"عايزين القصاص العادل من اللى قتل ابننا علشان دمه ميروحش هدر".. بهذه الكلمات الموجعة التى تدمى القلوب يمكن تلخيص مطالب أسرة محمد عامر سائق التاكسى الذى قتل غدرا بمدينة دمنهور بالبحيرة، على أيدى مسجل خطر وصديقه وزوجته بعد استدراجه لتوصيلهم إلى مكان إقامتهم ليتم ذبحه فى الطريق وإلقائه فى الأراضى الزراعية وذلك لسرقة سيارته التى يتكسب منها رزقه ليصبح عن حق شهيد "لقمة العيش".
والتقى "اليوم السابع " أسرة الشهيد الذى دافع لآخر نفس عن قوت يومه، وقالت فاطمة عامر والدة سائق التاكسى والدموع تنهمر من عيناها: "حسبى الله ونعم الوكيل من ظلم ابنى وشرد أولاده ويتمهم وهما صغار"، مضيفة: "عمر نار قلبى ما تبرد إلا لما أشوف اللى قتل ابنى وهو بيتعدم علنا قدام الناس".
وأوضحت والدة المجنى عليه، أن ابنها يبلغ من العمر 44 عاما كان العائل الوحيد للأسرة بعد وفاة والده وشقيقه، وأنه بعد تخرجه من جامعة الأزهر لم يعثر على فرصة عمل وسافر لفترة إلى ليبيا، ولكنه لم يوفق ليقرر شراء تاكسى للعمل عليه، مشيرة إلى أن المجنى عليه كان بارًا بأسرته خاصة شقيقاته وأبنائهن وكذلك عمته الكفيفة التى كانت تقيم معه.
وتابعت: " ابنى محمد كان حافظا للقرآن الكريم كله وبيطبق أحكامه على نفسه قبل غيره، علشان كده ربنا اختاره ليكون شهيدا".
فيما أكدت نجلاء مصطفى زوجة سائق التاكسى، أنها لم تصدق ما حدث لزوجها ووالد أبنائها الثلاثة "سعيد" الذى يبلغ من العمر 7 سنوات و"ساجدة" 3 سنوات و"سدرة" التى تبلغ سنة واحدة.
وأضافت: "ذنبهم أيه أطفالى يتيتموا بدرى كده وأبوهم يموت بالشكل البشع ده علشان شوية فلوس"، مطالبة بالقصاص من قتلة زوجها وتكون محاكمة المتهمين بشكل عاجل حتى يكونوا عبرة لكل شخص تسول له نفسه ارتكاب تلك الجرائم البشعة.
وقال الشيخ ممدوح عامر، أقرب أصدقاء المجنى عليه، إن ما حدث جريمة نكراء بكل المقاييس خاصة عندما ترتكب بحق شاب أعزل لا حول له ولا قوة، مضيفا أن المجنى عليه كان مثالا حيا للشهامة والأخلاق الحميدة التى نفتقدها فى المجتمع ونحتسبه عند الله تعالى شهيدا، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال فى الحديث الصحيح "من قتل دون ماله فهو شهيد".
وأوضح عامر أن هذه الجريمة تعكس انتشار ظاهرة العنف فى المجتمع الذى يجب مواجهتها بكل قوة وحزم حتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم الشنيعة التى تحصد أرواح الأبرياء والتى لا تقل خطرا عن ظاهرة الإرهاب.
وطالب عوض عامر عم المجنى عليه سائق التاكسى، بمحاكمة علنية للمتهمين فى هذه الجريمة وتطبيق أقصى عقوبة عليهم ليكون ذلك رادعا لجميع الأشقياء والمجرمين، مضيفا أن المحاكمة الناجزة هى الأساس لتحقيق العدل فى المجتمع لمنع تكرار مثل هذه الجرائم الدموية التى ترجع بالدولة إلى شريعة الغاب.
وطالبت أسرة المجنى عليه، بمعاش شهرى للإنفاق على أطفاله الثلاثة، خاصة أنه كان العائل الوحيد لهم، بعد وفاة والده وشقيقه، وتقديم يد العون لمساعدتهم فى تربية الثلاثة أبناء.
وكان اللواء مجدي القمري مدير أمن البحيرة قد تلقى إخطارا بالواقعة من اللواء محمد هندى مدير المباحث الجنائية.
وبالفحص تبين ورود بلاغ لمركز شرطة دمنهور بالعثور على جثة "محمد عامر" 44 سنة سائق تاكسى مقيم بعزبة الحوشي التابعة لمركز دمنهور ملقاه بأرض زراعية بجوار الكوبرى الدولى دائرة القسم وبها عدة طعنات مختلفة بأنحاء الجسم.
وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث عال المستوى بإشراف اللواء محمد هندي مدير المباحث الجنائية وبرئاسة العميد عبدالغفار الديب رئيس مباحث المديرية والمقدم أحمد سمير رئيس مباحث مركز دمنهور والنقباء محمد عمارة وأحمد حمدي معاوني مباحث مركز شرطة دمنهور للكشف عن ملابسات الجريمة وأبعادها وسرعة القبض على مرتكبيها.
وخلال ساعات قليلة تمكنت مباحث مركز شرطة دمنهور بالقبض على المتهمين بقتل سائق التاكسى وهم" أ. م " ربة منزل و "م، ا " زوج الاولى و "ع. ا" مسجل خطر وتبين خلال التحقيقات قيام المتهمين باستدراج السائق واستيقافه بزعم توصيلهم إلى محل إقامتهم.
وأثناء سير السائق بالطريق الدولى قام المتهمين بتقيد حركة السائق وتسديد عدة طعنات بأماكن متفرقة بجسده خاصة رقبته مما أودت بحياته واستولوا على سيارته ومتعلقاته الشخصية وقاموا بإلقاء جثته بأرض زراعية.
وبمواجهة المتهمين أمام النيابة العامة اعترفوا بارتكاب جريمتهم الشنعاء بدافع سرقة السيارة التاكسى.
وتم تحرير المحضر اللازم الذى حمل رقم 6440 لسنة 2019 إدارى مركز دمنهور وتم إحالته إلى النيابة العامة.
وقررت نيابة مركز دمنهور بالبحيرة برئاسة المستشار أحمد شكر ومحمد عبد الجليل وكيل النائب العام حبس المتهمين 15 يوما على ذمة التحقيقات.