أكرم القصاص

إيران وأمريكا وبريطانيا.. أوراق اللعب ما بعد القطب الواحد

الثلاثاء، 30 يوليو 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العالم اليوم يختلف عن عالم بداية الألفية، الولايات المتحدة الأمريكية كانت تستطيع تحريك القرارات والتحركات الدولية تجاه سياسات التدخل والغزو، اليوم تقف الولايات المتحدة مع ترامب مترددة تجاه إيران، وعلى الرغم من أن دونالد ترامب سارع بإلغاء الاتفاق النووى مع إيران ودفع نحو التصعيد ووجه تهديدات وتحركت قطع بحرية وحاملات طائرات، ردت إيران على التهديدات بتهديدات أخرى وواصلت طهران التصعيد، وأعادت العمل فى مفاعل آراك واستندت إلى الغاء الاتفاق، وبدأت تتحرك نحو تخصيب المزيد من اليورانيوم ولم تتجاوز مواقف الرئيس الأمريكى ترامب الدعوة للتفاوض مرة أخرى. 
 
الموقف الدولى اليوم يختلف عما كان فى بداية الألفية، فقد كانت الولايات المتحدة فى حكم جورج دبليو بوش واليمين الأمريكى تتحرك بنشوة القطب الواحد، فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، أعلن بوش الحرب على الإرهاب، وتم غزت العراق بناء على معلومات مشكوك فيها حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وبعد تدمير العراق لم تظهر أسلحة الدمار، واتسع الإرهاب أكثر وانتشر.
 
اليوم ترامب واصل التصعيد تجاه إيران، لكنه بدا بلا خطة تجاه الوضع، وعاد لينشغل بالانتخابات القادمة، وفى نفس الوقت فقد اشتبك ترامب فى أكثر من ملف، منها الحرب التجارية مع الصين، وشروخ العلاقة مع الحلفاء الأوربيين. 
 
تأثير روسيا والصين فى الواقع الدولى أكبر مما كان فى بداية الألفية، ولدى كل منهما مصالح، والحلفاء التقليديون فى أوروبا ليسوا على استعداد لدعم مغامرات تقود لحرب جديدة، ثم إن أوروبا مشغولة اليوم بالخروج البريطانى من الاتحاد الأوروبى، والبريطانيون، الحليف التقليدى للولايات المتحدة مشغولون بالترتيب لـ«بريكست»، ربما يجرى بدون اتفاق مع الاتحاد الأوروبى، بما لذلك من تداعيات اقتصادية وسياسية ليس فقط على بريطانيا، ولكن أيضا على علاقة بريطانيا مع أيرلندا الباقية داخل الاتحاد، خاصة مع شروخ فى علاقة بريطانيا بالولايات المتحدة على خلفية التوترات بين الجانبين فى أعقاب تسريب مذكرات السفير البريطانى السابق لدى واشنطن كيم داروش التى وصف فيها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بأنه شخص غير مستقر «يفتقر إلى الكفاءة والأهلية»، وفى أعقاب ذلك ألغت الولايات المتحدة المحادثات التجارية المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى «بريكست»، والتى كان من المقرر إجراؤها بين وزير التجارة البريطانى ونظيره الأمريكى، وسط تصاعد كل يوم يمر تقترب بريطانيا من إنهاء خروجها من الاتحاد الأوروبى، وحتى عندما احتجزت طهران ناقلة بريطانية فى مضيق هرمز، بدا رد الفعل الأمريكى باردا تجاه حليف تقليدى، الأمر الذى دفع بعض المعلقين البريطانيين لاعتبار بريطانيا ضحية للسير فى الركاب الأمريكى فيما يتعلق بالموقف من إيران وقال الكاتب البريطانى سيمون تيسدال، إن بريطانيا تدفع ثمن محاولة أمريكا لترويض طهران، ولم يهتم صقور البيت الأبيض بمن قد يتعرض للأذى، حتى وإن كان هذا الضرر الجانبى يشمل حليفًا وثيقًا مثل بريطانيا، وغرقت بريطانيا فى أزمة دولية غير مستعدة للتعامل معها، وهى على شفا خروج غير منظم من الاتحاد الأوروبى ما يعزل أقرب شركائها الأوروبيين، كما أن علاقتها بأمريكا فى عهد ترامب متوترة بشكل فريد.
 
ولم تكن بريطانيا وحدها التى تسعى للابتعاد عن التورط فى تصعيد يصل للحرب مع إيران، فألمانيا وفرنسا ومعهما الصين وروسيا وباقى دول الاتفاق النووى، تسعى لنزع التوتر. 
 
 طهران تبدو مستفيدة من التناقضات والارتباك والشروخ بين الولايات المتحدة وحلفائها، وسباقات انتخابية وسياسية، تجعل الحرب بعيدة، فى ظل واقع دولى يعيد بناء توازناته، وتشغل أمريكا جزءا منه، من دون سيطرة كاملة على مجمل الأوراق مثلما كان فى بداية الألفية. 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة