عقدت ندوة ثقافية بالأكاديمية الوطنية، لأئمة الاوقاف المتميزين، تناولت قضية تناول التراث فى ميزان العقل، حيث شددت الاوقاف على أن الدول تبنى بمجموع سواعد أبنائها وعقولها ونريد أن نتحول من الاستنارة والتميز الفردي إلى الاستنارة والتميز الجماعي.
وشددت الاوقاف، على ضرورة التحول من العقلية الحافظة ضرورة للتحول إلى العقلية المفكرة الواعية للنص وفهم أسرار اللغة يسهم في بناء الشخصية الأدبية القادرة على فهم النص.
وأكدت الاوقاف، ان اللقاء ياتى في إطار مساهمة وزارة الأوقاف في الدور التوعوي الذي تقوم به ، وحماية الشباب من الفكر المتطرف واستقطاب الجماعات الإرهابية ، وإثراء الجانب الثقافي والمعرفي لديهم ، وبالتعاون مع الأكاديمية الوطنية للتدريب، تحت عنوان : (نحو نظرية عصرية في النقد الأدبي).
و أكدت الاوقاف، على أهمية الدور التأهيلي والتدريبي الفعَّال الذي تقوم به الأكاديمية الوطنية ، وكذا أكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الأئمة والواعظات وإعداد المدربين ، موضحا أن الهدف منه التحول من الاستنارة والتميز الفردي إلى الاستنارة الموسعة والتميز الجماعي ؛ لأن الدول تبني بمجموع سواعد أبنائها ، إضافة إلى أن التأهيل الجيد ينبغي أن يتكامل مع المؤهلات العلمية ، موضحًا أننا نريد جيلا جديدا يعكف على قراءة جديدة وعصرية للتراث في شتى العلوم مع صياغتها في قالب عصري ، وأن الوزارة تتخذ هذا المنهج ومتواصلة فيه بقوة .
واضافت أن العلاقة بين التراث والمعاصرة في الفكر النقدي – شأن كثير من المتقابلات – ليست علاقة عداء أو قطيعة ، ولن تكون ، ولا ينبغي أن تكون ، وإن الوسطية التي نحملها منهجًا ثابتًا في كل مناحي حياتنا ، ونجعل منها ميزانًا دقيقًا نزن بها أمورنا كلها ، إنما هي منهج ثابت ننطلق منه في كل جوانب حياتنا العلمية والفكرية والفلسفية والتطبيقية ، لا نحيد عن هذا المنهج قيد أنملة ، فقد قالوا : لكل شيء طرفان ووسط ، فإن أنت أمسكت بأحد الطرفين مال الآخر واختل توازنه ، وإن أنت أمسكت بالوسط استقام لك الطرفان ، ونحن مستمسكون بهذا الوسط وتلك الوسطية، لا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا تقصير .
وقالت الاوقاف، نــحـن لا نتعصب للقديــم لمجــرد قدمــه ، ولا نسـلـم زمام عقلنـا للتقليد الأعمى دون أن نمعــن النظــر فيما ينقــل إلينــا أو يلقى علينــا ، فقـد ميز الله (عز وجل) الإنسان عن سائر الخلق بالعقل والفكر والتأمل والتدبر والتمييز ، ونعى على من أهملوا هذه النعم ولم يوفوها حقها .
وأكدت الاوقاف، انه لا يمكن أيضًا أن ننسلخ من هذا التراث العريق أو نقف منه موقف القطيعة ، ونعمل في الهواء الطلق ، فمن لا ماضي له لا حاضر له ولا مستقبل ، بل علينا أن نأخذ من الماضي العريق النافع والمفيد الذي ننطلق به في الحاضر ونؤسس به للمستقبل .
ولفتت الاوقاف، الى أن في تراثنا النقدي من الفكر والثراء والتنوع ما يحتم علينا إعادة قراءة هذا التراث قراءة جديدة عصرية يمكن أن تشكل أساسًا قويًّا ومتينًا لبناء نظرية عربية في النقد الأدبي ، لا تنفصل عن تاريخها ولا عن هويتها ولا عن واقعها ، بل يمكن أن تكون حال نضجها أحد أهم ملامح هويتنا الواقية وخصوصيتنا الثقافية في زمن العولمة والتيارات النقدية والفكرية والثقافية الجارفة.
وقالت الأوقاف، إننا لا يمكن أن نرفض القديم لقدمه ، لا يمكن أيضًا أن نرفض الحديث لحداثته ، أو لكونه ثقافة الآخر أو المختلف ، أو كونه ثقافة وافدة على ثقافتنا ، أو أن ندعو إلى الانكفاء على الذات والتمحور أو التقوقع حولها ، فهذا عين الجمود والتحجر الذي نواجهه بكل قوة وحسم ، فثقافة أخرى تعني عقلاً آخر ، وإضافة جديدة ، ومادة جديرة بالاعتبار والتأمل والنظر ، بل إنني لأدعو إلى إعمال الفكر وإمعان النظر في كل ما هو عصري أو حديث أو جديد ، فنأخذ منه النافع والمثمر والمفيد ، وما يشكل إضافة حقيقية لثقافتنا ، ويتناسب مع قيمنا وأخلاقنا وحضارتنا ، ونتجاوز ما لا يتسق مع هويتنا الثقافية وقيمنا الراسخة.
واستكملت الاوقاف: يجب أيضًا ألا نتخلف عن الركب ، فنتشبث بآراء ونظريات ثبت عدم جدواها عند الغربيين أنفسهم فدعا نقادهم إلى ضرورة مراجعتها ، أو تخلوا هم عنها وبحثوا عن نظريات أو رؤى أخرى جديدة رأوها أكثر دقةً وملاءمةً ونفعًا ، أو وجدوا فيها خيط نجاة جديد يخلصهم من تعقيدات وفلسفات بعض النظريات التي خرجت بالنقد الأدبي عن لبابه إلى معالجات انحرفت بالنص الأدبي عن مساره الطبيعي إلى مسارات أخرى ربما كان من الأجدى تطبيقها على علوم وفنون أخرى غير النص الأدبي، إذ تبقى عظمة وخصوصية النص الأدبي والنقدي في كون كل منهما نصًّا ينطق أدبًا ويفيض أدبًا ويشع أدبًا قبل أي شيء آخر ، مستشهدة ببعض النماذج.