سيدة ستينية قادها حظها العثر إلى السجون الإيرانية، بعدما أمضت كل عمرها فى طريق البحث والدراسة، فريبا عدالتخواه أو عدالتخاه باحثة ودكتورة مزدوجة الجنسية، تحمل الجنسية الفرنسية – الإيرانية، اختفت قبل شهر داخل إيران، بعدما سافرت للعمل وزيارة أهلها، وأيد القضاء الإيرانى اعتقالها.
فيما شرعت الحكومة الفرنسية فى مطالبة إيران بالمزيد من التفاصيل، مما يرجح أن تكون سببًا فى تصعيد التوتر المحتمل بين باريس وطهران، لاسيما فى خضم الأزمة بشأن الاتفاق النووى الإيرانى، وتتسبب القضية فى إفشال مبادرة باريس التى تقدمت بها بين طهران وواشنطن لوقف التصعيد.
فريبا عادالتخواه
من هى فريبا؟
وفاريبا عدالتخاه باحثة فى المؤسسة الفرنسية الوطنية للعلوم السياسية بباريس (ساينس بو)، وهى دكتورة فى علم الاجتماع من مدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريس، ودرست بقسم علم الاجتماع في جامعة استراسبورج الفرنسية. وتتعاون مع العديد من الدوريات العلمية على غرار "الدراسات الإيرانية" و"مجلة العالمين الإسلامي والمتوسط"، وألفت العديد من الكتب المرجعية وتدرس خصوصا العلاقات التى تربط رجال الدين الشيعة بإيران بالعراق وأفغانستان وتزور هذه الدول بانتظام.
ووصلت الباحثة في عام 1977 إلى فرنسا للدراسة وليس كلاجئة سياسية، بحسب تقرير للفرنسية. وبحسب بايار الأستاذ في معهد الدراسات العليا الدولية وللتنمية في جنيف، فإن الباحثة يعيش كل أفراد أسرتها في إيران وكانت ترفض دائما إدانة النظام الإيراني ما جعل الجالية الإيرانية لا تفهمها وعرضها لضربات من الطرفين.
فريبا
القضاء أكد اعتقالها دون إعلان تهمها
وبحسب تقارير، ألقت قبل شهر استخبارات الحرس الثورى الإيرانى القبض عليها داخل منزلها، وأكد المتحدث باسم القضاء الإيرانى غلامحسين إسماعيلى اعتقال السلطات فريبا داخل إيران، ووفقا لوكالة ايسنا الإيرانية قال إسماعيلى إن الباحثة الفرنسية كانت ضمن متهمين ألقى مؤخرًا القبض عليهم، ولم يشير المسئول إلى مزيد من تفاصيل أو وقت الاعتقال.
وحول طبيعة ملفها والاتهامات الموجهة إليها، قال المسئول القضائى، لم يحين بعد وقت الإعلان عن هذه التفاصيل، لكنه أكد اعتقالها داخل إيران، ومواصلة التحقيقات معها. وأكد أنه فى الوقت المناسب سيتم اتخاذ القرار حول الرد على مزاعم إحدى الدول بشأن الباحثة والتى لم يسمها.
فريبا لم تكن الأولى أو الأخيرة، فقد ألقت السلطات الإيرانية السنوات الأخيرة على أشخاص من مزدوجي الجنسية وتمت محاكمتهم بتهم التجسس لصالح دولة أجنبية من خصوم طهران، وقالت فى أغسطس الماضى، إنها ألقت القبض على "عشرات الجواسيس" في مؤسسات حكومية وعسكرية، العديد منهم من مزدوجى الجنسية.
ولا تعترف الحكومة الإيرانية بالجنسية المزدوجة، الأمر الذى يمنع السفارات الغربية المعنية من رؤية الأفراد المعنيين الذين تم احتجازهم. وفى مارس أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تحذيرًا من أن الأمريكيين من أصل إيرانى معرضون بصفة خاصة لخطر الاحتجاز أو السجن إذا سافروا إلى إيران.
وكانت أرس أميرى أخر فتاة بريطانية حكم عليها بالسجن 10 سنوات مايو الماضى، ولدى طهران سجل حافل باعتقال مزدوجى الجنسية بتهم التجسس، وتتصدى لما يسمى "مخطط اختراق إيران من قبل مزدوجى الجنسية" الذى أصبحت هاجسًا لدى مسئولى النظام فى وقت تخوض فيه طهران صراعًا مع المجتمع الدولى حول برنامجها النووى من جديد.
الرئيس الفرنسى يدخل على الخط
ودخل الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون على الخط، وطلب تفسيرا من إيران بشأن القبض على الباحثة الفرنسية الإيرانية، ونقلت شبكة (يورونيوز) الأوروبية عن ماكرون قوله "إن ما حدث يقلقنى كثيرا"، معربًا عن رغبته فى الحصول على توضيحات من الرئيس الإيرانى حسن روحانى بشأن اعتقال عادلخاه.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية، أنها فى ظل هذا الوضع الصعب قد اتخذت خطوات مع السلطات الإيرانية للحصول على معلومات عن وضعها وظروف اعتقالها، وطلبت إتاحة التواصل القنصلى معها دون تأخير. وقالت الوزارة في بيان، إن "السلطات الفرنسية بلغها مؤخرًا توقيف فريبا عدلخاه"، مؤكدة أنها تحمل الجنسيتين.
وأضاف البيان، أن "فرنسا تدعو السلطات الإيرانية للكشف عن كامل تفاصيل وضع السيدة وتكرر مطالبها، وقال البيان "حتى الآن لم يرد جواب مرضٍ".
عدالتخواه قد تفسد مبادرة التجميد الفرنسية
قضية اعتقال الباحثة الفرنسية قد تلقى بظلالها على مساعى باريس فى وقف التصعيد بين طهران وواشنطن بشأن الاتفاق النووى الإيرانى الموقع فى عام 2015، مما يرجح أن تكون سببًا فى تصعيد التوتر بين باريس وطهران خاصة فى خضم أزمة النووى وخطوات تقليص الأخيرة التزاماتها من الاتفاق، ليس ذلك فحسب بل قد تؤدى القضية على إفشال المبادرة الفرنسية التى تقدم بها الرئيس ماكرون، بين طهران وواشنطن لوقف التصعيد، وتقتضى المبادرة بحسب تقارير، تجميد واشنطن عقوباتها على طهران، مقابل التزام الاخيرة ببنود الاتفاق النووى، كما ستطلب فرنسا من إيران مطالب أخرى منها تقديم تنازلات، من بينها تقليص نفوذها الإقليمى وخفض تمويل وكلائها فى اليمن والعراق، وسوريا.
لكن من المرجح ألا تلقى المبادرة استحسان إيران التى ترفض أن يتجاوز التفاوض مسائل أخر بغير النووى، على نحو ما قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس الموسوى، إن "طرح قضايا تتجاوز الاتفاق النووي، لا يساعد فى إنقاذ الاتفاق ولكنه سيتسبب بدلا من ذلك بزيادة عدم الثقة بين الأطراف.
وفى السياق نفسه، يرى مراقبون أن طهران قد تستغل احتجاز الباحثة الفرنسية لمساومة باريس فى حال لم تعجبها مبادرة الرئيس ماكرون، فعدم الافصاح عن تفاصيل والتهم الموجهة إليها حتى الآن يشير إلى أن طهران قد يرغب فى تحقيق مكاسب سياسية من وراء قضيتها الفترة المقبلة.