رغم مأسوية الحادث الذى وقع فى ولاية كاليفورنيا، الأمريكية، وراح ضحيته ثلاثة أشخاص خلال مهرجان ومعرض للأغذية، مساء الأحد، فضلا عن حادث آخر فى نيويورك سقط عنه قتيل وأصيب 11 آخرين فى هجوم بحديقة بروكلين، إلا أنه لم يعد أمرا غريبا على المجتمع الأمريكى الذى بات يشهد حوادث إطلاق نار متكررة داخل المدارس ووسط الاحتفالات والشوارع.
ومنذ مطلع عام 2019 وحتى 30 يونيو الماضى، شهدت الولايات المتحدة 196 حادث إطلاق نار اسفروا عن إصابة 968 بينهم 196 قتيلا، ذلك بحسب "ارشيف عنف السلاح"، جماعة بحثية غير ربحية تتبع حوادث إطلاق النار فى الولايات المتحدة. ومن بين هذه الحوادث شهدت المدارس الأمريكية 22 حادث إطلاق نار وشمل ذلك مدارس فى مراحل عمرية مختلفة؛ ابتدائية وإعدادى وثانوى وحتى فى الجامعات.
وبشكل عام تقتل الأسلحة النارية الخفيفة ما يصل إلى نحو 1000 شخص يوميا حول العالم، فى حين يصاب الملايين وتنقلب حياتهم رأسا عل عقب بسبب القوانين التى تسمح للمدنيين بحمل الأسلحة النارية فى بلدان مختلفة حول العالم وعلى رأسها الدول الغربية الكبرى.
وبحسب آخر إحصاء لموقع "سياسة السلاح"، المختص برصد أنشطة الأسلحة والقوانين المعنية بها فى دول العالم والتابع لكلية الصحة العامة بجامعة سيدنى، فإن هناك أكثر من 875 مليون سلاح نارى حول العالم، 75% منها فى أيدى المدنيين. وتفوق البنادق عدد مركبات الركاب بـ 253 مليون، أو 29 %. ويتم إنتاج حوالى 8 ملايين من الأسلحة الصغيرة الجديدة سنويا، وتتجاوز التجارة الدولية المصرح بها بالأسلحة الصغيرة والذخيرة 7.1 مليار دولار أمريكى سنويا.
وعلى الرغم من ان معظم الأسلحة الصغيرة، لا يتم إساءة استخدامها وأن العديد من الدول تؤكد وجود أسباب مشروعة لملكيتها، غير أننا فى الوقت ذاته شاهدنا فى السنوات القليلة الماضية الكثير من حوادث إطلاق النار والعنف المسلح فى الولايات المتحدة.
ولا يتطلب الأمر أكثر من خطوة واحدة حتى يحصل الشخص المقيم فى الولايات المتحدة على السلاح وهو فحص سجل الإدانات الجنائية والعنف المنزلى ووضع الهجرة. هذه السهولة فى الوصول إلى السلاح والتى اسفرت عن العديد من حوادث إطلاق النار حتى داخل المدارس إلى تنديد ودعوات لتغيير قوانين السلاح الأمريكية، لكن على الجانب الآخر تنفق شركات السلاح أموال طائلة فى حملات الضغط السياسية لأنه تغيير القوانين سوف يضر بالصناعة.
وهناك خلاف كبير بين الحزب الجمهورى وخصمه الديمقراطى بشأن قضية السيطرة على حيازة الأسلحة، إذ يختلفا حول تفسير الدستور فى هذا الصدد، إذ ينص التعديل الثانى للدستور على حرية امتلاك السلاح. وبحسب تقرير سابق لوكالة سبوتنيك فإنه الديمقراطيون يرون قصر الحق فى حمل السلاح على الولايات المكونة للاتحاد الأمريكى وأن الآباء المؤسسين أرادوا هذا الحق لأمريكا الفيدرالية وهذا ما يعرف بالتفسير الجماعى للحق، ويطالبون بضرورة إعادة النظر فى "الحق المطلق للفرد" بسبب المستجدات التى طرأت على المجتمع الأمريكى واستخدام هذا الحق فى حوادث المتكررة.
لكن الجمهوريون يرون أن امتلاك السلاح من الحقوق التى نص عليه الدستور، ويعتبرون أن السلاح هوية أمريكية يدعمها الدستور، ويعرفون بأصحاب التفسير الفردى، ويرفضون أى قوانين يمكن أن تحجم امتلاك السلاح، ويصوت الجمهوريون ضد أى قانون يتقدم به الديمقراطيون.
وفى فبراير 2018، عقب حادث إطلاق النار المأسوى فى مدرسة بولاية فلوريدا الأمريكية والذى اسفر عن مقتل 17 شخصا على يد طالب سابق فى المدرسة، وقع صدام بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والديمقراطيين. إذ رفض الرئيس دعوات قادة الحزب الديمقراطى بتقييد حيازة السلاح واتهمهم بعدم إقرار تشريع فى الماضى، عندما كانوا فى الحكم، فلماذا يطالبونه الأن بانتهاك حق دستورى وقال "إنهم يتحدثون فقط".