متحف نجيب محفوظ علامة مصرية جديدة فى التاريخ الثقافى العالمى

الإثنين، 15 يوليو 2019 09:44 ص
متحف نجيب محفوظ علامة مصرية جديدة فى التاريخ الثقافى العالمى متحف نجيب محفوظ
(أ ش أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يشكل "متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ" علامة مصرية جديدة فى التاريخ الثقافى العالمى، بعدما أشرق بعناق المكان والزمان على العالم من قلب القاهرة العريقة، والتى ارتبط بها أديب نوبل المصرى الراحل كل الارتباط وتجلت فى إبداعاته الروائية ومجموعاته القصصية الخالدة.

وبالإنابة عن رئيس مجلس الوزراء، افتتحت وزارتا الثقافة والآثار أمس الأحد "متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ"، بحضور محافظ القاهرة جنبا إلى جنب مع أم كلثوم ابنة الأديب النوبلى الراحل نجيب محفوظ وكوكبة من الشخصيات العامة والمبدعين والمثقفين ومن بينهم الروائى والبرلمانى يوسف القعيد.

وبعد تكريم نجيب محفوظ ومنحه قلادة النيل لفوزه بجائزة نوبل فى الآداب عام 1988، كان يوسف القعيد قد نقل عن سيد الرواية المصرية قوله، "إن الحفل الذى أقامته لى بلادى أهم من أى حفل آخر".

وجاء الحضور الحاشد فى حفل افتتاح "متحف ومركز إبداع نجيب محفوظ" فى حى الأزهر دالا على أهمية هذا الحدث الثقافى الكبير الذى شارك فيه سفراء ودبلوماسيون من دول شتى حول العالم، فيما نوهت وزيرة الثقافة بأن افتتاح المتحف صفحة جديدة فى سجل الإنجازات المتوالية والتى ندعو للفخر.

والمتحف الذى أقيم فى المبنى التاريخى "تكية أبو الدهب" بدأ العمل فى تأسيسه منذ عام 2016 ويتكون من طابقين، ويتضمن قاعة للندوات ومكتبة عامة ومكتبة سمعية-بصرية وأخرى نقدية تحوى دراسات وأبحاث مهمة عن ابداعات نجيب محفوظ فضلا عن قاعات للأوسمة والميداليات والشهادات التى منحت له ومتعلقاته وأوراقه الشخصية ومؤلفاته وصوره وحملت تلك القاعات التى تضمنت قاعة للسينما أسماء دالة على ابداعات محفوظ مثل:"نوبل والحارة وتجليات وأحلام الرحيل وأصداء السيرة".

وتتضمن مقتنيات المتحف والتى سلمتها أم كلثوم نجيب محفوظ لوزارة الثقافة فى مطلع عام 2011 أشياء حميمة مثل قلمين "أحدهما حبر والآخر جاف" أهداهما الأديب الكبير توفيق الحكيم الذى اشتهر بالحرص لصديقه نجيب محفوظ فضلا عن ملابس للأديب النوبلى المصرى وساعته المعدنية وحتى نظارات وعدسة للقراءة ومستلزمات حلاقة الذقن وسبحة وقطعة صخرية من سور برلين الذى كان يفصل العاصمة الألمانية الحالية إلى شطرين فى عصر الحرب الباردة.

و"تكية أبو الدهب" التى أقيمت عام 1774 قريبة من البيت الذى ولد فيه نجيب محفوظ بحى الجمالية فى قلب القاهرة المعزية التى استلهم منها الاديب النوبلى المصرى أغلب شخصياته وأماكن رواياته مثل "بين القصرين وقصر الشوق والسكرية وزقاق المدق وخان الخليلى" فيما يأتى اختيار هذا المكان فى سياق توجه مصرى للاستفادة من كل المبانى الأثرية المغلقة واستغلالها الاستغلال الأمثل.

وفيما تثير كلمة "التكية" كمفردة تاريخية تداعيات ذهنية تشير لعالم الدراويش والمتصوفة وأبناء السبيل فان هذا العالم كان منجما ثريا لابداعات نجيب محفوظ الذى ولد فى الحادى عشر من ديسمبر عام 1911 بحى الجمالية، وقضى "صاحب الحرافيش" فى الثلاثين من أغسطس عام 2006 وكان قد اختار دراسة الفلسفة وتخرج من جامعة القاهرة عام 1934.

وداخل هذا المتحف والمركز الإبداعى المصرى الجديد يلتقى الزائر بشخصيات عالم نجيب محفوظ وأفلامه والحارة المصرية التى ألهمته ابداعاته كما يتفاعل مع أصداء سيرته الثرية المديدة ومسيرته الأدبية التى تشكل العلامة الرائدة فى الأدب العربى الحديث فيما يجد فى "قاعة التجليات" أفكاره الفلسفية كما تبدت فى سلسلة نقاشات مع الكاتب والأديب الراحل جمال الغيطانى ويستعيد الأجواء القاهرية الحميمة فى "ركن مقهى الحرافيش".

وإذ وجهت الدكتورة إيناس عبد الدايم الدعوة لكل المواطنين وخاصة الشباب والأجيال الجديدة لزيارة المتحف الذى يحمل اسم أحد أعلام قوة مصر الناعمة فإنها أعلنت أن دخول المتحف "مجانى لمدة شهر بمناسبة افتتاحه".

إن احتفالات الأمم وتكريم الشعوب لمبدعيها مثلما يفعل المصريون مع أديبهم الكبير نجيب محفوظ تشكل مددا لتشجيع المواهب الصاعدة بقدر ماتثرى التاريخ الثقافى للدول فى الشرق أو الغرب.

وكانت بريطانيا قد شهدت فى العام الماضى احتفالات كبيرة بمناسبة الذكرى المئوية الثانية لرحيل الروائية جين اوستن وتحدث مثقفون عبر صحف ووسائل إعلام بإعجاب عن وضع صورة لجين اوستن على العملة البريطانية من فئة الـ 10 جنيهات استرلينى لتكون أول كاتبة فى العالم تحظى بهذا التكريم وليتداول صورتها كل البشر الذين يتداولون هذه العملة.

ولقد ثار نوع من الجدل حول خلفيات هذا القرار ومعايير اختيار كبار المبدعين والشخصيات الأدبية التى توضع صورها على العملات النقدية فواقع الحال أن قرار اعتماد صورة جين اوستن على ورقة البنكنوت من فئة الجنيهات العشر الاسترلينية جاء بناء على التماس رفع للبنك المركزى فى بريطانيا ووقع عليه 35 ألف شخص.

وتحمل أوراق البنكنوت صورة جين اوستن مع خلفية للبيت الذى نشأت فيه وعبارة جاءت على لسان شخصية فى روايتها "كبرياء وتحامل" وهى :"أرى الآن وفى نهاية المطاف انه لا متعة تعادل متعة القراءة" وهى متعة لطالما تحدث عنها الأديب النوبلى المصرى نجيب محفوظ فيما يضم متحفه الجديد العديد من كتبه.

ومع افتتاح متحف نجيب محفوظ الذى يليق باسم وتاريخ هذا المبدع المصرى الكبير يحق للمصريين ان يشعروا بالفخر حيال هذا الإنجاز كما يشعر البريطانيون بالفخر حيال متحف جين اوستن المقام فى البيت الذى عاشت فيه سنواتها الأخيرة ببلدة شوتون فى منطقة "هامشاير" ويضم مقتنياتها التى تحولت الى "جزء من الثروة القومية والتراث الوطنى البريطاني".

وللقاهرة أن تزهو بمتحف نجيب محفوظ الذى يعد افضل من عبر عن العاصمة المصرية والروح القاهرية كما تزهو كبريات المدن فى العالم بمتاحف الأدب مثل "متحف الأدب الحديث" فى العاصمة الصينية بكين الذى يوصف بأنه من اكبر المتاحف الأدبية فى العالم ويضم ست قاعات عرض وقاعة للقراءة ومكتبة تحوى اعمالا ادبية مختلفة بأعداد هائلة.

وتنهض متاحف الشخصيات الأدبية والثقافية الخالدة فى التاريخ الإنسانى بدور مشهود على صعيد "السياحة الثقافية" مع تدفق الزائرين على هذه المتاحف فإن تلك الحقيقة تشير لدور مهم لمتحف نجيب محفوظ على هذا الصعيد وبكل ما يعنيه ذلك المتحف من تكريم للإبداع كما جسده صاحب الابداعات الروائية مثل: "الثلاثية وبداية ونهاية وخان الخليلى والسراب والسمان والخريف والطريق وميرامار وثرثرة فوق النيل والحرافيش".

وهذه الحقيقة المتعلقة "بالسياحة الثقافية" تجلت من قبل فى متاحف ثقافية مثل متحف جين اوستن التى ولدت فى بلدة "أوستن" بمنطقة ستيفنسن يوم السادس عشر من ديسمبر عام 1775 وقضت يوم الثامن عشر من يوليو عام 1817 هى صاحبة روايات ذاعت شهرتها فى العالم وبعضها تحولت إلى أفلام سينمائية مثل "كبرياء وهوى" و"كبرياء وتحامل" و"العقل والعاطفة" فيما تتناول رواياتها جوانب من حياة طبقة ملاك الأراضى البريطانيين فى القرن الثامن عشر.

وإذا كانت صاحبة روايات "ايما" و"مانسفيلد بارك" و"اقناع" و"دير نورثانجر" مازالت حاضرة فى المشهد الثقافى الغربى بابداعاتها التى باتت من اهم "الدروس لطلاب الكتابة الابداعية" كما تقول جمهرة النقاد فى الصحافة الثقافية البريطانية فان الأمر ذاته ينطبق على حضور النوبلى نجيب محفوظ فى الحياة الثقافية والأدبية المصرية والعربية ككل.

ولا ريب أن متحف نجيب محفوظ بكل رمزيته يكتسب طابعا عالميا مع الاهتمام الكبير من جانب قراء فى كل مكان بالعالم بإبداعات هذا المصرى الحاضر بروائعه الروائية والقصصية وشأنه شأن المبدعين الكبار فى العالم فان أحد أهم اسباب الشغف برواياته أنها "روايات قابلة لتأويلات مختلفة وتفسيرات متعددة".

فكل قارئ يمكن أن يفسر هذه الروايات المحفوظية حسب تذوقه وأن يمنحها تأويلات جديدة على مر الأيام وهذا شأن وسمة المبدعين العظام وفى مقدمتهم الشاعر والكاتب المسرحى الإنجليزى ويليام شكسبير.

ومازالت إبداعات نجيب محفوظ بأجواء الحارة المصرية الحميمة تشكل أيضا مصدر الهام للدراما سواء على الشاشة الكبيرة أو الصغيرة فيما يمكن لزائر متحفه أن يجد الكثير من المتعة فى قاعة السينما فضلا عن الصور لشخصيات أبدعها مثل "السيد أحمد عبد الجواد " ليكتسب هذا المتحف والمركز الإبداعى ابعادا متعددة كلبنة هامة فى صرح التاريخ الثقافى لمصر.

متحف نجيب محفوظ هو متحف مصرى فى عناق الزمان والمكان لتكريم مبدع مصرى حاضر فى الوجدان المصرى والعالمي.. .وإنها مصر التى تكرم مبدعيها الكبار وتضبط ايقاعات المستقبل على لحن الابداع وتمنح العالم علامة ثقافية جديدة وفاء لرسالتها الحضارية الخالدة.

 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة