د. حسن راتب

أم كلثوم وفقر الفرصة !

الخميس، 01 أغسطس 2019 01:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بقلم د. حسن راتب

لم تكن النسخة السابعة للمؤتمر الوطنى للشباب مجرد دورة عادية فى هذا الحدث القومى المهم بل كانت بمثابة نقلة نوعية فى الاتجاه نحو خلق مجتمع أفضل لأمة تنهض وتسابق الزمن من اجل المستقبل.. حيث وضع السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى يده فى هذا المؤتمر على أهم وأبرز التحديات التى تواجه الأمة وهى "فقر الفرص" على الرغم من أن بلد كبير فى حجم ومكانة مصر مليء بالكفاءات والمواهب فى شتى مجالات الحياة .. وهى  المواهب التى فى أشد الحاجة لتوافر الفرصة التى تعطيها قبلة الحياة وتمنحها تأشيرة دخول الحياة بالشكل الذى ينعكس بالإيجاب على المجتمع فى مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة.. ففى الجلسة الختامية للمؤتمر أمس أثار الرئيس السيسى موضوع تطوير النظم الحالية وأهمية ذلك من أجل للكشف عن المواهب الإبداعية والابتكارية الخافية لشبابنا ضاربا المثل بهؤلاء الذين يشككون فى إمكانية مولد عباقرة ورواد من الجيل الحالى تعوضنا عما فقدناه فى أجيال سابقة وضرب مثلاً بكوكب الغناء أم كلثوم وغيرها من العلماء والأدباء والموسيقيين والفنانين الذين شكلوا قوة مصر الناعمة السائدة لسنوات طويلة فى الوطن العربى .

بالتأكيد إننى أشارك الرئيس توقعه وتفاؤله بالجيل الحالى الأكثر حظوة عن الأجيال السابقة بالتكنولوجيا الحديثة التى أضافت الكثير للمواهب الفطرية التى لم يملك غيرها الرواد الأوائل.. لم تملك أم كلثوم سوى حنجرة أبدعت بها دون تأثيرات موسيقية اليكترونية أو غيرها من مساحيق العصر التكنولوجية التى تجمل الأصوات والوجوه !! موهبة أم كلثوم كان يمكن أن تموت معها يوما لولا " الفرصة" التى منحها إياها من أحاطوا بها آنذاك وطافوا بها القرى حتى ذاعت شهرتها من القرية إلى المدينة ثم العالم.

ما تحدث به الرئيس هو «فقر الفرصة»، وهو الشكل الثالث من أشكال الفقر وهو الأكثر إيلاما وخطورة، لأنه يتجاوز فقر محدودية الدخل للوفاء بالغذاء والكساء إلى فقر محدودية الفرص المتاحة لخريجى الجامعات والمعاهد والمهنيين والمثقفين لتحقيق طموحاتهم المهنية والحياتية !!.. فهناك فقر الموارد ويتعلق معظمه بمحدودية موارد الدولة من الأرض والمياه والثروات الطبيعية وهناك فقر الحاجة الذى يتعلق بقدره الفرد على توفير معاشه ومآكله وملبسه واحتياجاته الأساسية وهناك فقر الفرصة الذى تحدث عنه الرئيس السيسى الذى يدعونا دائما إلى استبدال الشكوى والنقد بمقترحات وحلول إيجابية وهو ما يدعوني إلى كتابة هذه الكلمات .

سياده الرئيس.. إن ما تسعى إليه من أجل شبابنا هو الاقتصاد التعاونى.. إنه الوسيلة والروشتة الشافية لفقر الفرصة!! فإذا كان «فقر الحاجة» يمكن علاجه ببرامج خيرية مثل «تكافل وكرامة»، إلا أن «فقر الفرصة» يداوَى بإحياء النظام التعاونى لاستعادة الطبقة الوسطى والاستقرار الاجتماعى، حتى نتفادى استقطاب شبابها للتطرف والإرهاب والهجرة غير الشرعية، تحت وطأة محدودية الفرص المتاحة.

