الشيوع يُعد أحد الحالات القانونية التى تنشأ عن تعدد أصحاب الحق العينى، وهو لا يقتصر على حق الملكية، بل يصح أن يتحقق بالنسبة إلى الحقوق العينية الأخرى، كحق الانتفاع وحق الارتفاق... إلخ، غير أن المشرع لم ينظّم إلا الملكية الشائعة لأنها الصورة التى يتحقق فيها الشيوع غالباً، فجاء النص عليها فى المواد 824 إلى 843 من قانون الموجبات والعقود.
وفى مسألة الشيوع عادة ما تُطرح إشكالية «البيع» الذى يؤدى إلى وقوع العديد من الأشخاص فى جريمة لم يكن يدرى عنها شيئاَ، والسؤال هنا هل جريمة البيع على خلاف مقتضى عقد سابق تنطبق على من يبيع حصة شائعة فى عقار؟ - بحسب الدكتور ياسر الأمير، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض.
محكمة النقض تصدت لهذا السؤال فى الطعن رقم 3280 لسنة 68 جلسة 2007/06/14، بالإجابة بـ«النفى» إذ يشترط لقيام تلك الجريمة أن يكون المبيع وحدة معينة مهيأة للانتفاع بها فى الغرض الذى أعدت من أجله وبالتالى فإن إعادة بيع حصة شائعة فى عقارلا يتوافر به جريمة البيع لأكثر من شخص المؤثمة بالمادة 23/1 من القانون 136 لسنة 1981.
وقالت محكمة النقض فى ذلك: إنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 23 من القانون رقم 136 لسنة 1981 نصت على أنه : «يعاقب بعقوبة جريمة النصب المنصوص عليها فى قانون العقوبات المالك الذى يتقاضى بأية صورة من الصور - بالذات أو بالوساطة - أكثر من مقدم عن ذات الوحدة أو يؤجرها لأكثر من مستأجر أو يبيعها لغير من تعاقد معه على شرائها، ويبطل كل تصرف بالبيع لاحق لهذا التاريخ ولو كان مسجلاً».
مفاد ذلك أن المناط فى قيام جريمة البيع على خلاف مقتضى عقد سابق هو أن يكون العقار المبيع وحدة معينة مهيأة للانتفاع بها فى الغرض الذى أعدت من أجله، وهو ما تفصح عنه فى جلاء الدلالة اللغوية للفظة «وحدة»- وهى تفيد الإفراد - التى جرت بها عبارة النص المتقدم، وإذ كان الأصل أنه يجب التحرز فى تفسير القوانين الجنائية والتزام جانب الدقة فى ذلك وعدم تحميل عبارتها فوق ما تحتمل، وأنه متى كانت عبارة القانون واضحة الدلالة على مراد الشارع منها فإنه يتعين قصر تطبيقها على ما يتأدى مع تصريح نص القانون الواجب تطبيقه.
لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف أنه باع حصة شائعة فى عقار سبق بيعها إلى المدعيات بالحق المدنى، وكانت الحصة الشائعة، مما لا ينطبق عليها قانوناً أو لغة وصف الوحدة إذ إنها لا تخول صاحبها قبل القسمة الحق فى مكان مفرز محدد، كما أنه إزاء صراحة نص القانون سالف الذكر فإنه لا يجوز التوسع فى تفسير الوحدة ليشمل الحصة الشائعة، لأن القياس محظور فى مجال التأثيم، ومن ثم فإن صورة الدعوى بما تضمنته من إعادة بيع حصة شائعة فى عقار - لا تتوفر بها فى حق الطاعن جريمة البيع لأكثر من شخص المسندة إليه - وتكون الواقعة المنسوبة إلى الطاعن بمنأى عن التأثيم.
لما كان ذلك، وكان مناط اختصاص المحكمة الجنائية بالدعوى المدنية أن يكون الضرر ناشئاً عن الجريمة التى رفعت عنها الدعوى الجنائية أمامها، فإذا نشأ الضرر عن فعل لا يعد جريمة - كما هو الحال فى الدعوى الماثلة - فإن المطالبة بالتعويض عنه يخرج عن ولاية المحاكم الجنائية - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فقضى بإدانة الطاعن وإلزامه بالتعويض، وكان مبنى الطعن الخطأ فى تطبيق القانون فإنه يتعين إعمالاً لنص المادة 39/1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تصحح المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون، وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف، وبراءة الطاعن مما أسند إليه عملاً بالمادة 304/1 من قانون الإجراءات الجنائية، وبعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى المدنية.