على الرغم من الجدل الذى أثاره اختيار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لابنته إيفانكا، وزوجها وجاريد كوشنر، ليكونا مستشارين فى البيت الأبيض، منذ اللحظة الأولى التى أعقبت نجاحه فى الانتخابات الرئاسية فى 2016، على اعتبار أنه من غير المعتاد أن يختار الرئيس أفرادا من عائلته فى المناصب الكبرى بالإدارة، إلا أن الحسناء الأمريكية يبدو أنها نجحت فى فرض قبضتها على مقاليد الأمور، لتتجاوز مجرد كونها مستشارا، وتصبح أحد أهم الفاعلين فى إدارة ترامب، فى المرحلة الراهنة، وهو ما يبدو واضحا فى حرص الرئيس ترامب على اصطحابها فى معظم الجولات الخارجية فى المرحلة الحالية.
ولعل ظهور إيفانكا فى الصفوف الأولى فى كافة الصور التى نشرتها وكالات الأنباء، لتسبق مسئولى الأمن القومى ووزير الخارجية مايك بومبيو، خلال الزيارة الأخيرة التى قام بها ترامب إلى كوريا الجنوبية، يمثل انعكاسا صريحا للنفوذ الذى أصبحت تتمتع به نجلة الرئيس الأمريكى ليس فقط فى البيت الأبيض، ولكن أيضا فى الإدارة الأمريكية برمتها، ربما لتصبح فاعلا دبلوماسيا مهما على حساب المسئولين الرسميين، والذين بدا يهمش الرئيس الأمريكى دورهم فى الآونة الأخيرة، ربما لأنهم يحملون رؤى متعارضة مع توجهاته تجاه بعض القضايا، وعلى رأسها ملف كوريا الشمالية وإيران.
إيفانكا ترامب
سيدة القصر.. إيفانكا لا تكتفى بالصراع مع ميلانيا
ولعل الظهور القوى لإيفانكا فى الحملة الانتخابية للرئيس ترامب، وإعلانه عن تعيينها مستشارا له، دفع العديد من الأقلام حول صراعا محتملا داخل أروقة البيت الأبيض، على لقب السيدة الأولى، سوف تخوضه نجلة الرئيس مع زوجته ميلانيا، خاصة وأن الأخيرة ربما ليست على وفاق كبير مع الرئيس ترامب، وهو ما التقطته عدسات الكاميرات فى مواقف عدة سابقة، بدأت فى يوم التنصيب، تلتها لقطات أخرى، بدت فيها ميلانيا متأففة من زوجها أثناء محاولاته الإمساك بيدها.
الصراع على لقب السيدة الأولى بدا واضحا فى العديد من المواقف، أبرزها الجولة الإفريقية التى قامت بها إيفانكا فى أبريل الماضى، والتى تضمنت عدة دول، من بينها إثيوبيا وكوت ديفوار، وهى الزيارة التى جاءت بعد شهور قليلة من زيارة قامت بها زوجة أبيها إلى عدة دول أفريقية، من بينها مصر وغانا وملاوى وكينيا، وهو ما فسره قطاع كبير من المتابعين بأنه انعكاس صريح لمحاولات الابنة الدؤوبة لتهميش ميلانيا، والاستئثار بالنفوذ داخل البيت الأبيض، على حساب الزوجة.
إيفانكا نجحت فى الاستئثار بقلب والدها
إلا أن طموحات ميلانيا، على ما يبدو لا تقتصر على الوصول إلى لقب "سيدة القصر"، وإنما تسعى إلى تجاوز الدور الرمزى إلى دور أكثر فاعلية فى المرحلة المقبلة، فيما يتعلق بالملفات الحساسة المرتبطة بالسياسة الخارجية الأمريكية، والأمن القومى، ربما استغلالا للحظة الراهنة، التى يبدو فيها والدها غير سعيد بأداء صقور إدارته (بولتون وبومبيو)، والذين باتوا قاب قوسين أو أدنى من الخروج، بعدما نجح فى استغلال وجودهما فى الفترة الماضية، للضغط على خصومه.