 الاقتصاد التعاونى هو اقتصاد الطبقة الوسطى التى ينتمى إليها شبابنا والأمل المنشود لأسعادها! أنها الطبقة التى يُقاس بها فى الهرم الاجتماعى قوة المجتمعات واستقرارها وقدراتها الذاتية على التنمية والإبداع والابتكار، وبدونها يستحيل تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعى. وبالرغم من بشاعة الفقر فى كل الأحوال، فإن فقر الطبقة الوسطى هو الأشد إيلاما والأكثر إلحاحا لمواجهته فى الوقت الحالى فى ظل انفراد الحكومة والقطاع الخاص بفرص الاستثمار المتاحة.. فأين السبيل لفقراء الطبقة الوسطى فى بلدنا للصعود بسقف طموحاتهم، بالرغم من تواضعها؟؟  

من هنا تبرز أهمية تهيئة الدولة للمناخ الكفيل بتحفيز مشاركة النظام التعاونى كشريك ثالث مع القطاع الحكومى والخاص باعتباره نظام اقتصاد اجتماعى داعم للطبقة الوسطى وحافز لصعود الطبقة الفقيرة إليها، وكذلك وسيلة فعالة لتخفيف الكثير من أعبائها الاقتصادية المتراكمة خلال سنوات طويلة سابقة وبالأخص ما يتعلق بتقديم الخدمات الأساسية فى المناطق الريفية كالمياه والصرف الصحى والطاقة والصحة والتعليم وإلى آخره من الخدمات التى تقوم بها التعاونيات فى الدولة العصرية، حيث يمتاز النظام التعاونى، بالاستقلالية فى تدبير رأس المال ذاتيا لتمويل استثماراته، التى تُدار طبقا لمبادئ تحقق ديمقراطية الممارسة وعدالة اقتسام العائد.

من هنا يتساءل الكثيرون عن أسباب حالة الركود التى تعانيها الحركة التعاونية المصرية بالرغم من نشأتها المبكرة عام 1908 بالرغم من تعاظم دور الاقتصاد التعاونى فى الدول الرأسمالية والشيوعية والاشتراكية، بينما لم يحالفه الحظ فى بلدنا؟؟ .

الإجابة المختصرة هى القيود التى فرضتها حكومات متعاقبة على التعاونيات، خوفا من تنامى قوتها الاقتصادية كحركة شعبية يُفترض تمتعها بالاستقلالية والممارسة الديمقراطية والحماية القانونية، طبقا للمبادئ الأساسية للنظام التعاونى الدولى، وهو ما أثار ظنونا خاطئة لحكومات متعاقبة من منافسة التعاونيات للقطاع العام، فكان رد الفعل الحكومى السائد لها لسنوات طويلة هو التهميش والتطويق بدلا من التطهير والتطوير.

واستوقفنى فى لقاء اسأل الرئيس حالة الشفافية والوضوح التى ظهر بها الرئيس وهو يتناول موضوع مجلس الشيوخ الذى أشار إليه وبشكل واضح وصريح أنه سيكون بمثابة مجلس للحكماء وأنه لا مجال فيه للشباب لأن عمل هذا المجلس يتطلب حكمة وخبرة السنين نظرا للمسئولية الكبيرة الملقاة على عاتق أعضائه وهو ما ينبئ بدور مهم وقوى وفعال لهذا المجلس المرتقب إقراره خلال دورة الانعقاد المقبلة فى مجلس النواب .

والحق يقال فإن حديث الرئيس بالأمس قد أثلج صدرى وضاعف تفاؤلى وذلك لما لمسته من حرصه على الدعم التام للحركة التعاونية التى تسعى بكل صدق نحو المشاركة الفعالة فى تحقيق طموح السيد الرئيس غير المحدود لمصر التى كانت وما تزال وستظل مهد الحضارات ومولد العباقرة والرواد.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة