عندما فازت مصر فى قرعة استضافة بطولة أمم أفريقيا 2019، لم تكن تفكر فقط بفوز منتخبها بالبطولة، بل كان جُلً تفكيرها نجاحها فى إخراج كان 2019 بهذا المشهد المشرف أمام العالم أجمع، وها هى اليوم تثبت بالدليل القاطع إنها عند حسن ظن الاتحاد الإفريقى عندما وثق فى قدرتها على تنظيم حدث رياضى بارز، ومنحها ملف التنظيم الذى قدمه الاتحاد المصرى فى وقت ضيق.
وهنا نجحت أجهزة الدولة المصرية، فى إعداد العُدة خلال مدة زمنية قصيرة لترد على كل الحملات الهجومية والدعاية السيئة التى تسعى للنيل من سمعتها والحد من صعودها وجاذبيتها على الساحة الدولية.
فبعيداً عن التنافس على خروج المنتخب الوطنى من منافسات الدور الـ16، فإن بطولة أمم أفريقيا 2019 بجميع المقاييس وبشهادة الجميع بلا استثناء، تعد انتصاراً سياسياً كبيراً لمصر، حيث جاءت فى توقيت غير عادى وأثناء حرب أشبه بالباردة مشتعلة بين مصر وقوى الشر فى المنطقة.
وتتجلى أهمية الانتصار السياسى، فى تسابق قيادات القارة ومسئوليها، على حضور المباريات، سواء الافتتاحية أو غيرها، وجلس الكل وسط الجماهير، وهو أمر غير مسبوق، حيث اعتاد القادة والرؤساء على الحضور الرسمى فى المباراتين الافتتاحية والنهائية فقط.
ومن المبهج أيضا، أن الدولة المصرية نجحت باستعداداتها فى استضافة وجذب مئات الآلاف من المشجعين من مختلف أنحاء القارة، واستطاعت بنجاح غير عادى إعداد كبريات المدن مدنها لاستضافة المباريات والجماهير، كما استطاعت فى زمن قياسى وبتكلفة عالية للغاية، بناء ملاعب جديدة على أعلى المستويات العالمية، واستعدت بكم غير عادى من الفنادق، من جميع المستويات، لاستقبال الجمهور، وأعدت للجماهير كافة وسائل المواصلات الجوية والبرية لتنقلهم بين مدن المباريات التى تبعد عن بعضها مئات الكيلو مترات.
ولم تكتفى أجهزة الدولة، بهذا بل أعدت كل الإمكانيات الإعلامية والفنية والرياضية على أحدث مستوى عالمى، كل هذه أشياء أبهرت العالم كله، لكن ما زاد من الإبهار والروعة أشياء أخرى جذبت اهتمام الكثيرين وباتت حديث العالم كله، على رأسها "الأمن"، فقد شهدت البطولة مستوى غير عادى من الأمن لم يكن يتوقعه الكثيرون، وخاصة بعد تهديدات بعض الجهات، بحوادث إرهابية لإفساد البطولة، إلا أن مستوى الأمن الذى شهدته البطولة وصفه بعض الخبراء بأنه انتصار كبير لمصر فى حربها ضد الإرهاب والإرهابيين.
ومن روائع الإبهار أيضا، امتلاك اللجنة المنظمة، للتقنيات التكنولوجية، وهذا أدى إلى التساهل غير المسبوق للحصول على تأشيرة الدخول للأجانب الذين حصلوا عليها بسرعة عن طريق تدشين موقع تذكرتى، الذى ادهش محبى ومسئولى الرياضة فى القارة.
وإلى جانب الأمن والنجاح التقنى، وضع الخبراء عوامل أخرى ميزت كان 2019 جعلته أشبه بعرس عالمى أبهر العالم كله، من هذه العوامل “الروح المصرية” والفعاليات والاحتفالات التى أقيمت على هامش المباريات فى المدن المستضيفة، حيث فوجئ العالم بروح الشعب المصرى، والتى تمثلت فى حب الغرباء وفهم الذوق والاتيكيت والكرم، فنعم وجدوا شعبا يبتسم للغرباء بحب ومودة وترحاب فائق.
وشاهد العالم أجمع، الشباب المتطوع، وهو يهرول نحو الضيوف لمساعدتهم ومرافقتهم والمرح والرقص معهم فى الشوارع والميادين، لتجد مصر نفسها أمام حقيقة مهمة، وفقا للخبراء والمراقبين أن الدولة المصرية ستجنى أرباحاً كبيرة من نجاحها المبهر وستجذب الاستثمارات والسياحة من كل أنحاء العالم، وفوق كل هذا، المكاسب السياسية الكبيرة، بأنها ستزيد من مستوى مكانتها على الساحة الدولية وستمنحها قوة ضد كل حملات الدعاية المضادة لها.