فصل جديد .. الصقور لا يصلحون لإدارة المرحلة
الرئيس الأمريكى أتى بمستشار الأمن القومى جون بولتون، تزامنا مع وزير خارجيته مايك بومبيو، فى مارس 2018، ليخلفا هربرت ماكماستر وريكس تيلرسيون، على الترتيب، للقيام بمهمة محددة، وهى الضغط على إيران، على اعتبار أن موقفهما المناوئ للدولة الفارسية، سوف يضفى قدرا من الشرعية داخل إدارته لقراره اللاحق بالانسحاب من الاتفاق النووى الإيرانى، والذى اتخذه بالفعل بعد تعيينهما بأقل من شهرين، وما تلى ذلك من ضغوط مارستها الإدارة على طهران عبر فرض العقوبات المتلاحقة، وهو النهج الذى كان يرفضه أسلافهما، وبالتالى كان قراره بالتغيير.
ولكن تبدو الإدارة الأمريكية على موعد مع فصل جديد من إدارة علاقتها مع خصومها الدوليين، يقوم على انتهاج الدبلوماسية الناعمة، سوف يحتاج إلى وجوه جديدة، حتى وإن كانت لا تحمل صفة رسمية، للقيام بدور بارز فى المرحلة المقبلة، وهو ما تسعى إيفانكا للقيام به، فى المرحلة المقبلة، فى ظل عدم توافق النهج الجديد مع توجهات المسئولين الرسميين من جانب، بالإضافة إلى عدم وثوق الخصوم بهم من جانب أخر، وهو ما بدا واضحا فى مطلب كوريا الشمالية الصريح باستبعاد وزير الخارجية الأمريكى من أية مفاوضات مستقبلية بين البلدين.
إيفانكا تتحدث فى حضور والدها ووزير الخارجية مايك بومبيو
وزير الخارجية الأمريكى غاب فى معظم المشاهد التى جمعت بين ترامب وكيم، اللهم إلا فى صورة واحدة، يبدو أنها جاءت فى إطار بروتوكولى لحضور وزير خارجية كوريا الشمالية، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لتهميشه من قبل الرئيس الأمريكى، على الأقل فيما يتعلق بملف بيونج يانج.
دبلوماسية الحسناوات.. إيفانكا وشقيقة كيم تقودان الطريق نحو التطبيع
وهنا ربما تجد إيفانكا الفرصة سانحة للوجود على خط الدبلوماسية الأمريكية فى المرحلة المقبلة، باعتبارها ورقة سياسية يمكننا أن نصفها بأنها "غير محروقة"، باعتبارها لا تحمل باعا سياسيا طويلا من جانب، بالإضافة إلى عدم انتمائها إلى أية أحزاب سياسية، وبالتالى فيمكنها أنه تكون وجها أكثر قبولا من قبل خصوم أمريكا، وعلى رأسهم كوريا الشمالية.
إيفانكا فى المنطقة المنزوعة السلاح بصحبة زوجها
إيفانكا تبدو مؤهلة للقيام بدور أكثر بروزا فى المرحلة المقبلة، خاصة فيما يتعلق بالملف الكورى الشمالى، خاصة وأنها ربما تجد انسجاما مع حسناء بيونج يانج، وهى كيم يو جونج، شقيقة زعيم كوريا الشمالية، والتى يطلق عليها البعض لقب "إيفانكا الكورية"، والتى تمثل أحد أهم عناصر النجاح فى التطور الكبير الذى شهدته العلاقة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، منذ ما قبل القمة الأولى، حيث أنها استبقت المفاوضات الأمريكية الكورية، بزيارة كوريا الجنوبية خلال الأولمبياد فى فبراير 2018، لتفتح الباب أمام تحسن العلاقة بين الجارتين، بينما جلست على مقربة من نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس، والذى كان متواجدا هناك، مما دفع العديد من المتابعين للحديث عن دورها البارز فى انهاء العداء التاريخى بين بيونج يانج وخصومها الدوليين، وبالتالى فيمكنهما العمل معا من أجل قيادة الطريق نحو تطبيع العلاقات بين البلدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة