عضو مجمع البحوث الإسلامية: العمل الجماعى دعوة إلى فناء الذات لبناء الوطن

الأربعاء، 03 يوليو 2019 06:01 م
عضو مجمع البحوث الإسلامية: العمل الجماعى دعوة إلى فناء الذات لبناء الوطن وزارة الأوقاف
كتب إسماعيل رفعت

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أكد الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية وعميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق، أن العمل الجماعى يقوم به فريق من أجل نجاح العمل، الذى يعمل على إسعاد المجتمع، وتقدم البلاد والأوطان، مؤكدا أن الإنسان الذى يعمل ويجتهد ويسعد من حوله يتقرب إلى الله (تعالى) بأعظم العبادات، موضحا أن آيات القرآن الكريم زاخرة بخطاب المجموع، بل أساس خطاب القرآن الكريم المجموع لا خطاب الفرد، وافتتح القرآن الكريم بالخطاب الجمعى، قال تعالى: ” الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ”، وختم بالخطاب الجمعى، قال تعالى: ” قلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ“، وقد يبدأ القرآن الكريم بالخطاب الفردى ثم يختم بالخطاب الجمعى، فالغاية هى المجموع، وإذا تحدث عن الأفراد فإنما يريد أن نأخذ العبرة من الصالحين، أو العظة من الطالحين.

وأضاف خلال ندوة بمسجد الحسين، أن الله تعالى خلق الإنسان وجعله خليفة، أى يخلف بعضه بعضًا، والأجيال التى تأتى بعده إنما تحمل رسالته لمن بعدهم، لذا فقد وجب على الأجيال الحالية أن تعمر الأرض للأجيال القادمة ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : ”إنَّكَ إنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ”، وقال:” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُوْلُ” ، فالعمل من أجل المجموع واجب شرعي .
 
وفِي ختام كلمته أكد أن العمل العام ما يعود نفعه على الجميع دون اختصاص أحد، وإذا تعارض الحق العام على الخاص يقدم الحق العام، ولو ترك الناس الحق العام أثموا جميعًا، ويجب أن يكون العمل العام خالصًا لله تعالى، فإنه أحد أهم أسباب نجاحه، حيث إنه يهدف إلى تعمير الأرض وعدم تخريبها، والإسلام لا يعرف إلا البناء، فهو دين البناء لا الهدم ، والتعمير لا التخريب .
 
وأكد دكتور خالد صلاح وكيل مديرية أوقاف القاهرة، أن الإنسان مدنى بطبعه، ولا يستطيع أن يعيش بمفرده ، وسخر الله للإنسان كل ما في الكون ، ليستطيع أن يؤدي مهمته، قال تعالى: ” وسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ”، فلا يستطيع الإنسان أن يقوم بكل مهام حياته، والعمل في ديننا الحنيف عبادة ، بل بلغ أجر العامل مثل المجاهد في سبيل الله، فقد مرَّ على النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) رجلٌ؛ فرأى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من جَلَدِه ونشاطه ، فقالوا : يا رسول الله! لو كان هذا في سبيل الله؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :” إِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى وَلَدِهِ صِغَارًا فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْنِ شَيْخَيْنِ كَبيرَيْنِ فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ يعِفُّهَا فَهُوَ في سَبيلِ اللهِ ، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ رِيَاءً وَمُفَاخَرَةً فَهُوَ في سَبيلِ الشَّيْطَانِ”.
 
وأوضح أن على الإنسان أن يأخذ بالأسباب، وأهم الأسباب العمل والإخلاص فيه، قال تعالى:” هوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ”، موضحا فضيلته أنه ما من إنسان يأخذ بالأسباب إلا يسر الله (تعالى) له، وأن  رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حث على العمل فقال:”  ما أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ “، والعمل الجماعي سنة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وقد شارك النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه في بناء المسجد، ليلهب مشاعر الصحابة في جانب العمل الجماعي، بل حفر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الخندق بيده ، وأخذ (صلى الله عليه وسلم) بالأسباب .
 
وأكد د. ياسر مغاوري إمام وخطيب مسجد سيدنا الإمام الحسين (رضي الله عنه) أن العمل الجماعى من طبيعة البشر، ففى أول أمر للملائكة كان جمعًا فلم يفرد الأمر بينهم فردًا فردًا، قال تعالى:” وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ”، ومن صلى مفردًا فقد فرغ ذمته، بينما من صلى في جماعة حاز فضلًا كبيرًا وثوابًا عظيمًا ، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :”  صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفضَلُ مِنْ صَلاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ درَجَةً”، مع أن الصلاة هي الصلاة ، لأن يد الله (تعالى) مع الجماعة.
 
وأكد أن العمل الجماعى يدعو إلى فناء الذات، إذ إنه لا ينسب لفرد معين، فمن مميزات العمل الجماعي أن ينسب الفضل للمجموع ، ويوم أن عمل المسلمون بتلك الروح تقدموا، وقد دعانا الإسلام للعمل الجماعي من خلال قصص القرآن الكريم، ففي قصة ذي القرنين دعوة وحث للعمل الجماعي، والتعاون على تحقيق الهدف المنشود ، والوصول إلى المبتغى،  قال ـ تعالى ـ عن ذي القرنين لما طلب منه القوم بناء السد  :” فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا”، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لأصحابه:” أَشِيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ”.

وفِي ختام كلمته أكد أنه لم يؤت أحد جميع القوى، ولم يستحوذ أحد على جميع الخصائص إلا رسول الله محمدً ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والمصلحون دائمًا يعملون بروح الجمع.


 







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة