بقرار غامض ودون تفسير، داهمت شركة الخطوط الجوية البريطانية السلطات فى مصر بخبر وقف رحلاتها من وإلى مطار القاهرة، بزعم مخاوف أمنية لم تفصح عنها. لم تمر ساعات وسط جدل بشأن غموض بيان الشركة البريطانية التى لم تدل بأى تفاصيل بشأن هذه المخاوف، حتى تراجعت معلنة أن التعليق سيكون لمدة 7 أيام لمراجعة الخطوط فى أمر روتينى.
وأكد شريف برسوم، المدير الإقليمى للخطوط الجوية البريطانية، أن الفريق البريطانى الذى قام بالفحص الدورى لإجراءات الأمن بالمطار الأسبوع الماضى لم يبد أى مخاوف من معايير الأمن به وأن قرار (تعليق الرحلات) يتعلق بالشركة بشكل كامل". وتبع ذلك تصريحات أخرى بشأن تعليق الرحلات لوجهات اخرى وليس القاهرة وحدها.
القرار الخاص بتعليق الرحلات، والصادر عن شركة الطيران البريطانية وليس وزارة النقل، جاء متبوعا بتحذير غامض من وزارة الخارجية البريطانية لرعاياها من السفر إلى مصر بزعم ارتفاع خطر العمليات الإرهابية ضد الطائرات، على الرغم من عدم مشاركة أى معلومات مع السلطات المصرية فى هذا الصدد، الأمر الذى يتوجب حدوثه فى حال كانت وكالات الامن البريطانية لديها علم بؤامرة محتملة.
بالإضافة إلى ما كشفت خلال الأيام الماضية من إضراب بين موظفى الشركة البريطانية مما يجعل قرار تعليق الرحلات محاولة للتغطية على الأمر، فإن حالة التردد البريطانى فى حسم موقفها من وضع الأمن فى مصر، التى انتهت لتوها من استضافة بطولة قارية استقبلت خلالها عشرات الوفود الأجنبية وآلاف السائحين بنجاح دون أى مشكلات أمنية، يدفع أيضا بتفسير القرار فى إطارالوضع البريطانى الداخلى الذى يتعلق باقتصاد البلاد وتراجع الجنيه الإسترلينى والذى من شأنه أن يدفع السلطات البريطانية لتشجيع مواطنيها على السياحة الداخلية. ومن المعروف أن البريطانيين يحبون السفر والسياحة الخارجية وهو ما يؤثر بدوره على السياحة بالداخل.
وبحسب مراقبون فإن تعليق الطيران لدول توفر خدمات سياحية جيدة فى مقابل أرخص، هى استراتيجية تلجأ لها الحكومات أحيانا لحماية السياحة الداخلية، وهو ما ينطوى ليس على بريطانيا وحدها التى لا تزال تصر على عدم عودة رحلاتها لشرم الشيخ، بل أيضا روسيا التى يأتى سائحيها على رأس قائمة السياح الأجانب الذين يرزورون شرم الشيخ والبحر الأحمر سنويا.
وقبل يوم من قرار الشركة نشرت هيئة الإذاعة البريطانية تقرير عن السياحة البريطانية للخارج وأشارت إلى أنه التوقيت لا يمكن أن يكون أسوأ، لافتة إلى أنه بينما يستعد الكثير من البريطانيين للراحة فى عطلة الصيف فإن الجنيه الإسترلينى أخذا فى الهبوط. واشارت إلى انخفاض الجنيه الإسترلينى الأسبوع الماضى، إلى أدنى مستوى له منذ ستة أشهر مقابل اليورو، كما سجل ادنى سعر له منذ 27 شهرا مقابل الدولار الأمريكى.
وقال تقرير بى بى سى، إن مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، يتوقع العديد من المحللين فى السوق المزيد من الانخفاض للجنيه الإسترلينى.
وبزيارة الموقع الإلكترونى لهيئة السياحة البريطانية، يمكن الإطلاع على التقرير السنوى للسياحة الداخلية لعام 2016/17، والذى يشير إلى أن حجم انفاق السياحة الداخلية فى إنجلترا بلغ 92 مليار جنيه إسترلينى، وهو ما يمثل أكثر من 80% من إجمالى إنفاق الزوار للمملكة المتحدة، ويدعم قطاع السياحة 2.6 مليون وظيفة باللغة الإنجليزية.
بحسب البيانات الرسمية تعد السياحة الداخلية فى إنجلترا هى المحرك الرئيسى وراء ذلك، حيث ساهمت الرحلات المحلية فى توفير 72 مليار جنيه إسترلينى، مع 76% من نفقات السياحة المحلية تنفق خارج العاصمة لندن. غير أن تقرير هيئة السياحة البريطانية يلفت إلى تراجع هذه الأرقام على أساس سنوى. ففى ظل تراجع قيمة الإسترلينى بات السياح يبحثون عن أماكن أرخص للسفر، وبالفعل اشارت احصاءات جمعية وكالات السفر البريطانية، مارس الماضى، إلى زيادة السياحة البريطانية إلى مصر بنسبة 39%.
ووفقا لنيك فارنة، الرئيس التنفيذى لشركة Merlin Entertainments ، فإن مصر بين الدول التى استفادت من تأثير البريكست على الوضع المالى للبريطانيين. وبحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن السائحون الروس والبريطانيون طالما استحوذوا على الجزء الأكبر من التدفقات السياحية إلى مصر.
ولفت فارنة، إلى أن تدفق السياح البريطانيين كان يتراوح بين 800 ألف ومليون سائح، لكن هذا العديد انخفض أيضًا بعد تعليق الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ. إذ تقتصر الرحلات الجوية البريطانية الآن على المعالم السياحية فى البحر الأحمر والأقصر وأسوان.