تمر اليوم الذكرى الـ1955، على وقوع حريق بعاصمة الدولة الرومانية آنذاك روما، فى وقت تولى الحكم الإمبرطور الرومانى نيرون، والذى حكم البلاد وهو فى سن السابعة عشرة، وبالتحديد، 13 أكتوبر 54 ميلادية.
واشتهر الإمبراطور الرومانى بتصرفاته غير العاقلة، حيث وجهت له أصابع بالاتهام فى عديد من الجرائم التاريخية منها اضطهاد المسيحيين، وحرق روما، وقتل والدته وزوجته.
بحسب دراسة للأنبا يوانس أسقف الغربية، وفى حديثه عن المتسبب فى حريق عاصمة الإمبراطورية الرومانية "روما" أكد المؤلف أن أغلب الشائعات وكتابات المؤرخين تشير بأصبعها إلى نيرون على أنه الفاعل، وأنه أراد أن يستمتع بمنظر طروادة تحترق مرة أخرى.
وبحسب كتاب "الطاغية نيرون سنوات الهرطقة والمحرقة" للكاتب محمد عصمت أن نيرون كان جالساً فى برج مرتفع يتسلى بمنظر الحريق الذى خلب لبه وبيده آلة الطرب يغنى أشعار هوميروس التى يصف فيها حريق طروادة.
الغريب أن نيرون وبرغم اتهامه بحريق روما إلا أنه صوب أصابع الاتهام إلى المسيحيين، بل وحاول طمس معالم الديانة المسيحيية فى قرونها الأولى، واعتبرها جريمة يعاقب عليها القانون، وبحسب موقع الأنبا تكلا، إن نيرون قام بكرنفال من دماء، وقام بقتل المسيحيين بطرق بشعة راح على آثرها أعداد ضخمة، حتى إنه قام بصلب بعضهم إمعانًا فى السخرية بعقوبة المسيح ولف البعض الآخر فى جلود الحيوانات الضارية وألقوا للكلاب المسعورة فى مسرح الألعاب الرياضية.
بينما يرى كتاب "الحقيقة أغرب من الخيال: ألف قصة واقعية ومثيرة" تأليف اندره كسبار، إنه من غير المعقول أن يكون نيرون أشعل الحريق الشهير الذى أتى على نصف روما سنة 64 م، كما أنه لم يكن فى مقدوره أن يشاهد المدينة تحترق وهو يعزف الموسيقى وينظم الأشعار، كما جاء فى كتب التاريخ، لأنه أثناء الكارثة كان خارج روما، وفى مدينة أنطيوم تحديدا، حسبما ذكر المؤلف.
أما عن الشائعات التى كانت تقول بأنه كان السبب فى اندلاع الحريق، فيرى الكتاب سالف الذكر، إنها بدأت تروج عندما اغتنم نيرون هذه الحادثة ليبنى قصرا على الأنقاض التى كانت لم تزل ساخنة.
فيما تؤكد الباحثة فى الآثار والمختصة فى تاريخ روما بجامعة سابيينسا سيلفيا بيانو أن الحريق الكبير الذى اندلع في روما أيام حكم نيرون لم يكن أمرا جديدا، بل إن منطقة روما معروفة عبر التاريخ على أنها منطقة منخفضة كما تؤكد البحوث التيبوغرافية، وهذا ما يجعلها في فصل الصيف عرضة للحرائق باستمرار.
كما تشير الباحثة إلى أن قبائل الغال القادمين من الشمال هم من أقدم على إشعال عدد من الحرائق في أماكن مختلفة في مدينة روما العتيقة، وقد ظهر الأمر وكأن نيرون هو من أحرقها قبل أن يغادرها، في حين أن الدلائل التاريخية تؤكد أن نيرون لم يحرق البلاد كما هو شائع، بل قبائل الغال التي كانت معروفة بعنفها آنذاك.
ويحاول المعرض الذي ستقيمه مدينة ترير الألمانية في عام 2016 في ثلاثة مواقع أن يقدم الدلائل على أن نيرون لم يضرم النار في روما كما يشاع في كتب التاريخ، وسوف يتم عرض هذه الحقائق وغيرها عن الإمبراطور في المعرض الذي من المنتظر أن يحظى بأهمية عالمية. ولم تطأ قدما نيرون مدينة ترير قط، ولكن المدينة وعلماء الآثار بها رواد في الدراسات الرومانية. وشيد الرومان مدينة ترير الواقعة بالقرب من الحدود الفرنسية، وهي مليئة بالآثار الرومانية، كما أنها المدينة الوحيدة في ألمانيا التي يوجد بها مقر للإمبراطور الروماني.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة