسافات التى تجعل هناك احتمالات لتسرب بعض الإرهابيين، لكن هذا لا يمنع من كون الخطط الموضوعة ناجحة بنسبة كبيرة، والدليل أن العمليات الإرهابية انخفضت خلال ثلاث سنوات من مئات إلى عشرات ثم أحاد سنويا، مع العلم أن التنظيمات الإرهابية تتدفق عليها الأموال والأسلحة، فضلا عن كميات الأسلحة المخزنة طوال الأعوام الأولى فى ظل انفلات الأمن، وقد حققت العملية سيناء 2018 نتائج عظيمة تظهر فى تراجع الإرهاب بشكل كبير وانتهائه تقريبا خارج مربع محدود فى العريش بينما البلد كلها آمنة.
وبالفعل فإن ما تحقق على الأرض طوال السنوات الأربع الماضية يمثل إنجازا لقوات الجيش والشرطة، فى مواجهة تنظيمات تتلقى التمويل والمعلومات والسلاح وتعمل ضمن مخطط واسع وتترابط مع عناصر إرهابية غربا وشرقا، ومع هذا فإن الوضع تحت السيطرة بفضل قوات الجيش والشرطة التى تعمل طوال الوقت، وتراعى المدنيين وطبيعة العمل وسط مدن وتجمعات سكنية، وهى أمور تجعل المهمة أكثر صعوبة لقوات الأمن، بينما الإرهابيون ليس لديهم أى حواجز إنسانية تمنعهم من قتل المدنيين إن استطاعوا.
وكل هذه التفاصيل مهمة وتقدم إجابات على ما هو مطروح من أسئلة، وهى أمور يدركها أغلبية المصريين، ويقدرون الدور البطولى للقوات المسلحة والشرطة، ويتغافل منه أو يجهله خبراء «الولاحاجة» ومعهم منصات دعم الإرهاب.