أغلبنا عندما يفكر فى موضوع ما أو يريد أن يتخذ قرارا مهما، يلجأ لطرق عدة لمساعدته فى الوصول لاختيار صحيح، فهو قد يستشير من لديهم خبرة سابقة من تجربة مشابهة مروا بها، أو يستفسر ويسأل بحثا عن معلومات تساعده فى قراره، وعلى الرغم من أن هذه الوسائل وغيرها هى حكيمة وصحيحة بلا شك، إلا أن هناك أيضا وسيلة مهمة يتجاهلها الكثير أو يقللون من أهمية الاعتماد عليها وهى "الحدس".
الحدس هو ذلك الشيء الغامض الخفى داخل نفسك، تشعر بوجوده عندما يؤثر على إحساسك ومشاعرك من الداخل فيعطيك إما إنذارا وشعورا سيئا تجاه أمر تفكر فيه أو ربما شخص تقابله لأول مرة، أو ربما يعطيك شعورا بالبهجة وانشراح الصدر تجاه نفس الموقف أو ذاك الشخص، كثير منا لا يجيد فن الإنصات جيدا لما يقوله له حدسه، ولا يعرف كيف يفسر ويقرأ تلك المشاعر التى تملأ صدره تجاه موقف أو فكرة أو موضوع،
تجارب الحياة فى الواقع تقول فى أغلب الأحيان حدسك يعطيك شعورا حقيقيا بالخطر وكأنه يقول لك لا تفعل، لا تصدق ما تسمعه، ابتعد، لا تغامر، أو ربما يقول لك العكس، هذه فرصة جيدة، صدق ما تسمعه، لا تتردد ويكون الحدس صادقا فعلا ولكن كثير منا لا يتقنون فن الإصغاء لحدسهم، بل بعض الناس يسمعون لحدسهم فعلا ولكن تنقصهم الثقة بالنفس لتصديقه ويتخذون قرارات معاكسة لما يشعرون أنه يجب أن يكون.
ثق بنفسك وابنى علاقة قوية بين عقلك وقلبك، ففى هذه المنطقة التى بين العقل والقلب يكمن الحدس وكلما كانت العلاقة متينة فإن الحدس يكون أقوى وأصدق، وكلما كانت النوايا سليمة ومحبة للخير فإن الحدس يزداد قوة ووضوحا، والعكس أيضا صحيح، فكلما كانت النوايا سيئة أو سلبية فإن الحدس سيخذل صاحبه، يضعف ويبهت.
فى الأمثال الشعبية يقولون (عد للعشرة) قبل الإقدام على أمر ما أو التفوه بأى كلام، ويقولون (فى التأنى السلامة)، والحقيقة أن مقصد هذه الأمثال معناه: خذ وقتك وانتظر حتى يعطيك حدسك إشارة ودليل إلى حيث ما فيه الخير لنفسك ولمن حولك أيضا، لذلك يجب على كل إنسان أن يعطى لحدسه الفرصة الكافية ليساعده فى اتخاذ قرار صحيح تجاه أى موقف أو موضوع، أن إهمال الحدس والتصرف باندفاع ودون روية يؤدى غالبا الى مواقف معقدة وحلول سيئة ونتائج غير مرغوبة.
ومن المهم الإشارة إلى أن الاتصال الروحى (أى العلاقة الروحانية الدينية) مع الخالق عز وجل تساعد كثيرا فى صفاء النفس وتقوية الحدس والذى يعتبر أيضا أساس اكتساب الحكمة والتنور والقدرة على الحكم على الأمور بطريقة صحيحة .
