ها نحن اليوم نعود من جديد إلى المنافسات المحلية فى حلقة جديدة من مسلسل الصراع الأزلى بين الأهلى والزمالك على زعامة الكرة المصرية، بعد أقل من 48 ساعة على انتهاء العُرس الأفريقى الذى استضافته مصر فى الفترة من 21 يونيو حتى 19 يوليو، لنجد أنفسنا أمام ما أشبه بصدام الحضارات.
مع هذا التحول المفاجئ اختلفت اهتمامتنا بين عشية وضحاها، فبعد 29 يوما من مشاهدة المنتخبات القارية ونجومها على الأراضى المصرية فى بطولة أمم أفريقيا 2019، ومتابعة المباريات من أجل المتعة التى تعد أحد أهم ما يميز الساحرة المستديرة، إذ بنا فجأة نتحول إلى متابعة المباريات المتبقية من عمر الدورى الذى لم ينته حتى الآن فى ظاهرة فريدة من نوعها على مستوى العالم أجمع، إذ يعد الدورى المصرى هو الوحيد بين أقرانه فى مختلف دول الكرة الأرضية الذى يمتد موسمه ليصل إلى ما يقارب عاما كاملا.
هنا لا نجد وصفا مناسبا لما نعيشه من تخبط عدم انتهاء الموسم الحالى قبل شهور قليلة من بداية نظيره الجديد، سوى مع كلمات المبدع الراحل محمد حمزة فى رائعته "موعود" التى أداها العظيم عبد الحليم حافظ، ونستعيض بإحدى جملها فى وصف الحالة الكروية القائمة: تانى تانى تانى هنروح للحب "الدورى" تانى.. ونضيع ونجرى ورا الأمانى.
فعلا مع عودة الدورى نخشى أن "نضيع" وسط الحالة المزرية التى تعيشها الكرة المصرية بعد انتكاسة الكان 2019، التى يصاحبها نوع من التعصب بين القطبين ليس على مستوى الجماهير فحسب بل وصل الأمر إلى المسئولين بشكل غير مباشر عن طريق توجيه منابرهم الإعلامية ضد بعضهم البعض، ونظل "نجرى ورا الأمانى"، الحالمة بالهدوء واستقرار الأوضاع، مع فرض النظام من جانب المسئولين عن الجبلاية على كل جوانب اللعبة من انتظام المسابقات بكل درجاتها، وتطبيق لوائح يفرض بها المساواة بين جميع الأندية بالشكل الذى يساعد على التنافس الشريف، وخلق أجيال قادرة على مساعدة منتخب بلادها بوحدة الصف وعدم الانقسام إلى خصمين متضادين فى أهدافهما العليا.
الخوف كل الخوف مع عودة الدورى، بعد التلاحم الجماهيرى بكل أطيافه والذى ساعد فى نجاح تنظيم مصر المبهر للبطولة الأفريقية، تتبدل تلك الحالة الوطنية الجميلة وتعود الجماهير للتعايش مع نار وعذاب التعصب الأعمى بين الجماهير، وهو ما يجعلنا نستمر فى الدوران حول الدائرة المغلقة التى نتمنى فتحها نحو عودة الجماهير للمدرجات بشكله الطبيعى، وأعداده المعتادة فى السنوات الخوالى للكرة المصرية.. وهنا يتحتم أن يتحمل هؤلاء المتعصبين مسئولية استمرار الوضع القائم على ما هو عليه وتمر الأيام ويبدأ الموسم الجديد ولا نجد أى جديد يحدث وتستمر الملاعب مغلقة فى وجه من يرسم البسمة داخلها وينشر بين جنباتها الضوضاء المستحب والصريخ المطلوب لكن عبر أصوات عذبة ووطنية خالصة.
صفاء الأوضاع فى الكرة المصرية قد لا يروق لمن يعانون داخله من نبرة التعصب، والذين دائما ما يبحثون عن إصابة المحيطين بهم بدوار وترنح من مساوئ نواياهم الهادفة إلى تقزيم الطرف الآخر، أو عدم قبوله بتاتا، وكأن الدنيا لن تسع إلا له وله فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة