سيكون العالم اليوم، على موعد مع واحدة من أهم الظواهر الفلكية، وهى كسوف الشمس الكلى، والذى تترقبه الكرة الأرضية، ويأتى تزامنا مع نهاية شهر شوال لعام 1440 هجريا ويتفق مع اقتران شهر ذى القعدة لعام 1440 هجريا.
ومن المنتظر أن يستغرق الكسوف منذ بدايته وحتى نهايته مدة قدرها أربع ساعات وست وخمسين دقيقة تقريباً، وتكون بداية الكسوف فى حالته الجزئية عند الساعة السادسة والدقيقة 55 مساءً تقريباً بتوقيت القاهرة المحلى، ويبدأ الكسوف ككسوف كلى عند الساعة الثامنة ودقيقتين تقريباً من مساء اليوم.
وكلمة كسوف "eclipse"، هى فى الأصل كلمة إغريقية تعنى "التهجير"، وهو اسم يدل على المتوقع من تلك الظاهرة، التى ارتبط بها العديد من الأساطير والخرافات التى نسجت حول تلك الظاهرة.
وكان البدائيون يخافون كل الخوف ويهابون ويتطيرون من كسوف الشمس وخسوف القمر، لأنها ظواهر تدل على شىء غير طبيعى سينعكس سلبا على المحاصيل والحياة ولابد أن نشوئه يدلل على غضب الأجسام الكنية التى أصبحت عندهم آلهة، وذلك بحسب كتاب " الوسطية فى كل شيء: معجزة الخالق فى الكون والحياة" للدكتور عبد العزيز العمرانى.
بحسب كتاب "العبادات الفلكية عند العرب قبل الإسلام: دراسة تاريخية" للدكتور أدهام حسن فرحان العزاوى، فأن العرب اهتموا قبل الإسلام بظاهرة كسوف الشمس، وقد نسجوا حولها الأساطيروذلك لاعتقادهم أن كسوف الشمس يحدث لأن هناك حيوانا مولعا باختطاف الشمس والتقامها وهذا الحيوان "الدابة" خلقت وشغلت بالشمس، فإذا نظرتها وهى مشرقة من الشرق دارت وحجبتها تريد أن تلتقمها بفمها، فلا تحلقها فتخبط رأسها بالأرض حتى تدوخ فيدركها النوم فتنام لحين موعد شروق الشمس فتفيق "الدابة" من نومها فتجد الشمس قد ظهرت من المشرق فتنحرف إليها تريد اختطافها إلى أن تغرب.
ويوضح المؤلف أن العرب لم يكتفوا بما نسجوا من أساطير حول الشمس، بل جعلوا لكسوف اثرا فى حياتهم فاعتقدوا أن الشمس إذا ما كسفت دل ذلك على موت إنسان عظيم أو ولادة مولود صاحب حظ كبير، وجاء فى كتب الصحاح أن الشمس كسفت فى عهد النبى محمد "ص" وأوفق ذلك موت إبراهيم ابن الرسول، فقال الناس إنما كسفت الشمس لأجله، فقال النبى الكريم "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد أو حياته".
على جانب آخر يذكر كتاب " دراسات فى حضارة بلاد الرافدين" أن سكان الرافدين كان لكسوف الشمس لديهم معانى كثيرة وأهمية بالغة فى نفوسهم، وهذه الظاهرة بالنسبة لهم نذير شؤم وخوف ورعب، وورد أن الملوك كان ينتابهم الخوف عند حدوث ظاهرة الكسوف، وكان لدى الكهنة تنبؤات معينة قبل حدوث الكسوف، وورد فى أحد النصوص أن لدى الكهنة علامات يستطيعون من خلالها التكهن بحدوث الكسوف منها شروق الشمس بصورة مبكرة وعدم ظهورالقمر وهبوب الرياح الغريبة وترافق هذه العلامات ظاهرة الكسوف، وكان يقيمون صلاة خاصة لتلك الظاهرة تسمة صلاة الكسوف توجه إلى الإله "سين" إله الخصوبة وتكاثرالإنسان، وكانوا يتضرعون إليه ليبعد عنهم شرهذه الظاهرة.
وحسبما جاء فى العدد "96: لمجلة البيئة والتنمية، كان الصينيون القدماء، على سبيل المثال، يعتقدون أن ظاهرة كسوف الشمس تعود إلى محاولة تنين ضخم ابتلاع قرص الشمس، لذا كانوا يسارعون إلى قرع الطبول وإطلاق المقذوفات النارية لإرهاب التنين المهاجم ودفعه بعيداً عن الشمس! وكان لدى قبائل الفندا فى بريتوريا، عاصمة جنوب أفريقيا، تفسير مشابه، إذ اعتقدت أن الكسوف ما هو إلا طائرشارد عملاق يحاول أيضاً ابتلاع قرص الشمس، أما الفايكنغ، قراصنة البحار الاسكندينافيون، فأرجعوا الظاهرة إلى مطاردة الشمس والقمر لذئبين شريرين، وأن الكسوف الكلى يحدث عندما ينجحان فى الإمساك بهما.
وتذكرعدد من التقارير، فى كثير من الثقافات، كان كسوف الشمس يعنى أن الآلهة كانت غاضبة جداً من البشر، وعلى وشك إلحاق العقاب بهم. فى كثير من الأحيان، كان هذا يعنى أنه من أجل استرضائها، كان عليك قتل شخص ما.
فى ترانسيلفانيا (إحدى أقاليم رومانيا)، اعتقد الناس أن الكسوف كان بسبب أن الشمس أدارت ظهرها لخطايا البشرية، ما تسبب فى سقوط ندى سام.
كما نظرت الإنكا إلى الكسوف على أنه إشارة إلى أن إله الشمس إينتى كان غاضباً، ويطلب الاسترضاء من القرابين.
وبالنسبة إلى قبيلة Tewa الأمريكية الأصلية، فإن الكسوف يعنى أن الشمس الغاضبة كانت تغادر السماء لتذهب لزيارة منزلها فى العالم الآخر.
اعتقد الإغريق أن الكسوف يعنى أن الآلهة كانت على وشك إنزال العقوبة على الملك، لذلك فى الأيام التى سبقت الكسوف، كانوا يختارون السجناء أو الفلاحين ليقفوا مثل الملك على أمل أن يحصلوا على عقوبة الكسوف والملك الحقيقى يخلص منها، وبمجرد انتهاء الكسوف، يتم إعدام الملك البديل.
بعض الأديان الهندوسية، تؤكد أن كسوف الشمس، هو نتيجة محاولة الآلة "راهو"، الذى يحاول السيطرة على ملك الشمس، لذلك يتوسط 15 من كهنة الهندوس بالهند أحد الأنهار المقدسة، ومنع بعض الأشخاص "المؤمنون" من النوم، مع ترديد أناشيد وتراتيل دينية للقضاء على الشرير، ومنع الخراب من أن يعم بلادهم.