المكان: ميادين مصر.. الزمان: 3 يوليو 2013.. الحدث: "مشهد سابق داخلي.. حالة من الترقب يصحبُها نوع من الحذر بخروج ملايين المصريين من منازلهم الآمنة المطمئنة، استعداداَ لإزاحة جماعة الإخوان من المشهد السياسى بإرادة شعبية حيث تمتلئ الشوارع والميادين فى 30 يونيو 2013 للإعلان عن الثورة ضد الإخوان، وشعارهم الذى يعلو ولا يُعلى عليه (يسقط يسقط حكم المرشد)، على اعتبار أن محمد مرسى لم يكن الرجل الذى يتولى إدارة الدولة كرئيس للجمهورية، ولكنه كان ينفذ الأجندة الخاصة بالجماعة فى مصر لبسط نفوذهم على البلاد".
"المصريون مستمرون فى تظاهراتهم بجميع أنحاء القطر المصرى يصدعون بكلمات الثورة المجيدة دون توقف، وذلك حتى يوم الخلاص المشهود فى التاريخ المصرى وهو 3 يوليو 2013، الذى انتصرت فيه إرادة الشعب بعزل محمد مرسى حيث عمت الفرحة على وجوه أبناء الوطن وغمرت الفرحة الشعب وارتسمت الضحكات على شفاههم متوعدة بمستقبل مشرق".
كانت اللحظة الفارقة بالنسبة للشعب المصري في تحقيق حلمه الذي سعى إليه بعزل محمد مرسي رسميًا من منصب رئيس الجمهورية، بعد إعلان الجيش المصري تأييد مطالب الشارع والانحياز لها، وبعد مرور مهلة الـ 48 ساعة التى منحتها القوات المسلحة له للاستجابة لمطالب القوى السياسية.
وفى تلك الأثناء - في مثل هذا اليوم وبالتحديد في التاسعة مساءً، خرج الفريق أول عبد الفتاح السيسي حين كان وزيرًا للدفاع وقتها، وحوله لفيف من القوى الوطنية والسياسية البارزة، بعد اجتماعه معهم، معلنًا عزل مرسي والإعلان عن خارطة الطريق.
بيان القوى الوطنية نص على التالى: تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت وتشكيل حكومة وطنية مع إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، على أن يتولى المستشار عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية منصب رئيس الجمهورية لفترة انتقالية، مع منحه سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال تلك الفترة.
ومع انتهاء بيان القوى الوطنية الذى أعلن بغير تأويل انتهاء مرحلة حكم المرشد ومحمد مرسي، سادت مظاهر الاحتفال على كافة ميادين مصر وتحديدًا في التحرير وأمام قصر الإتحادية، وأطلقوا الألعاب النارية وسط غناء وهتافات المصريين، تعبيرًا عن فرحتهم بالتخلص من الإخوان بغير رجعة ونجاح ثورة 30 يونيو.
وعلى النقيض كان المشهد في ميدانى رابعة العدوية والنهضة، مقر اعتصام جماعة الإخوان وأتباعها، اللذين وقع عليهم البيان كالصاعقة، ورفضوا الاعتراف بثورة 30 يونيو، ومنذ ذلك الحين وبدأ مسلسل الدم والإرهاب على يد جماعة الإخوان الإرهابية وأتباعها.
وفى هذا السياق، يقول محمود البدوي المحامي بالنقض والخبير الحقوقي أن 30 يونيو 2013 لم تكن مجرد ثورة شعبية كبرى وعظيمة على الفاشية الدينية الإخوانية ، ولا حتى رفض لنظام إرهابي أراد هدم أركان الدولة المصرية وفرض منطق القوة الغاشمة وهدم دعائم دولة سيادة الدستور والقانون، بل أنها كانت نقلة نوعية في مستوى الوعى الجمعي لدى المواطن المصري وتعاطيه الإيجابي مع ما يحيق بالدولة من مخاطر تهدد هويتها وتهدد الدعائم التي قامت عليها لأكثر من 7 ألاف عام من الحضارة والثقافة والفنون والتاريخ وسيادة القانون واحترامه من قبل مواطني هذه الدولة التي عرفت نظام التقاضي على درجتين منذ أكثر من 3500 عام قبل الميلاد، وهو ما يجعلها دولة تعي وتدرك قيمة القانون وحتمية سيادته، هذه الدولة التي طبقت مبادئ الحرية الشخصية وعملت على صونها وعبرت عنها في مدوناتها وسطرته على جدران معابدها.
ومن ثم – وفق "البدوى" فى تصريح لـ"اليوم السابع" - كانت 30 يونيو 2013 بمثابة ثورة مصرية خالصة تسترد فيها هويتها المتسامحة، وكانت صرخة في وجه أتباع وقيادات الجماعة الإرهابية الأخطر على مر التاريخ التي استهدفت قوات إنفاذ القانون بها من جيش وطني وشرطة مدنية وأرادت استبدالهم بكتائبهم المسلحة من الأهل والعشيرة، وكانت أيضاً انتصار لدولة سيادة القانون بعد أن ظهرت بشائر عدوانهم على الدستور الذي انتهكه مرسي وجماعته في أكثر من موقف، وبعد أن قامت ميليشيات الجماعة الإرهابية بمحاصرة المحكمة الدستورية العليا في مشهد يؤكد على أن نظام الإخوان لا يعترف بالدستور والقانون، ولا يحترم بمبادئي الفصل بين السلطات وهو واحد من أهم مبادئ الدستور التي ترسخ لدولة القانون .
والأن وبعد 6 سنوات – بحسب "البدوى" - من هذه الثورة التي ولدت من رحم الشعب لمصري واحتضنها جيشها الباسل وشرطتها الوطنية فزادوا عنها ودفعوا من دماء أبنائهم الكثير، فتلقت صدورهم طلقات ورصاصات الغدر بدلاً من الشعب الثائر في وجه جماعة الشر الإخوانية، بل وما زالوا يجودون بأنفاسهم وارواحهم في حربهم المقدسة ضد فلول الجماعات الإرهابية التي ما زالت تريد إعاقة مسيرة النهوض الوطني المصري، وإعاقة ما تقوم به من إصلاحات على كافة الملفات وبخاصة ملف الاقتصاد وملف الصحة والتعليم والتمثيل الدبلوماسي في محيطها العربي والأفريقي والدولي ايضاً ، وستظل 30 يونيو نقطة فاصلة في تاريخ دولة تحافظ على هويتها الوسطية، وشعب يحترم سيادة القانون ويرفض الإرهاب والعنف .