أكرم القصاص - علا الشافعي

هيئة الاستعلامات: "النيل والكفاح والتنمية" تجمع بين مصر والكونغو الديمقراطية

الثلاثاء، 16 يوليو 2019 01:30 م
هيئة الاستعلامات: "النيل والكفاح والتنمية" تجمع بين مصر والكونغو الديمقراطية ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات
كتب محمد السيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بين مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية علاقات وطيدة؛ صنعتها الجغرافيا، وصاغها التاريخ البعيد والقريب معاً، وأكدها الحاضر، وقاربت بين البلدين مصالح مشتركة، وجمعتهما قيم السلام ومبادئ الاستقرار، والرغبة فى النهوض والتقدم والرفاهية للشعبين.

فعلى صعيد حقائق الجغرافيا، فإن الشعبين يشربان من مصدر واحد هو نهر النيل الذى تبدأ منابعه من منطقة البحيرات العظمى التى تقع الكونغو عليها، ليصل إلى مصر بعد ذلك كمصدر للحياة والنماء على أرضها.

أما وقائع التاريخ، فتذكر دور مصر بقيادة زعيمها، جمال عبد الناصر، فى دعم استقلال الكونغو، ومساندة شعبها فى مواجهة الاستعمار البلجيكى وأعوانه فى داخل البلاد بعد ذلك؛ وفى المراحل التالية، ترجمت مصر حرصها على استقرار الكونغو الديمقراطية فى دعم سياسى دائم، بل ودعم عسكرى كلما تطلب الأمر ذلك.

وفى كل المراحل، جمعت بين قيادة البلدين علاقات ودٍ واحترام وتشاور، كان لها أثر إيجابى فى تعزيز العلاقات الثنائية دائماً.

وفى الوقت الراهن، تواصل الدولتان العمل على تطوير علاقاتهما فى كافة المجالات، ولاشك أن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى مع الرئيس فيليكس تشيسيكيدى فى أديس أبابا فى 9 فبراير 2019، والذى جاء بعد أسبوعين فقط من تسلم الرئيس تشيسيكيدى الرئاسة فى بلاده، إنما يؤكد حرص البلدين على استمرار وتطوير التعاون السياسى والاقتصادى والاستراتيجى بينهما، لكل مافيه خير وصالح الشعبين والقارة الأفريقية. وفى 9 يوليو الجرى (2019) التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى برئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيلكس تشيسيكيدى، على هامش رئاسته لقمة الاتحاد الأفريقى التنسيقية المصغرة الأولى بنيامى فى النيجر، حيث جدد الرئيس السيسى عزم مصر الاستمرار فى تقديم كافة أوجه المساعدات الممكنة للكونغو الديمقراطية كدولة تجمعنا بها علاقات تاريخية تمثل نموذجاً للتعاون والتنسيق والدعم المتبادل، مؤكدا فى هذا الصدد تطلع مصر للارتقاء بمستوى التنسيق والتشاور السياسى الثنائى بين البلدين.

هذه الحقائق؛ هى بعض ما اشتمل عليه الكتاب الجديد الذى أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات بعنوان: "مصر والكونغو الديمقراطية".

وقال الكاتب الصحفى ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، إن هذا الكتاب "مصر والكونغو الديمقراطية "قد صدر باللغتين العربية والفرنسية وهذا هو الكتاب رقم (8) فى إطار سلسلة "مصر وأفريقيا" التى تصدرها هيئة الاستعلامات فى إطار المواكبة الإعلامية لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، وقد بدأت هذه السلسلة بإصدار كتاب شامل عن مصر فى أفريقيا ثم بإصدار كتب متتابعة كل منها يتناول لمحات من المعلومات عن دولة أفريقية وعلاقات مصر معها، من أجل تعزيز التفاهم بين الشعوب الأفريقية، وإثراء معرفة الشعب المصرى بأشقائه فى الدول الأفريقية، ومخاطبة الشعوب الأفريقية بلغاتها، وتعريف القراء فى أفريقيا وفى كل مكان بكل شعب من شعوب هذه القارة وثقافتها وفنونها وسياستها واقتصادها وتاريخها ودورها الحضارى والإنسانى.

وأشار رشوان إلى أن مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية تربطهما علاقات تاريخية تعود جذورها إلى عقد الستينيات من القرن الماضى، حيث قدمت مصر فى إطار دعمها ومساندتها لحركات الاستقلال والتحرر من الاستعمار الأوروبى فى دول القارة الأفريقية، كافة وسائل الدعم الممكنة لمساعدة معارك التحرر والاستقلال التى خاضتها الكونغو الديمقراطية ضد الاستعمار البلجيكى.

وتابع: "ساند الرئيس جمال عبد الناصر الزعيم باتريس لومومبا وأحقيته فى تمثيل الحكومة المركزية، حتى نالت الكونغو استقلالها فى 30 يونيو عام 1960، كما قام الإعلام المصرى بفضح ألاعيب الاستعمار البلجيكى فى بث الانقسام وخلق ومساندة الحركات الانفصالية من أجل الاستمرار فى استغلال ثروات البلاد، كما ساندت مصر وحدة الكونغو فى مواجهة مؤامرات الانفصال".

ولفت رشوان إلى أنه عندما تعرضت الكونغو لاضطرابات مسلحة فى عام 1977، استعانت بخبراء عسكريين مصريين إلى جانب قوات من دول أخرى، كما وقعت مع مصر فى العاصمة الكونغولية كينشاسا فى 8 فبراير 1980 اتفاقية تعاون عسكرى وفنى وتدريب عسكرى.

وفى المراحل التالية، دعمت مصر استقرار الكونغو من خلال مشاركة قوات مصرية فى بعثة الأمم المتحدة لتحقيق السلام فى الكونغو الديمقراطية بهدف دعم جهود الأمم المتحدة المساندة للجيش الكونغولى فى مواجهة الحركات المسلحة بمنطقة شرق الكونغو للحفاظ على سيادة أراضيها، وحماية ثرواتها التى يتم نهبها عن طريق عدد من الحركات المسلحة بشكل غير قانونى.

وقد تولت مصر رئاسة لجنة عقوبات الكونغو الديمقراطية، خلال عضويتها غير الدائمة فى مجلس الأمن الدولى للفترة 2016-2017، وتهدف اللجنة إلى دعم جهود حكومة الكونغو الديمقراطية ودول منطقة البحيرات العظمى لإحلال السلام والاستقرار ومواجهة خطر الجماعات المسلحة التى تعانى منها المنطقة. وأكدت مصر أهمية تحقيق الاستقرار فى شرق الكونغو الديمقراطية، باعتباره المفتاح الرئيسى للسلام والتنمية فى منطقة البحيرات العظمى.

 

علاقات سياسية متنامية

استناداً للرصيد التاريخى للعلاقات بين مصر والكونغو الديمقراطية، تطورت العلاقات بين البلدين على الصعيد السياسى، وتواصلت المشاورات والتنسيق على أعلى المستويات بين قيادتى البلدين بِأن الأوضاع فى الكونغو، والعلاقات الثنائية والقضايا الأفريقية والإقليمية التى تهم البلدين.

والملاحظة الجديرة بالانتباه فى هذا الصدد، هو ثبات العلاقات الطيبة بين البلدين مع تغير القيادات فى الكونغو، ففقد حرص قادة الكونغو على الاحتفاظ بعلاقات وطيدة مع مصر دائماً، من الرئيس الأسبق موبوتو سيسيسيكو، ثم الرئيس لوران كابيلا، ثم الرئيس جوزيف كابيلا، وصولاً إلى الرئيس فيليكس تشيسيكيدى الذى تولى الرئاسة رسمياً فى 24 يناير 2019.

وبعد ذلك بنحو أسبوعين، وعلى هامش القمة الأفريقية فى العاصمة الإثيوبية أديس ابابا، عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى 9 فبراير 2019، لقاء بمقر إقامته مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسيكيدى. وحرص الرئيس السيسى خلال اللقاء على توجيه التهنئة لرئيس الكونغو والشعب الكونغولى على نجاح الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية، مؤكداً حرص مصر على الاستمرار فى توظيف إمكاناتها لدعم الكونغو فى المجالات التنموية والفنية المختلفة، وذلك بالتوازى مع مستوى العلاقات السياسية بين البلدين، وتناول اللقاء أيضاً بعض الأمور الخاصة بالتعاون الثنائى بين الدولتين، كما وجه الرئيس السيسى الشكر للرئيس تشيسكيدى على مواقفه إلى جانب مصر، ووجَّه له الدعوة لزيارة مصر فى أقرب فرصة.

من جانب آخر فإن الكونغو هى إحدى أهم الدول فى مجموعة الدول العشر المكونة لحوض النيل، فهى إحدى دول البحيرات العظمى التى تنطلق منها منابع النيل الأبيض.

وتؤد الكونغو الديمقراطية الحاجة لاستمرار التشاور بين كافة دول حوض النيل للوصول إلى التوافق الأمثل للمضى قدماً فى المشروعات والبرامج الكفيلة بتحقيق مصالح جميع دول الحوض، وأبدت مصر تقديرها لمساعى الكونغو الديمقراطية لإحداث توافق بين دول حوض النيل للوصول إلى إتفاق شامل يضم جميع دوله ويضمن الأمن المائى لجميع أطرافه.

ومن المصادفات التى يذكرها كتاب "مصر والكونغو الديمقراطية" الصادر عن الهيئة العامة للاستعلامات، أن الرئيس موبوتو سيسيسيكو الرئيس الأسبق للكونغو الديمقراطية( زائير آنذاك) هو صاحب أول تفكير فى ترشيح الدكتور بطرس غالى لمنصب الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وطبقاً لما ذكره الكاتب الصحفى الأستاذ محمد حسنين هيكل، أنه بعد تفكير الدول الأفريقية فى أن يكون المنصب من حقها، تم تكليف وزراء الخارجية الأفارقة بوضع قائمة بخمسة مرشحين، وعندما وضعت الأسماء لاحظ بعض الرؤساء أن معظم الاسماء فى القائمة من الدول الأفريقية الناطقة بالانجليزية مع غياب واضح للدول الأفريقية الناطقة بالفرنسية، وطلب الرئيس "موبوتو" تعديل القائمة لكى تضم مرشحين ينطبق عليهم ذلك، وعندما بدأ سرد الأسماء التى يمكن إدراجها، توجه الرئيس موبوتو إلى الدكتور بطرس غالى الذى كان حاضراً هذا الاجتماع بكلمة قال فيها: "وانت يا بيير ألا تريد أن تضيف اسمك إلى القائمة خصوصا أنك فرانكفون وأنجلوفون وعرب فون أيضاً، وبعد المفاجأة التى تلقاها الدكتور بطرس غالى من موبوتو، وبعد عودته لمصر، رفع مذكرة إلى الرئيس بهذا الموضوع وتمت بالفعل الموافقة على الترشيح، وفاز بالمنصب".

 

تشيسيكيدى للسيسي: خصالكم كقائد ستقود أفريقيا بنجاح

فى السنوات الأخيرة، أيدت الكونغو الديمقراطية مصر للفوز بالعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن الدولى للفترة من 2016-2017 عن المقعد الأفريقى المخصص لشمال أفريقيا، وقد عملت مصر خلال عضويتها فى المجلس، وعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى، على الدفاع عن كافة القضايا التى تحقق مصالح الكونغو الديمقراطية، وكافة الدول الأفريقية من أجل مواجهة موجات العنف والتطرف التى تؤثر بالسلب على جهود الاستقرار والتنمية فى مختلف الدول.

كما أيدت الكونغو رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى، وقال الرئيس تشيسيكيدى فى كلمته أمام القمة الأفريقية بأديس أبابا فى فبراير 2019 عبارة رائعة موجهاً حديثه إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي: "إننى على يقين بأن خصالكم كقائد، والتمسك التاريخى لبلدكم مصر بالمثل الأفريقية، سوف يمكنكم من قيادة منظمتنا بفعالية ونجاح خلال ولايتكم".

 

العلاقات الاقتصادية

تسعى مصر والكونغو الديمقراطية، طبقاً لكتاب "هيئة الاستعلامات"، إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة اعتماداً على ما يتوفر لهما من إمكانات مادية وبشرية، وهو ما يمثل حافزاً للعمل معاً على دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية بحيث تعكس ما يجمع بين البلدين والشعبين من علاقات وروابط وثيقة، بالإضافة إلى سعى الدولتين إلى الارتقاء بحجم التبادل التجارى وتشجيع المشروعات المشتركة فى القطاعات الاقتصادية المختلفة.

وفى هذا الإطار، شاركت جمهورية الكونغو الديمقراطية فى مؤتمر قمة التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاث الكبرى (الكوميسا، السادك، تجمع شرق أفريقيا) التى استضافتها مصر بمدينة شرم الشيخ خلال الفترة من 7-10 يونيو 2015، حيث قام "بايزا كيسولا" وزير التجارة الكونغولى بزيارة مصر لتمثيل بلاده فى المؤتمر.

وفى خطوة مهمة لتشجيع العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وقعت مصر والكونغو الديمقراطية فى 4 فبراير 2016 عدداً من بروتوكولات التعاون ومذكرات التفاهم، وهى بروتوكول تعاون بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس ووكالة تطوير وترويج مشروع سد إنجا الكبير بالكونغو الديمقراطية، وذلك فى مجال إدارة المشروعات الكبرى للبنية التحتية، ومذكرة تفاهم للتعاون بشأن إنشاء مركز للمعلومات ودعم اتخاذ القرار بالكونغو الديمقراطية، ومذكرة تفاهم للتعاون فى مجال المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومذكرة تفاهم فى مجال السياحة، إلى جانب التوقيع على العقد التنفيذى لمشروع إنشاء محطة كهرباء بالطاقة الشمسية بالكونغو الديمقراطية.

وأكد رئيس الوزراء الكونغولى السابق خلال زيارته لمصر فى فبراير 2016، أن بلاده تعتبر شريكاً اقتصادياً هاماً لمصر فى منطقة وسط أفريقيا، وشدد على دعمها لجهود مصر فى المجالات الاقتصادية والتجارية وغيرها من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، كما أشاد بقيام مصر بحفر قناة السويس الجديدة والتى تعد فخراً لمصر وأفريقيا معاً.

 

العلاقات التجارية

بلغ حجم التبادل التجارى بين مصر والكونغو الديمقراطية فى عام 2014 نحو 65 مليون دولار، بإجمالى صادرات مصرية يُقدر بحوالى 35 مليون دولار، وواردات مصرية بحوالى 30 مليون دولار.

وتمثلت أهم الصادرات المصرية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية فى عام 2014، في: سيارات الركاب، والمواد العطرية، فضلاً عن العصائر والفواكه. أما فيما يتعلق بالواردات المصرية من الكونغو الديمقراطية فأهمها: مواد خام مثل أقطاب النحاس، الزنك، الأخشاب.

 

التعاون الفنى

تلعب الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية (EAPD) التابعة لوزارة الخارجية المصرية دوراً رئيسياً فى دعم جهود بناء القدرات فى جمهورية الكونغو الديمقراطية من خلال الدورات والمنح التدريبية التى تنظمها بالتعاون مع الوزارات المصرية ذات الصلة فى مختلف المجالات، والتى تشمل الصحة والكهرباء والرى والزراعة والدبلوماسية وغيرها.

وفى هذا الإطار، تقوم الوكالة بتوفير المساعدات اللوجيستية للعديد من القطاعات فى الكونغو الديمقراطية، والتى كان من بينها خلال الفترة الماضية إعادة تأهيل العديد من الأقسام فى مستشفى كينشاسا العام وتزويدها بالأجهزة الطبية، وإرسال العديد من القوافل الطبية المصرية، فضلاً عن إرسال شحنة من المساعدات اللوجيستية من مستلزمات الورش لإقامة مركز للتدريب المهنى فى كينشاسا، وكذلك مركز مماثل فى مدينة غوما شرق الكونغو.

وقامت الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى مارس 2018 بتقديم مساعدات دوائية إلى هيئة الإذاعة والتليفزيون الكونغولية. كذلك، تعمل المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل على تنفيذ عدد من المشروعات فى الكونغو الديمقراطية من بينها إنشاء مزرعة نموذجية مشتركة، وعدد من محطات توليد الطاقة الكهربائية، فضلاً عن إنشاء مركز طبى فى كينشاسا.

 

تعاون فى إدارة المياه

باعتبار جمهورية الكونغو الديمقراطية إحدى دول إقليم البحيرات العظمى التى تقع منابع النيل فى أراضيها، فإنها تلتزم باحترام حقوق باقى الدول فى حوض النهر، ومن ضمنها مصر، بموجب العديد من الاتفاقيات التاريخية الموقعة إبان الحقبة الاستعمارية لأفريقيا، ومن هذه الاتفاقيات فيما يتعلق بجمهورية الكونغو الديمقراطية، الاتفاق الحدودى الموقع فى لندن فى 9 مايو 1906 بين حكومة الكونغو الديمقراطية وبريطانيا (تطبيقاً لاتفاق بروكسل 1894) وتتعهد فيه حكومة الكونغو المستقلة بعدم إنشاء أية أعمال على نهر سمليكى أو نهر إيسانجو يكون من شأنها خفض حجم المياه التى تتدفق إلى بحيرة ألبرت ما لم توافق الحكومة السودانية، وما يعنيه ذلك من عدم قيام الكونغو الديمقراطية بتنفيذ مشروعات تضر بكل من مصر والسودان، ووفق نص المادة الثالثة من الاتفاق، فإنه يُحرم على الكونغو بناء أى سدود أو منشآت على نهرى سمليكى أو ايسانجو، أو فيما يجاورهما من شأنها التأثير على كمية المياه الداخلة فى بحيرة "ألبرت" ما لم يتم ذلك بالاتفاق مع الحكومة المصرية.

ومن هنا، من الطبيعى أن يمثل التنسيق والتشاور والتعاون بين مصر وجمهورية الكونغو الديمقراطية بشأن مياه النيل أحد القواسم المشتركة المهمة فى العلاقات فيما بينهما، وقد تبلور التعاون بين البلدين بشأن مسألة مياه النيل فى العديد من المظاهر والمؤشرات، حيث تعد هذه المسألة من المسائل المهمة التى تحظى بالاهتمام خلال لقاءات مسئولى الدولتين على كافة المستويات.

فخلال المحادثات التى أجراها الرئيس الكونغولى جوزيف كابيلا فى القاهرة فى 23 مايو 2010، جددت الكونغو الديمقراطية حرصها على عدم الإضرار بمصالح مصر فى مياه النيل، وضرورة توافق الآراء بشأن أى اتفاق يتم التوصل إليه بين دول حوض النيل بما يحقق مصالحها المتبادلة، بما فيها دول المنبع والمصب وفقاً لمبدأ لا ضرر ولا ضرار.

وفى 7 مارس 2012، وقعت مصر والكونغو الديمقراطية بروتوكولاً للتعاون الفنى فى مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية، لمدة خمس سنوات يتضمن 5 مجالات لتحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية، تشمل مواجهة التغيرات المناخية التى تتعرض لها الكونغو وتأثيرها على الأمطار، كما يشمل البروتوكول العديد من المشروعات التنموية التى تسهم فى الاستغلال الأمثل للموارد المائية المتاحة بجمهورية الكونغو الديمقراطية، والتى تشمل دراسة جدوى لإنشاء بنية تحتية كهرومائية، وحفر عدد 20 بئراً جوفية مزودة بشبكات توزيع، بالإضافة إلى حفر 10 آبار جوفية تعمل بطلمبات، وإنشاء مركز تنبؤ بالفيضان والأمطار، والتدريب وبناء القدرات للكوادر الفنية الكونغولية من خلال منحة مصرية.

واتفقت مصر والكونغو الديمقراطية فى مارس 2015 على تعزيز التعاون الفنى فى مجال الموارد المائية وبحث سبل تعظيم الاستفادة من الموارد المائية المتاحة لدى دولة الكونغو الديمقراطية بشكل عام وتنفيذ مشروعات الإدارة المتكاملة للموارد المائية بالأقاليم المحرومة، وتقييم ما تم إنجازه من بروتوكول التعاون الفنى بين البلدين لمشروع الإدارة المتكاملة للموارد المائية بالكونغو الديمقراطية الموقع فى 6 مارس 2012 بمنحة مصرية.

كذلك شهد لقاء وزير الموارد المائية والرى مع نظيره الكونغولى فى فبراير 2017 الاتفاق بين البلدين على إقامة 4 مشروعات فى الكونغو الديمقراطية، بهدف تعظيم الإدارة المتكاملة للموارد المائية، أبرزها إعداد دراسة جدوى لإنشاء بنية تحتية كهرومائية وحفر 30 بئر مياه جوفية مزودة بشبكات توزيع تعمل بطلمبات لتوفير مياه الشرب فى المناطق القاحلة لخدمة السكان والثروة الحيوانية، وشملت المشروعات بين الجانبين قيام مصر بإنشاء مركز للتنبؤ بالتغيرات المناخية والأمطار، يكون على صلة وثيقة بمركز التنبؤ التابع لوزارة الموارد المائية والرى بالقاهرة، كما شمل التعاون مجالات التدريب فى العديد من المجالات، مثل نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، ومراقبة نوعية المياه وهيدرولوجيا أحواض الأنهار، وحصاد مياه الأمطار. كما تم الاتفاق على إقامة مزرعة مصرية نموذجية على مساحة 100 فدان قريبة من العاصمة كينشاسا لنقل الخبرات الزراعية المصرية للكوادر الكونغولية والاتفاق على استقبال القاهرة لـعدد من الكوادر الفنية الكونغولية للتدريب على التطبيقات التكنولوجية المتطورة فى مجال المياه.

 

الكونغو: تاريخ وجغرافيا

حصلت جمهورية الكونغو الديمقراطية التى تأسست فى عام 1908 كمستعمرة بلجيكية، على استقلالها فى عام 1960، وشهدت فى السنوات الأولى لتأسيسها حالة من عدم الاستقرار السياسى والاجتماعى، ثم تولى الحكم العقيد جوزيف موبوتو وأصبح رئيساً فى نوفمبر عام 1965، قام بعد ذلك بتغيير اسمه إلى موبوتو سيسى سيكو، وكذلك تغيير اسم الدولة إلى زائير.ومرت الكونغو بفترات من الاستقرار والاضطرابات، حتى بداية الألفية الجديدة، وقد أجريت الانتخابات الأخيرة فى 30 ديسمبر 2018، وأسفرت عن انتخاب "فيليكس تشيسيكيدي" زعيم حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعى رئيساً لجمهورية الكونغو الديمقراطية.

جغرافياً، تقع جمهورية الكونغو الديمقراطية فى وسط أفريقيا، ويحدها من الشمال جمهوريتا أفريقيا الوسطى وجنوب السودان، ومن الشرق أوغندا ورواندا وبوروندى وتنزانيا، ومن الجنوب زامبيا وأنجولا، ومن الغرب جمهورية الكونغو، ومن الجنوب الغربى المحيط الأطلسى.

ويبلغ تعداد سكان جمهورية الكونغو الديمقراطية نحو 85 مليون نسمة طبقاً لتقديرات يوليو عام 2018.

 

نمو اقتصادى

بلغ الناتج المحلى الإجمالى لجمهورية الكونغو الديمقراطية نحو 68.6 مليار دولار، طبقاً لتقديرات عام 2017. وبالنسبة لمساهمة القطاعات المختلفة فى الناتج المحلى الإجمالى، طبقاً لتقديرات عام 2017، فقد بلغت مساهمة قطاع الزراعة (يشمل الزراعة، الصيد، الغابات) نحو 19.7%، وبلغت مساهمة قطاع الصناعة (يشمل التعدين، الصناعة، إنتاج الطاقة، التشييد والبناء) نحو 43.6%، فيما بلغت نسبة مساهمة قطاع الخدمات (يشمل النشاطات الحكومية، الاتصالات، النقل، التمويل، جميع الأنشطة الاقتصادية الأخرى التى لا تنتج سلعاً مادية) نحو 36.7%.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، تُعد جمهورية الكونغو الديمقراطية أحد اللاعبين الرئيسيين فى منطقة وسط أفريقيا منذ استقلالها عام 1960، وذلك فى ضوء ما تحظى به من موقع استراتيجى متميز، وامتلاكها لثروات طبيعية ومعدنية هائلة، وهو الأمر الذى جعلها تمتلك شبكة كبيرة من العلاقات الثنائية والجماعية، وكذلك التمثيل الدبلوماسى مع العديد من الدول فى مختلف قارات العالم، علاوة على عضويتها فى المنظمات الإقليمية والدولية المختلفة.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة