قافلة الأزهر والأوقاف: الإسلام لا يَعْرِف الأنانية بل تغليب المصلحة العامة

الجمعة، 26 يوليو 2019 06:10 م
قافلة الأزهر والأوقاف: الإسلام لا يَعْرِف الأنانية بل تغليب المصلحة العامة علماء الازهر والأوقاف
كتب - إسماعيل رفعت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكد د. محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر الشريف،‎ أن الدين الإسلامي الحنيف لا يَعْرِف الفردية أو الأنانية أو السلبية، ولا ينادي بتغليب المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، وإنما يدعو إلى النفع العام، والعطاء الصادق، وينادي بالتعاون على البِرِّ والتقوى في إطار من المحبة والإيثار، حتى يحقق المجتمع الرقي المنشود، والتكافل المحمود، ويكون سعي الفرد فيه من أجل المجموع ، فيتحقق الخير للفرد والمجموع معًا ، ويتعمق في قلوب أبناء الوطن إحساس الجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
 
وأكد د. محمد محمد عويس عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن المتدبر لكتاب الله (عز وجل) يدرك يقينًا أن المقصد العام والكلي من تشريع الأحكام للناس هو تحقيق مصالحهم بجلب النفع والخير لهم، ودفع الضر والشر عنهم، فلقد أكد القرآن الكريم أن الحفاظ على المصلحة وتحقيق النفع العام هو منهج الرسل والأنبياء جميعًا ، فما أرسل الله (عز وجل) نبيًّا ولا رسولًا إلا لإسعاد قومه وتحقيق الخير لهم دون انتظار لمقابل أو منفعة دنيوية.
 
وأكد الشيخ أحمد سمير عطية عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الشريعة المحمدية جاءت لتُرسي قواعد الحفاظ على استقرار المجتمع والعمل على رقيه وتقدمه من خلال تقديم الأعم نفعًا على الأخص، وترتيب الأولويات حتى تنتظم الحياة وتستقر ، والسيرة النبوية المطهرة ، وحياة الصحابة الكرام زاخرة بالمواقف العظيمة التي تدل على ذلك.
 
وأكد الشيخ سلامة جمعة حسن عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن جزاء من يؤثر الضعيف والمحتاج والمسكين عظيم ، وفضله كبير ، مستشهدًا بالمرأة التي آثرت ابنتيها على نفسها فعن عائشة (رضي الله عنها) قالت : جَاءَتني مِسْكِينَةٌ تَحْمِل ابْنْتَيْن لَهَا ، فَأَطعمتهَا ثَلاثَ تَمْرَاتٍ ، فَأَعطتْ كُلَّ وَاحدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرفعتْ إِلى فِيها تَمْرةً لتَأَكُلهَا، فَاسْتَطعَمَتهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّت التَّمْرَةَ الَّتي كَانَتْ تُريدُ أَنْ تأْكُلهَا بيْنهُمَا، فأَعْجبني شَأْنَها، فَذَكرْتُ الَّذي صنعَتْ لرسولِ اللَّه (صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم) فَقَالَ : (إنَّ اللَّه قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الجنَّةَ ، أَو أَعْتقَها بِهَا مَن النَّارِ ).
 
وأكد الشيخ أحمد علي عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن الفهم الصحيح للدين يقتضي أن من صور النفع العام التي حث عليها ديننا الحنيف ، ورغب فيها مراعاة حال الناس وواقعهم ، وترتيب الأولويات تلبية لحاجات المجتمع الضرورية والملحة ، فإن كانت حاجة المجتمع إلى بناء المستشفيات وتجهيزها لعلاج الفقراء ورعايتهم فالأولوية لذلك، وإن كانت حاجة المجتمع لبناء المدارس والمعاهد وصيانتها وتجهيزها والإنفاق على طلاب العلم ورعايتهم فالأولوية لذلك ، وإن كانت الحاجة ماسة لتيسير زواج المعسرين، وسدِّ الدَّين عن المدينين، وتفريج كروب الغارمين.
 
وقال الدكتور محمد الصغير بديوان عام وزارة الأوقاف، إن  صور النفع العام كثيرة ومتعددة، منها أن سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) في عام الرمادة حينما اشتد بالمسلمين الفقر والجوع وحضرت تجارته من الشام فإذا هي ألف بعير محملة بُرًّا وزيتًا وزبيبًا فجاءه تجار المدينة، فقال لهم: ما تريدون؟ قالوا: إنك لتعلم ما نريد ، بعنا هذا الذي وصل إليك ، فإنك تعلم ضرورة الناس إليه، قال: حبًّا وكرامة ، كم تربحونني على شرائي؟ قالوا: نزيدك الدرهم درهمين؟ فقال لهم: أُعطيت زيادة على هذا، قالوا : أربعة ، قال: أُعطيت زيادة على هذا، قالوا خمسة ، قال: أُعطيت زيادة على هذا، فقالوا له: يا أبا عمرو ما بقي في المدينة تجار غيرنا ، وما سبقنا إليك أحد ، فمن ذا الذي أعطاك؟ فقال : إن الله أعطاني بكل درهم عشرة، أعندكم زيادة؟ قالوا: لا ، قال: فإني أشهد الله أني جعلت ما حملت هذه العير صدقة لله على المساكين وفقراء المسلمين .
 
وأضاف الشيخ حاتم أحمد محمد إسماعيل بديوان عام وزارة الأوقاف، أن الإسلام راعى ترتيب الأولويات حتى في الأعمال الصالحة، فأمر عند المفاضلة بين عملين كلاهما خير بتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة أو الشخصية، ذلك أن المصلحة العامة نفعها مُتعدٍّ ، أما المصلحة الشخصية فنفعها لا يتجاوز صاحبها ، فلو أن رجلًا يعمل في مؤسسة ما ويتقاضى على عمله هذا أجرًا فيقضي ليله في الصلاة والقيام ، ثم إذا جاء النهار ذهب إلى عمله متعبًا مرهقًا ولم يقم بواجبه المنوط به ، وتعطلت بسببه مصالح هذه المؤسسة ، ومصالح  من تقوم المؤسسة بخدمتهم ، أليس ذلك تضييعًا للأمانة ، وأكلًا لأموال الناس بالباطل، وتفريطًا في المسئولية التي كُلف بها؟ وهو بذلك قد أضاع الواجبات من أجل أداء النوافل.
 
وأكد الشيخ إبراهيم محمد إبراهيم بديوان عام وزارة الأوقاف، أن الفهم الصحيح لدين الله (عز وجل) بما يتناسب مع واقع هذا الزمان، ويراعي أحوال الناس وحاجاتهم يقتضي أن لا تقف حدود الفهم عند بعض مسائل فقه الأحكام على سبيل التلقين أو التلقي دون غوص أو إدراك لفقه المقاصد، أو الأولويات ، أو الواقع ، أو المتاح  مما  تغيب معه الغاية الأسمى لمقاصد التشريع ، كما أن تقديم قضاء حوائج الناس والمجتمع، وكل ما كان من باب النفع العام أولى من تكرار الحج والعمرة ؛ لأن قضاء حوائج الناس كالتيسير على معسرٍ وقضاء حاجته ، أو الصدقة على فقير وكفايته ، أو فك أسر سجينٍ مدينٍ بدينٍ من فروض الكفايات، ومعلوم أن الوفاء بفروض الكفايات مقدم على جميع النوافل بما فيها تكرار الحج والعمرة .
 
وقال الدكتور منتصف محمود عبد المهيمن بمديرية أوقاف القاهرة، أن حياة الصحابة (رضوان الله عليهم) زاخرة بتحقيق النفع العام، منها: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أشار على الصحابة بشراء بئر رومة وَكَانَت تحت يد رجل يهودي وكان يغالي في ثمن مائها ، فقال (صلى الله عليه وسلم) : (مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلاَءِ الْمُسْلِمِينَ ) فأتى عثمان (رضي الله عنه) اليهودي وساومه عليها ، فأبى أن يبيعها كلها ، فاشترى نصفها باثني عشر ألف درهم ، فجعله للمسلمين ، وكان لسيدنا عثمان يوما ولليهودي يوم . فكان إذا جاء يَوْم عثمان استقى المسلمون مَا يكفيهم يومين. فلما رأى ذَلِكَ اليهودي قَالَ: أفسدت علي بئري، فاشترِ النصف الآخر، فاشتراه عثمان (رضي الله عنه( استجابة لأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاشتراها ؛ وحرصًا على المصلحة العامة للمسلمين ، وتحقيق النفع العام للمسلمين.
 
وقال الدكتور حمدي أمين عبد اللاه بمديرية أوقاف القاهرة  أنننا نحتاج  إلى فهم ديننا فهما صحيحا ، وإدراكنا لواقعنا إدراكا واعيا يجعلنا نقدر حجم المخاطر التي تحيط بنا ، ويحملنا على تقديم النفع العام والمصلحة العامة على المصلحة الشخصية بكل إخلاص وتجرد، امتثالًا لتعاليم ديننا الحنيف ، ورغبة في تقدم وطننا ورفعته والنهوض والرقي به إلى المكانة التي تليق به وبأبنائه .
 
 
 
 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة