أطلقت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية النسخة الجديدة من مهرجان الكرازة المرقسية الكنسى، وهو المهرجان الذى تشارك فيه كافة الكنائس الأرثوذكسية بالمحافظات وبالمهجر بمسابقات فنية وثقافية ورياضية طوال أشهر الصيف، بالإضافة إلى مؤتمرات دينية ورحلات للأديرة والكنائس لا تخلو من الصلاة والوعظ.
مهرجان الكرازة والذى تنظمه أسقفية الشباب، يعد من أقدم المسابقات بالكنيسة القبطية الأرثوذوكسية، ويرجع تاريخه إلى عام 2004. وكان يحمل عنوان "أنتم نور العالم" وكان التسابق فى العام الأول للمهرجان، قاصرا على أحياء القاهره الكبرى فقط، بعد ذلك توسع التنافس على مستوى مصر كلها حتى خرج المهرجان من القطر المحلى إلى المهجر بعد أن انضم إلى التنافس إيبارشيات الأقباط فى السودان والمهجر.
يشمل المهرجان العديد من المسابقات منها: الدراسية، الألحان والتسبحة، والمحفوظات، الأنشطة الثقافية، اللغة القبطية، البحوث، والأنشطة الأدبية، الفنون التشكيلية، والمجالات الإلكترونية، والإعلامية، وأخيرًا مسابقة الابتكارات الهندسية والعلمية.
يشارك فى المهرجان عدد من المراحل وهى: ابتدائى، إعدادى، ثانوى، جامعة، خرجين، الخدام والخادمات، ذوى القدرات الخاصة، تعليم الكبار،المساجين، الحرفيين وتقام التصفيات النهائية فى نهاية شهر أغسطس من كل عام
بدأ هذا المهرجان فى مطلع الألفية حين كان الأساقفة والكهنة الأرثوذكس يشكون ما يسمونه الاختطاف البروتسانتى للشباب، إذ تعمد الكنيسة الإنجيلية فى مصر إلى تنظيم مهرجانات شبابية رياضية وفنية وحفلات للتنظيم لا تخلو من الوعظ البروتستانتى أبرز ما يميز خدام تلك الكنيسة التى دخلت مصر فى القرن الثامن عشر مع البعثات التبشيرية.
الأسلوب البروتستانتى كان جاذبا للكثير من الشباب، إلى الحد الذى دفع البعض منهم إلى ترك الكنيسة الأرثوذكسية والمواظبة على الصلاة والحضور فى اجتماعات نظيرتها الإنجيلية وهو الأمر الذى انبرى أساقفة الأقباط فى التحذير منه بشكل مباشر وبغير مباشر، إلا أن أبرز أثر كان للكنيسة الإنجيلية على زميلتها الأرثوذكسية هو دخول الأخيرة معترك خدمة الشباب بنفس الطريقة التى اتبعها البروتستانت وهى طريقة الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية باعتبارها جزءا من جوانب الحياة فلا يمكن إغفال النشاط الثقافى والفنى لصالح الأنشطة الروحية والدينية.
كذلك فإن تأسيس أسقفية الشباب على يد الأنبا موسى عام 1980 قد ارتبط بظروف تاريخية واجتماعية مر بها المجتمع المصرى، إذ كانت تلك المرحلة هى أوج الصراع بين البابا شنودة والرئيس السادات إذ دخل البطريرك إلى دير الأنبا بيشوى فى إقامة جبرية فى العام التالى مباشرة، وكان الشارع المصرى يعانى التمدد الإسلامى بعد أن سمح السادات للإسلاميين بحرية الحركة لمواجهة الشيوعيين والناصريين فانتشروا فى الجامعات وعلى المنابر الأمر الذى انعكس سلبيا على حضور الأقباط فى النقابات والنوادى والأحزاب والمجال العام المصرى كله.
وسط كل تلك الظروف ظهرت أسقفية الشباب لتوفر البديل الكنسى للشاب القبطى، فمن خلال الكنائس يمكن ممارسة النشاط الفنى على المسرح وكذلك النشاط الرياضى فى نوادى التربية الكنسية ومتابعة الدروس الدينية فى مدارس الأحد، سنوات الاغتراب عن المجتمع تلك خلفت ورائها غياب للأقباط عن مجالات الفن والرياضة بشكل لافت.
لم تكتف أسقفية الشباب بلعب دور البديل للمؤسسات الفنية والثقافية العامة بل ذهبت خلف الشباب إلى الجامعات وأسست لجنة تسمى الأسر الجامعية تسعى لاستقطاب الشباب القبطى فى كليات الجامعة فظهرت أسر تسمى أسر مارمرقس وأسر القديس أثناسيوس، وغيرها ساهمت فى منع الشباب القبطى من الانخراط فى الأسر الجامعية العامة التى يشارك فيها زملاؤهم المسلمون مما زاد من مشكلة الغياب عن الشارع، ورغم تغير الظروف عبر سنوات مبارك ثم عصر ثورة يناير الذى شهد موجة من كسر السلطة الأبوية طالت المؤسسات الدينية جميعها ومن بينها الكنيسة، إلا أن الأسقفية مازالت تلعب دورها الروحى فى خدمة الشباب، بالإضافة إلى دور البديل عن المؤسسات العامة وهو الدور الذى يجب أن يتغير فى ضوء المعطيات الجديدة التى خلفتها ثورة يناير وثورة الاتصالات والمعلومات فتصبح المشاركة فى أنشطة أسقفية الشباب من باب الاستزادة وليس الكفاية عن باقى الأنشطة العامة فى المجتمع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة