- السفر للخارج ليس أصل النجاح.. ومشاركتى فى بينالى القاهرة اعتراف بوجودى
مسيرة الفنان المصور المصرى «يوسف نبيل» ووصوله إلى العالمية خلفها كواليس كثيرة محبطة وظروف وتحديات صعبة تعرفنا عليها أثناء حديثه لـ«اليوم السابع».
والتقت «اليوم السابع» الفنان العالمى يوسف نبيل فى «مجمع الفنون»، حيث تعرض لوحاته ضمن اللوحات المعروضة فى بينالى القاهرة الدولى للفنون.
الحديث عن البدايات، كان هو الباب الذى دخلنا منه إلى ساحة يوسف نبيل، الذى قال لنا؟ إن وصولى إلى العالمية لم يتحقق بين يوم وليلة، فأنا أمارس مهنة التصوير الفوتوغرافى منذ 27 عامًا، فى البداية حاولت الدراسة بمعهد السينما وكلية الفنون الجميلة، ولمدة عامين متتاليين تقدمت بأوراقى وفى كل مرة لم يقبلونى، ومن هنا قررت أن أعمل على نفسى، لأن لدى رغبة كبيرة فى أن أصبح فنانا ولدى الإحساس بأنى لا أستطيع أن أقوم بمزاولة أى مهنة أخرى غير الفن.
وأضاف يوسف نبيل، بدأت ممارسة فن التصوير الفوتوغرافى، من خلال تصوير أصدقائى فى أكثر من مكان فى القلعة ومصر الجديدة وقدمنا صورا جديدة فيها نوع مختلف من الإخراج، باستخدام كاميرا فوتوغرافية استعرتها من صديق إيطالى ومن كثرة استخدامى للكاميرا قمت بشرائها منه، وكان سعرها فى أوائل التسعينات 400 جنيه أى ما يعادل 150 دولارا آنذاك.
يملك يوسف نبيل هدفا من التقاط الصورة يوضحه لنا قائلا «منذ بداية انشغالى بالتصوير لم يكن هدفى تقديم صور عادية تظهر وجوه الناس فى شكل جميل، لكن تقديم فكرة معينة من وراء الصورة، وهذه الفكرة كانت تشغلنى منذ طفولتى، لأننى تعلقت بجميع فنانى السينما خاصة فنانى الزمن الجميل، وأتذكر أنى سألت والدتى عنهم، وقالت «لقد رحلوا عن عالمنا»، ومن هنا أدركت أن الفنون يمكنها تخليد أى فنان بعد رحيله لذا أحببت مهنة التصوير».
الحديث مع يوسف نبيل يؤكد أن بداياته بقسوتها كانت لها تأثير كبير على مستقبله، لذا يقول لنا «إن حبه للتصوير لم يمنعه من الحصول على شهادة دراسية أخرى تلبية لرغبة والديه، حيث حصل على ليسانس آداب قسم اللغة الفرنسية»، ويتابع «أبى وأمى فى الحقيقة كانا يؤمنان بأحلامى ويعرفان أننى مختلف عن بقية أشقائى، ونتيجة لذلك كانا من أوائل الداعمين لمواصلة أحلامى بالسفر إلى الخارج مما سهل عليا مشوارى الفنى، كما ساعدتنى دراستى للغة الفرنسية فى التعامل وتحقيق خطوات إيجابية مهنية سريعة».
عن فترة التسيعينيات وما حدث فيها، قال يوسف نبيل، دون أى مبالغة، لم يكن أحد يعترف بالمصور الفوتوغرافى كفنان، الموجود فقط هو المصور الصحفى والذى يمكن أن يقدم معارض، والمصور التسجيلى يمكن له أيضًا تقديم معارض، لكن اللوحة الفوتوغرافية لم تعامل معاملة اللوحة الزيتية، وهذا ما حدث معى، فقد كنت أطالب بإقامة معرض تصوير فنى داخل مصر، وكانت الإجابة تأتى نعم، لكن يحدد له موعد فى شهر رمضان، فى الوقت الذى لا يذهب فيه الناس لمشاهدة معرض فن تشكيلى، أو أن تكون الإجابة الأكثر ألما «سنقيم لك معرضا عندما تكبر فى السن وتبلغ الأربعين عاما، ورغم سماعى لمثل هذه الجمل لم يتخلل اليأس إلى نفسى، ففى بداية التسعينات قمت بتصوير العديد من الممثلين الكبار أبرزهم يسرا وعمرودياب وفيفى عبده».
وعن بدايات الشهرة، قال يوسف نبيل: فى عام 1999 سافرت إلى نيويورك ومن بعدها باريس وقدمت بعض الأعمال الفنية هناك، وفى هذا الوقت سمعت عنى «ريناتا» صاحبة جاليرى يونانية فى منطقة وسط البلد فى القاهرة يسمى «كايروبرلين»، وقالت إنها تريد تقديم معرض فوتوغرافى لأعمالى، وبالفعل رحبت بذلك، وافتتح المعرض سفير بلجيكا فى مصر، وأعجب بأعمالى وحصل على بعض منها، وعندما أصبح هذا الرجل سفيرًا لبلده فى المكسيك قام بدعمى ودعانى لزيارة متحف الصورة فى المكسيك وقدمت أعمالى الفنية هناك، وحقق المعرض نجاحا كبيرا، وقمت بتقديم صورة «فريدا كاهلو»، وانتشرت الصورة على صفحات المجلات والجرائد الأجنبية، وقامت بشرائها الفنانة العالمية سلمى حايك ووضعتها فى منزلها بلوس أنجلوس، حدث هذا قبل تعرفى على سلمى حايك بشكل شخصى، وبعد هذا المعرض توالت المعارض الفنية فى العالم، وقدمت أحدها فى فرنسا وحصلت على الجائزة الأولى.
ويتابع يوسف نبيل، حصلت على شهرة واسعة من خلال تقديم أكثر من معرض، ودعينى أقول لك إننى كنت أرغب فى تقديم مجال مختلف فى التصوير بمعنى أدق كان لدى الرغبة فى أن أصبح مصورا فنانا، وهذا المجال لم يتخذه المصورون الفوتوغرافيون حينها، وكانت وسيلتى الوحيدة فى التعليم هى الأفلام السينمائية التى كانت تعرض بالتليفزيون المصرى وتعلمت أيضًا من خلال المجلات الأجنبية المستعملة التى كانت تباع فى سور الأزبكية بمنطقة وسط البلد، وأغلبية لوحاتى عبارة عن مزيج بين الرسم والتصوير والإخراج السينمائى، فلوحاتى أقوم بتصويرها باللون الأبيض والأسود، وأقوم بعد ذلك بتلوينها، فعملية المزج بين الأبيض والأسود والألوان من ضمن الأشياء التى شدتنى فى هذه المهنة ومع الوقت قمت بالتطوير وابتكار تكنيك مختلف، ودعينا نوضح أن قيمة الصور الزيتية تعادل قيمة الصور الفوتوغرافية، ففى لوحات فوتوغرافية تفوق قيمة الصور الزيتية فى العديد من بلدان العالم أبرزها فرنسا، لكن مصر لا تزال لا تعترف بإمكانية أن تصبح قيمة الصور الفوتوغرافية أغلى وأهم من الصور الزيتية، لكننا نستبشر خيرًا قريبًا.
ويتابع يوسف نبيل، دعينى أقول لك شيئًا مهمًا آخر عن الفنان، وهو عندما يلمع اسمه فى سوق الفن، تتابعه دار المزادات العالمية وتقوم بتقدير أعماله الفنية لبيعها، فى بعض اللوحات لدى تم بيعها ولم أكن أتوقع وصولها المزاد منها لوحة «فيفى عبده»، حيث تم بيعها بسعر عال فى دار سوثبى للمزادات العالمية. يقول يوسف نبيل عن فنيات التصوير «مفيش حاجة اسمها أنا بطلع شكلى وحش فى الصور»، لأن كل إنسان فيه شىء جميل، والأمر يتوقف على من يقوم بالتصوير، لأن المصور الجيد يستطيع أن يبرز جمال ملامح الوجه، كما أن توجيه المصور للشخص الذى يصوره عامل مهم فى إظهار الصورة فى أحسن شكل، «على سبيل المثال» فى الكثير من الفنانين السينمائيين المعروفين ملامحهم ليست جميلة لكن المصور يظهرهم بشكل جميل وجذاب وذلك قبل استخدام برامج «الفوتوشوب».
وعاد يوسف نبيل إلى جديته وقال «أود أن أنوه أنى أعشق بلدى بشكل يفوق الوصف، وحاولت الترويج فى الخارج عن بلدى من خلال تصوير المعالم السياحية والأثرية عام 2003، لكن تصريحات التصوير لم تتم الموافقة عليها، لكننى لم أيأس أبدًا، وقمت بإخراج ديكورات فنية تصور المعالم الأثرية المصرية لكى أقوم بتصويرها، وتكرر الأمر معى للأسف عندما كنت أريد تصوير الفنانة سلمى حايك فى مصر وهى مرتدية ملابس الرقص الشرقى وتأخر التصريح لمدة 6 شهور، وقررت أن أقوم بالتصوير خارج مصر، وآمل فى الفترة المقبلة الحصول على تصاريح لكى أصور داخل مصر بسهولة، ورغم الصعوبات التى كانت تواجهنى بين الفترة والأخرى أثناء مسيرتى الفنية، كان ولايزال لدى يقين بأن النجاح يكمن فى الحرية والصدق لأنه يصل إلى الناس بسرعة البرق، وهذا ما أحرص عليه لأننى عندما أقدم مشروعا فنيا جديدا أصبر عليه حتى لو وصل بى الأمر لاستغراق سنين لتنفيذه».
وقال يوسف نبيل، كنت بحلم بتصوير كوكب الشرق أم كلثوم، وفريدا كاهلوا، ونفرتيتى، ومن أكثر الصور الفوتوغرافية التى عشقتها صورة فيفى عبده لأنها فنانة قوية لديها إيمان قوى بعملها تقدر أهمية الرقص الشرقى الذى يدخل ضمن ثقافة بلدنا.
وإذا تحدثت عن النجاح فسوف أقول ليس شرطى السفر إلى الخارج، قصتى مختلفة فأنا لم أتمكن من التصوير داخل مصر، لذا أقول لشباب المصورين، لا تصعب الأمور على نفسك، كن صادقا مع نفسك صور الصور التى ترغب فى تصويرها من غير أى قيود، حاول ممارسة التصوير بشكل مكثف قبل أن تظهر صور للناس، وأخيرا أقول الصورة الجيدة ليست بالكاميرا باهظة الثمن، ولا السفر إلى الخارج طريقك فى الوصول إلى الشهرة.
وقال «نبيل» سعيد بعودتى إلى مصر للمشاركة فى بينالى القاهرة الدولى للفنون، أول مرة منذ 27 سنة يحصل لقاء بينى وبين وزارة الثقافة فى بينالى القاهرة الدولى للفنون، لذا سعدت بهذه التجربة ورحبت بالطبع بالمشاركة وعملية التنسيق حدثت على أعلى مستوى، من حيث شحن الأعمال والترويج الإعلامى للبينالى، سعيد جدا وشرف كبير أنى أعرض فى بلدى، فالمشاركة فى البينالى تقدير كبير أن يتم الاعتراف بعملى فى بلدى بعد هذه السنوات.. ويكفى أن أعمالى تقدم باسم «يوسف نبيل فنان مصرى يعيش فى القاهرة».