لازالت العديد من قرى محافظة المنيا تحتفظ بطابعها القبلي البسيط، فرغم التطور التكنولوجى الكبير، وإرتفاع نسبة التعليم بتلك القرى عن الأعوام السابقة، إلا أن العادات والتقاليد البسيطة تُخيم عليهم فى الأمور الحياتية الفاصلة كالزواج، والمصالحات، والعزاء والمناسبات المختلفة.
تمثل عادات الأفراح الوجه الأكثر غرابة بين الكثير من المواطنين سواء كان ذلك للعريس أو عروسته، وتحتل قرى الغروب أو تلك القريبة من الظهير الصحراوى الغربى النصيب الأكبر للتمسك بتلك العادات.
والد العروسة لا يحضر فرح ابنته.. والمصالحة بعد 3
أيام" اليوم السابع " تستعرض أبرز تلك العادات، إذ نجد فى مقدمتها عدم حضور والد العروسة حفل زفاف ابنته، فهى عادة منتشرة بشكل ملحوظ فى القرى والعزب، ويكتفى الأب بليلة الحناء ، وإقامة الغداء للأهل والأحباب والذى يُعقد أمام منزله بعد ذبح إحدى المواشى الكبيرة، فيما يحضر الأب فرح الإبن فقط. وذلك كمعتقد من الأعراف السابقة التى عفى عليها الزمان، أنه ترك ابنته لرجلًا آخر وتركت منزلها الذى تربت فيه منذ الصغر، وكذلك لبعث رسالة للزوج بأن يعتنى بابنته التى أصبحت فىى رعايته من تلك الليلة أمام جموع المواطنين.
بعد اتمام الزواج بثلاثة أيام يذهب الأب إلى منزل ابنته وزوجه، ليقوم بما يسمى " مصالحتها " فى منزل الزوج ويقبلها ثلاثة تقبيلات فى مقدمة الرأس "الجبين" وبذلك يكون بارك لها الزواج ويقدم لها النقوط.
يقول عبد الرحمن دردير أحد المزارعين، من أبناء قرية عزاقة، وممن يتمسكون بتلك العادة، إنهم منذ الولادة ويرون الأباء والأجداد لا يقومون بحضور أفراح بناتهم ، معتقدًا ذلك حتى تأخذ الفتاة راحتها فى الاحتفال بفرح عريسها من جانب، ولا تخجل أثناء ذهابها مع العريس إلى منزلهم، بينما يحضر الفرح والدتها وأخواتها.
أضاف دردير: قد تكون تلك العادة اختفت نبسيًا من قرى عديدة ، ولكنها لازالت موجودة على رأسها قرى " منسافيس ، بنى حماد، الحواصلية وعزاقة بمركز المنيا، وقرى نواى وقلندول والمعصرة بملوى، مشيرًا إلى أنه ليس جميع أبناء تلك القرى يقومون بتلك العادات ولكن الغالبية منهم يفعلونها.
"العروس لا تزور والدها إلا بعد الولادة "
فيما نجد أن عادة أخرى تعد من غرائب الزواج بتلك القرى ، وهى عدم ذهاب العروسة إلى منزل والدها لمدة عام كامل بعد الزواج ، وإذا فعلت هذا يعد تقصيرًا من زوجها وعدم كفايته لمنزلها وحدوث مشاكل بينهما ، بينما يقوم أهل العروسه بزيارتها بعد الزواج بيومين ويقدمون لها "الواجب".
"واجب المباركة بمقدار هدايا الزوج فترة الخطوبة"
خلال زيارة أهل العروسة لها في منزلها بعد الزواج يقدمون لها في "الواجب" كميات كبيرة من المخبوزات واللحوم والفاكهة، والذى يجب أن لا يقل عن ما قدمه لها الزوج أثناء فترة الخطوبة من هدايا فى المناسبات المختلفة ونقوط في المناسبات المختلفة، إذ يقوم الأب بكتابة جميع ما قدمه الزوج لأبنته طوال فترة الخطوبة وتسعييرها وتقديم المماثل له بعد الزواج.
"جمال عز" أحد أبناء قبيلة الجازوية بالمنيا قال إن تلك العادة لم تختف حتى الآن، وهى عادة عربية أصيلة ، ولكن الضرورات تبيح قطعها ، فاذا مرض الأب أو الأم أو حدث ظرفا يستوجب على العروسة الذهاب لأهلها، فأنها تذهب ولا يمانعها الزوج، بالإضافة إلى حضور المناسبات المختلفة لدى أفراد العائلة.
ولفت إلى عادة أخرى لم يلتفت لها الكثيرون ، ورغم قلة المتمسكين بها، إلا أنها موجودة بقرى عديدة وهى عدم خروج الزوج " العريس " من منزله والذهاب للأعمال قبل40 يومًا، وأحيانًا تمتد إلى 70 يومًا ، مضيفًا أنها عادة خاصة ببعض الأسر الثرية والتى يكون الزوج فيها من أبناء العمد أو من ملاك الأراضى الكثيرة وليس فى حاجة للخروج للعمل مثل باقى الشباب.
أكد عز أن عاداتهم التى تثير تعجب الكثيرين، قد اكتسبوها منذ مئات السنين من أهاليتهم خاصة أنهم قضوا سنوات كثيرة فى الدول العربية مثل ليبيا ، ولديهم علاقات نسب ومصاهرة بينهم، وتجسد تلك التقاليد حياتهم البسيطة التى لا تغيب عنهم بعيدًا عن تطور الزمن والأجيال وعلى الجميع أن يفخر بها.
أحد أهالى قرية عزاقة يروى عادات وتقاليد الزواج
أحد أهالى المنيا يتحدث عن العادات الغريبة للأفراح - جمال مهدى - من قبيلة الجازوى