بعد نجاح ثورة 30 يونيو فى الإطاحة بحكم الجماعة الإرهابية، عملت الجماعة وأنصارها وحلفاؤها على تحويل البلاد لساحات حرب، فدبرت للتفجيرات هنا وهناك، وسقط الأبرياء وسالت الدماء فى الشوارع، واقتحم الإرهابيون أقسام ومراكز الشرطة وهاجموا الأكمنة، وأطلقوا كتائب الاغتيالات لتنفذ العديد من جرائم القتل واستهداف الشخصيات العامة ورجال الجيش والشرطة، وحاولوا بث الرعب فى قلوب المصريين، وحرقوا الكنائس وقتلوا المصلين فى المساجد، ليصوروا للعالم أن مصر تحولت إلى ساحة فوضى، لكن رجال الجيش والشرطة كانت لهم ردود أخرى، وأقسموا أن يقدموا الأرواح فداءً للمصريين، فواجهوا الموت بشجاعة، ولاحقوا العناصر المتطرفة، والانتحاريين الذين ظهروا لأول مرة فى مصر، وهاجموا معسكرات الإرهاب فى عمق الصحراء، ونجحوا فى فرض السيطرة الأمنية، وإعادة الهدوء تدريجياً لمصر، لتنطلق المشروعات التنموية، وتبدأ مصر عصرا جديدا من البناء والازدهار، ويتم الإعلان يوماً تلو الآخر عن مشروع وطنى، وتنتعش السياحة من جديد، فلم يكن يتحقق ذلك لولا عودة الأمن.
عنف وتخريب وقتل
قبل 30 يونيو، كانت الأوضاع فى مصر تؤدى لنتيجة واحدة، وهى اندلاع ثورة شعبية، بسبب ممارسات جماعة الإخوان وإصرارهم غير العادى للسيطرة على البلاد، والدخول فى معارك مع كل مؤسسات الدولة، وترتدى الأوضاع الداخلية والخارجية، ليحدد المواطنين يوم 30 يونيو، نفس اليوم الذى تولى فيه محمد مرسى رئاسة البلاد لعزله، وبالفعل امتلأت الميادين والشوارع بالمواطنين الذين نجحوا من خلال ثورة شعبية الإطاحة بحكم جماعة الإخوان.
سارعت جماعة الإخوان للحشد فى ميدانى رابعة العدوية والنهضة فور إعلان المصريين الثورة على حكم الجماعة، حيث حول الإخوان المنطقتين لوكر لجمع السلاح واختطاف المواطنين وتعذيبهم.
ولم تكتف الجماعة بذلك وإنما بثوا تهديدات للمصريين من خلال الاعتصامين المسلحين، وأطلق محمد البلتاجى تهديده الشهير قائلا: «إن ما يحدث فى سيناء من إرهاب يتوقف فى الثانية التى يعود فيها مرسى»، بينما قال صفوت حجازى: «اللى هيرش مرسى بالميه هنرشه بالدم».
جماعة الإخوان لم تكتف بذلك، وإنما سارعت عناصرها لمهاجمة مبنى دار الحرس الجمهورى فى فجر يوم 8 يوليو 2013، ظنا منهم أن «مرسى» بداخل المبنى وسيتم الإفراج عنه بالهجوم على قوات الأمن وخروجه.
وباتت جماعة الإخوان خطراً على الأمن، خاصة المسلحين الذين يتجمعون فى رابعة والنهضة، لذا كان من الضرورى فض هذين الاعتصامين المسلحين، ووفرت قوات الشرطة ممرات آمنة للمعتصمين، لكنهم بدلاً من الخروج منها فتحوا الرصاص على رجال الشرطة، ليسقط عدد من شهداء الشرطة والمصابين.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وإنما بمجرد الإعلان عن فض اعتصامى رابعة والنهضة، سارع الإخوان لمهاجمة عدد من أقسام الشرطة، خاصة فى كرداسة، مما أسفر عن استشهاد 11 من الأبطال الذين استبسلوا للدفاع عن القسم بينهم المأمور اللواء محمد جبر، ونائبه العميد عامر عبد المقصود ومفتش المباحث اللواء مصطفى الخطيب، والرائد هشام شتا وآخرون.
العنف والتخريب لم يقتصر على العاصمة وإنما امتد للمحافظات، حيث وقعت أحداث مؤسفة فى 5 يوليو 2013 بمنطقة سيدى جابر بين المتظاهرين والمؤيدين للإخوان، أسفرت عن سقوط مصابين، فيما تسلل أحد مؤيدى الإخوان لسطح عقار كان يجلس عليه أطفال يحملون علم مصر وألقاهم من فوقه فى مشهد وحشى.
تفجيرات واغتيالات
تطور عنف جماعة الإخوان بشكل سريع، فلجأت الجماعة لارتكاب سلسلة من التفجيرات، عن طريق زرع القنابل بمحيط مؤسسات الدولة واستهداف الأبرياء، وسط مواجهات لرجال وأبطال قسم المفرقعات بالحماية المدنية، فلا أحد ينسى المشهد البطولى للمقدم ضياء فتوح أثناء تفكيك قنبلة بمحيط قسم الطالبية بالجيزة وتطايره عقب انفجارها به.
جماعة الإخوان أطلقت أيضا كتائبها المسلحة لاغتيال الشخصيات العامة، فاستهدفوا المستشار الراحل هشام بركات النائب العام السابق بتفجير موكبه لدى خروجه من منزله فى طريقه لعمله، وذلك من خلال عناصر إخوانية أشرف عليهم يحيى أبو موسى الهارب خارج مصر، وذلك فى 29 يونيو، فضلاً عن محاولتهم اغتيال وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم، ومحاولة اغتيال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية الأسبق فى 11 أغسطس الماضى.
ونفذت جماعة الإخوان عدة اغتيالات فى صفوف رجال الجيش والشرطة، أبرزها اغتيال العميد عادل رجائى، قائد الفرقة 9 مدرعات بدهشور، جراء إطلاق النيران عليه أسفل منزله بمدينة العبور، واغتيال رئيس مباحث قسم المطرية السابق وائل طاحون، إثر إطلاق النار عليه على يد مجهولين يستقلان دراجة نارية فى عين شمس بالقاهرة.
وقررت جماعة الإخوان الانتقام من الأقباط باستهداف الكنائس بسبب مشاركتهم فى ثورة 30 يونيو، حيث حرقوا عدة كنائس أبرزها حرق كنائس فى ثلاثة مراكز فى المنيا، وحرق كنيسة العذراء بالمنزلة بمركز يوسف الصديق، وحرق كنيسة الأمير تادرس بقرية المنزلة بمركز يوسف الصديق، وحرق كنيسة الشهيدة دميانة بقرية الزربى بمركز طامية فى الفيوم، وفى محافظة الجيزة تم حرق كنيسة الملاك ميخائيل بكرداسة، واقتحام ونهب محتويات مطرانية أطفيح دير كرم الرسل، ومحاصرة كنيسة الشهيدين بصول بأطفيح، ومحاصرة كنيسة العذراء بمركز الصف، وتم حرق الكنيسة اليونانية القديمة بشارع براديس للكاثوليك، واقتحام وحرق مدرسة وكنيسة الراعى الصالح، وحرق مدرسة الفرنسيسكان فى السويس، وتفجير داخل الكنيسة البطرسية، الذى راح ضحيته 28 عدداً من الشهداء، واستهداف كنسية مارمينا بمنطقة حلوان، ولم يقتصر الأمر على الكنائس وإنما تم استهداف المساجد بوقوع تفجير قرب مسجد بالهرم، واستهداف الركع السجود فى مسجد الروضه غربى العريش.
وحاولت جماعة الإخوان بعد ذلك ضرب الاقتصاد الوطنى بسحب الدولار من السوق، وفتح أسواق للعملات فى السوق السوداء، إلا أن تدخل الأجهزة الرقابية تصدى لذلك.
استعادة الأمن
وبالرغم من أعمال التخريب والتدمير التى ارتكبتها جماعة الإخوان وحصولها على دعم مالى ضخم من قبل القيادات الإخوانية الهاربة من الخارج فى بعض الدول المعادية لمصر، إلا أن أبطال الشرطة كانوا دوماً بالمرصاد لهذه الأعمال العدائية.
ونجحت أجهزة وزارة الداخلية فى توجيه ضربات استباقية، ضد التنظيمات الإرهابية جنبت البلاد العديد من عملياتها الآثمة، وأسفر ذلك عن القضاء على 992 بؤرة إرهابية وضبط عناصر متطرفة، بحوزتهم كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمواد المتفجرة والعبوات الناسفة. وساهمت الضربات الاستباقية لجهاز الأمن الوطنى فى سقوط العديد من الخلايا الإرهابية ما بين قتلى فى مواجهات أمنية ومقبوض عليهم، الأمر الذى أدى لعودة الهدوء تدريجياً للبلاد مرة أخرى.
وتراجعت الحوادث الإرهابية بسبب الضربات الاستباقية التى انتهجتها وزارة الداخلية من 481 حادثا عام 2014 إلى 22 حادثا إرهابيا عام 2017، ثم بدأت فى التلاشى خلال عامى 2018 و2019.
معسكرات المتطرفين فى عمق الصحراء كانت تمثل خطراً على الأمن المصرى، خاصة أن العناصر المتطرفة دأبوا على التسلل لهذه المعسكرات وعقدت دورات تدريبية بها، للتدريب عن تنفيذ التفجيرات والتفخيخ والقنص عن بعد والاغتيالات، من خلال ما أسموه «دورة التربية الجهادية»، وترسيخ ثقافة الدم والقتل لدى الشباب فيما أطلقوا عليه «التأصيل الشرعى»، وكانوا يصطحبون برفقتهم وسائل إعاشة.
ونجحت وزارة الداخلية، فى اقتحام العديد من المعسكرات للإرهابيين، قبل ملحمة الواحات، حيث اقتحام معسكر للإرهابيين فى قنا بمنطقة أبو تشت وقتل العناصر الإرهابية المتورطة فى اغتيال الشهيد أحمد عبدالفتاح جمعة، واقتحام معسكرات للإرهابيين بالصحراء الغربية غرب الجيزة وقتل 7 إرهابيين متورطين فى استهداف أتوبيس المنيا وكنيستى طنطا والإسكندرية وإحباط استهداف الأكمنة ودور العبادة بالموتوسيكلات المفخخة، واقتحام معسكر للإرهابيين فى نطاق الكيلو 11 دائرة مركز شرطة الإسماعيلية ومقتل 14 إرهابيا، ومداهمة معسكر لحسم الإرهابية فى إحدى المناطق الصحراوية فى الفيوم ومقتل 8 عناصر.
وداهمت الشرطة معسكرا ومزرعة شاسعة فى الدلنجات فى البحيرة مملوكة لقيادى إخوانى وتم قتل إرهابيين اثنين، وضبط كمية كبيرة من الأسلحة ومصنع لإعداد المتفجرات، ومداهمة معسكر إرهابى لتدريب العناصر الانتحارية فى منطقة عرب العوامر بأسيوط وقتل 7 إرهابيين.
نجاح الشرطة فى التصدى للإرهاب وإعادة الهدوء للبلاد لم يكن على حساب الأمن الجنائى، حيث شنت وزارة الداخلية حملات مكبرة استهدفت البؤر الإجرامية لتفكيكها وضبط حائزى السلاح والمخدرات. وتم التوسع فى افتتاح العديد من المعاهد التدريبية المتخصصة منها معاهد لمعاونى الأمن، وهى فئة مستحدثة بالوزارة، والمعهد القومى لتدريب القوات الخاصة على المهام التى تحتاج إلى قدرات ومهارات متميزة، واعتمدت المنظومة التدريبية على مناهج تحاكى الواقع الأمنى، وما فرضته المرحلة الراهنة من تحديات فى مجال مواجهة الجريمة والإرهاب، مع رفع كفاءة العنصر النسائى على أعمال المواجهات واستخدام السلاح، وبلغ عدد الدورات التدريبية 3937 دورة لإعداد وتأهيل 168418 ضابطا وفردا ومجندا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة