أصدرت محكمة الجنح حكماَ فريداَ من نوعه برئاسة المستشار على عبد الحميد، وأمانة سر ناصر عبد الرازق، بشأن الشهادة الزور بحبس متهمين سنة وكفالة ألف جنيه، وإلزامهما متضامنين بمبلغ 5 آلاف جنية تعويض مدني في القضية المقيدة برقم 2755 لسنة 2019.
الوقائع
تخلص الواقعة فى أن المدعي بالحق المدني قد حرك دعواه بطريق الإدعاء المباشر ضد كل من صلاح الدين محمود، وصلاح حسين سيد بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة استوفت شروطها الشكلية والقانونية، طلبا فى ختامها القضاء بمعاقبة المتهمان وفقا لنص المادة 294، 295، 296، 297، 298 عقوبات، وبإلزام المتهمان بأداء مبلغ "خمسة آلاف وواحد جنيه" على سبيل التعويض المؤقت، وقدم سنداَ لدعواه عدة حوافظ مستندات.
الموضوع
وعن موضوع الدعوى فإنه لما كان من المقرر بنص المادة 297 من قانون العقوبات: كل من صلاح الدين محمود، وصلاح حسين سيد شهد زوراَ فى دعوى مدنية يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين، ومن المستقر عليه فقهاَ أنه يشترط توافر ثلاث أركان لتلك الجريمة:
أولاَ/ تغيير الحقيقة في شهادة يمين أمام القضاء،
فمن المتفق عليه أنه يلزم أن يكون الزور فى شهادة أديت أمام القضاء الجالس في دعوى مطروحة عليه للفصل فيها ومن ثم خرج عن نطاق شهادة الزور الكذب الذي يقع في الأقوال التي تبدى أمام جهات التوثيق، كما يخرج عن نطاق شهادة الزور الكذب أمام السلطات الإدارية في اى تحقيق تجريه ويخرج عن نطاق شهادة الزور أيضاَ أمام سلطات التحقيق الابتدائي بمعناه الواسع سواء أمام جهة الضبط القضائي أو النيابة أو قاضى التحقيق فالعبرة هي بالتحقيق النهائي الذي تجريه المحكمة بنفسها.
ثانياَ/ الضرر.
ثالثاَ/ القصد الجنائي:
فجريمة الشهادة الزور من الجرائم العمدية التي لا يعاقب عليها قانوناَ إلا عند توافر القصد الجنائي فالقانون لا يعاقب الشاهد إذا أخطأ وإنما يعاقبه إذا كذب عن علم وإرادة، فلا يكفى للعقاب أن يكون كذب الشاهد ناشئاَ عن عدم احتياط أو عن تسرع في إلقاء أقواله أو عن ميله إلى المبالغة عن حسن قصد وسوء نية، ويعتبر هذا القصد متوفراَ متى كذب الشاهد ليضلل القضاء بما كذب فيه.وحيث أنه لما كان ما تقدم – بحسب "المحكمة" - وهدياَ به وترتيباَ وبالبناء عليه وكانت المحكمة قد طالعت أوراق الدعوى عن بصر وبصيرة وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين أدلة النفى، واستقر في يقين المحكمة ارتكاب المتهمان للواقعة محل الاتهام أخذا مما هو ثابت بحوافظ المستندات المقدمة من المدعى بالحق المدني والثابت منها أنه وبتاريخ 12 يونيو 2018 شهد كلا من صلاح الدين محمود، وصلاح حسين فى الدعوى 29586 لسنة 134 أحوال شخصية.
قيام محمد شبل حال تعديه بالضرب على زوجته نورا حسين، وذلك في غضون عام 2017 إلا أنه وبمطالعة الأوراق وشهادة التحركات المقدمة من المدعى بالحق المدني يظهر جلياَ أنه كان خارج البلاد في تلك الفترة الأمر الذى من جماعه تستخلص معه المحكمة توافر أركان الجريمة في حق المتهمان من الشهادة الزور أمام قاضى التحقيق وعن سوء قصد بنية الإضرار بالمدعى بالحق المدني حال كونه الشاهد عالماَ بكذب ما يدليه من أقوال، ومن ثم فقد اكتمل النموذج الإجرامى للجريمة متعيناَ على المحكمة معاقبتهما عملاَ بالمادة "297" من قانون العقوبات وعملاَ بنص المادة 304/2 إجراءات جنائية .
فلهذه الأسباب
قضت المحكمة حضورياَ على المتهمين صلاح الدين محمود، وصلاح حسين بالحبس سنة وكفالة ألف جنية وإلزامهما متضامنين بمبلغ 5 ألاف جنية تعويض مدني.
يشار إلى أن الشهادة الزور في القانون المصري تصنف كجنحة يعاقب مرتكبها بالحبس من 24 ساعة إلى 3 أعوام أو الغرامة، وللمحكمة أن تقضي بأحدهما أو كلاهما، وقد يصل الأمر إلى أن يُعاقب شاهد الزور بالإعدام في حالة إن كانت شهادته تسببت في إعدام متهم في جناية، كما يُمنع المدان بالشهادة الزور من مباشرة حقوقه السياسية سواء الانتخاب أو الترشح حال إصدار المحكمة عقوبة مقترنة أو تكميلية بحرمانه منها.
وفى الفترة الأخيرة تم تحريك عدد ليس بالقليل من دعاوى الشهادة الزور ضد بعض شهود الإثبات في القضايا المختلفة، سواء بالجنح أو الجنايات، نتيجة تناقض أقولهم أمام المحكمة عما سبق وأُدلي به أمام النيابة العامة في محضر التحقيقات، إلا أن الحكم بالإدانة فى مثل هذه الدعاوى يُعتبر فريداَ من نوعه لأن معظم هذه القضايا يتم تبرئة المتهم فيها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة