أعدت وحدة حقوق الإنسان بالهيئة العامة للاستعلامات دراسة عن الجذور التاريخية لحقوق الإنسان ،جاء فيها أن حقوق الانسان هى مجموعة من المبادئ والمعايير توصلت لها الحضارة الإنسانية لتحديد وتستطير الحقوق الأساسية التى يحق لكل إنسان أن يتمتع بها دون النظر إلى جنسه أو لونه أو عرقه أو دينه.
وأضافت الدراسة أنه لم تتبلور هذه الحقوق بين ليلة وضحاها وإنما استغرق الوصول لمفاهيم الحقوق الأساسية المعاصرة قرونا طويلة عانت فيها حضارة الإنسان أشد المعاناة، وزهقت أرواح الملايين قبل أن تظهر البوادر الصلبة والثابتة لهذه الحقوق فى منتصف القرن العشرين.
وأشارت الدراسة إلى أن حقوق الإنسان تنقسم وفقا لآراء الفقهاء والمحللين إلى 3 أجيال، الجيل الأول هو جيل الحقوق المدنية والسياسة، ويعيد المؤرخون نشأته إلى نهاية القرن الثامن عشر، ونتج عنه العديد من الإعلانات والمواثيق المحلية والإقليمية والدولية، التى أدت بدورها إلى اكتمال بلورة هذه الحقوق فى اتفاقيات أممية، وتضمينها فى التشريعات والدساتير المحلية لأغلب بلدان العالم.
ولفتت إلى أن الجيل الثانى هو جيل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التى حازت على اهتمام كبير من قِبل القوى الدولية فى خضم الحرب الباردة المحتدمة بين المشروع الليبرالى الرأسمالى الغربى بقيادة الولايات المتحدة والمشروع الشيوعى بقيادة الاتحاد السوفييتى،موضحة أن هذه الحقبة وأفضت إلى صدور العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما أولت دول العالم اهتماماً أكبر لحماية هذه الحقوق عبر دعم التنمية، وتعزيز شبكات الأمن الاجتماعى، وعبر تكثيف الجهود الإنسانية الدولية لمكافحة الفقر بكل أنواعه وأشكاله.
ونوهت الدراسة إلى أن الجيل الثالث، ظهر مؤخراً ولم يكتمل شكله النهائى بعد، إلا أنه يضم عدداً من الحقوق المستحدثة نسبياً مثل الحق فى بيئة نظيفة، وحق المفاوضة الجماعية، وحق تقرير المصير، والحق فى المشاركة فى التراث الثقافى، والحق فى التنمية، والحق فى الموارد الطبيعية.
وأكدت الدراسة أن الدولة المصرية القديمة وفرت عدداً كبيراً من الحقوق لهم، بالإضافة إلى أجورهم أنشأت لهم بلدة سكنية ومقابر خاصة بهم واعفتهم من الضرائب، ووفرت لهم الغذاء والماء بشكل منتظم، مضيفة: "ومن المذهل أيضا أن مصر القديمة كان بها نظاماً قضائياً، حيث كان يعين الملك أو الوزير نيابةً عنه القضاة للفصل فى النزاعات بين الرعايا، ومعاقبة من يكدر السلم والأمن، ولعل كل ما سبق فى سياقه التاريخى سابقة تكاد تكون فريدة من نوعها، تلقى الضوء على إدراك واحترام الحضارة المصرية لكرامة وحقوق رعاياها فى مرحلة مبكرة جداً من التاريخ الإنسانى".
وقالت الدراسة إنه رغم الطفرات التى شهدتها الإنسانية على مدار أكثر من 5000 عاماً، إلا أن ملامح حقوق الإنسان الحديثة استغرقت قروناً حتى بدأ تكوينها فعلياً، مضيفة أنه ظهرت فى القرن الـ 13 إرهاصات أولى للمفهوم الحديث لحقوق الإنسان وأنه فى عام 1215 وافق الملك الإنجليزى "جون" على إصدار الوثيقة العظمى (ماجنا كارتا)، وهدفت هذه الوثيقة إلى الحد من نفوذ الملك، وحماية حقوق النبلاء والكنيسة.
وأردفت: "وبعدها بعدة قرون فى عام 1689 أصدر البرلمان الإنجليزى وثيقة الحقوق لتكون أكثر شمولاً، ولا تقتصر على حقوق النخبة فقط، ونشأت هذه الوثيقة بعد ثورة 1688 التى أطاحت بالملك "جيمس" وكان الهدف من وضعها بعد الثورة هو التأكيد على الحد من سلطات الملك، وأن يكون البرلمان والشعب هما مصدر شرعيته، وليس الله كما كان يزعم ملوك أوروبا آنذاك وفى عام 1789 بعد نجاح الثورة الأمريكية، وفى خضم اندلاع الثورة الفرنسية صدرت وثيقتان مثلتاً حجر الأساس لترسيخ وتثبيت حقوق الإنسان بمفهومها المعاصر، أولهما وثيقة حقوق الولايات المتحدة، والثانية: إعلان حقوق الإنسان والمواطن الذى أصدرته الجمعية التأسيسية الوطنية الفرنسية بعد اندلاع الثورة ضد الملك لويس السادس عشر بأسابيع وأكدت الوثيقتان أن الشعب مصدر السلطة والشرعية، وركز إعلان حقوق الإنسان والمواطن على مبادئ المساواة، وإزالة الطبقات وشمول حقوق الإنسان لجميع البشر دون استثناء وليس الشعب الفرنسى فقط".
لفتت إلى أنه من هنا بدأت الرحلة الطويلة لبلورة حقوق الإنسان المعاصرة، وأنه رغم وجود هذه المواثيق إلا أن العالم شهد ويلات حروب طويلة ودموية بين القوى الامبريالية المتصارعة وصلت إلى ذروتها فى القرن الـ20 باندلاع الحربيين العالميتين اللتين خلفتا أكثر من 70 مليون قتيل، وأنه تزامن ذلك مع صعود الفاشية والنازية والشيوعية السوفيتية وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية اوزارها تكاتفت الأمم والشعوب وقررت أن تتخذ ما تراه لازماً من إجراءات لمنع وقوع صراعات عالمية أخرى، ولِتُجنب البشرية ويلات تكرار الإبادة الجماعية والحد من انتهاكات حقوق الإنسان، التى كانت متفشية فى ذلك العصر بصورة مخيفة وكانت نتيجة هذه المداولات انشاء هيئة الأمم المتحدة عام 1945 على أسس نشر السلام بين الدول وحل الصراعات سلمياً، وتحريم العدوان وتحصين سيادة الدول.
وذكرت الدراسة أنه فى العاشر من ديسمبر عام 1948 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الوليدة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وأن هذا الإعلان أصبح ملزماً الزاماً أخلاقياً لدول العالم، كما يشكل الإعلان الإطار العام الذى تنشأ تحت مظلته التشريعات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان مثل العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة