×× إنشاء 92 محطة خلط لزيادة إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى
×× مصر هى الدولة الوحيدة فى دول حوض النيل التى تلجأ مضطرة لإعادة إستخدام مياه الصرف أكثر من مرة
×× مدير معهد موارد المياه فى جورجيا: دراسات نهر النيل تؤكد أن التعاون وتقاسم المنافع يخدم دول الحوض
×× 30 عاما لتطوير الأدوات وتحسين إدارة المياه العابرة للحدود للوصول إلى حلول مستدامة فى مياه النيل
حذر الرئيس عبد الفتاح السيسى فى فقرة "اسأل.. الرئيس" التى عقدت خلال المؤتمر الوطنى السابع للشباب، من العجز المائى الذى تتعرض له البلاد فى ظل الزيادة السكانية وارتفاع الطلب المياه بمختلف الأنشطة التنموية، مشيراً الى أن مواجهة التحديات المائية تتم باتخاذ العديد من الاجراءات والخطط والبرامج التى تحتاج الى استثمارات عالية التكاليف ووقت فى إشارة منه إلى اتجاه الدولة بإنشاء محطات معالجة ثلاثية الابعاد ومحطات لتحلية مياه البحر متسائلاً عن مدى تقبل الشعب للتعامل مع المياه الناتجة من المعالجة الثلاثية.
ويستطلع "اليوم السابع" آراء الخبراء والمتخصصين والدراسات العلمية التى تتناول سبل وآليات مواجهة العجز المائى المتزايد للبلاد، المعروف أن حصة مصر التاريخية تقدر بنحو 55.5 مليار م3 وذلك وفقاً لإتفاقية 1959بين مصر والسودان والمعنية بإدارة مياه النيل بين البلدين، وكما أشارت آخر الدراسات أن هذه الحصة لا تكفى إحتياجات مصر، حيث وصل إستيراد البلاد من المنتجات الزراعية الغذائية فى 2015 ما يساوى حوالى 60 مليار متر مكعب سنوياً تحت مسمى " المياه الإفتراضية" المطلوبة لزراعة هذه المنتجات.
المياه العابرة للحدود
وعندما نتحدث عن مياه النيل لا بد من تناول قضية المياه العابرة للحدود، حيث أن دول العالم يوجد بها 63 نهرًا فى 267 دولة، مما يوجد العديد من التحديات فى إدارة هذه النوعية من المياه، خاصة العلاقة بين دول المنابع والمصبات.
كما أشار الدكتور إريث جاريس، أستاذ البيئة والهندسة، ومدير معهد موارد المياه فى جورجيا، خلال محاضرته فى إحدى جلسات أسبوع القاهرة للمياه الأول إلى أن إدارة المياه العابرة للحدود لها أكثر من أثر فى هذا العالم على إعطاء الحياة، وأن نهر النيل على سبيل المثال له أهمية كبرى.
وأضاف: "قمنا بأبحاث كثيرة لتعظيم الاستفادة من كل قطرة مياه بالتعاون مع دول حوض النيل على مدى 10 أعوام".. مشيرا إلى أن الأبحاث ركزت على نهر النيل والحوض لأن العالم اليونانى هيرودوت كان صادقا حينما قال "مصر هبة النيل".
وتابع: "أننا عقدنا العديد من الجلسات، وقمنا بالعديد من الأبحاث على مدار 30 عامًا لتطوير العديد من الأدوات لتستخدمها مصر حول تحسين وإدارة المياه العابرة للحدود كنهر النيل للوصول إلى حلول مستدامة لإدارة مياه النيل".
وأضاف أن العائد المتوسط بنهر النيل وفقاً للدراسات التى تم تنفيذها من معهد جورجيا حول نهر النيل، أشارت إلى أن هناك نسب بخر للمياه يتم فقدها، وقد طورنا الأبحاث لتقليل الفقد و قمنا بدراستها بشكل دقيق، وإجراء تقييمات تتعلق بهذه الأماكن ومستويات البحيرات وإنتاج الطاقة، وهى منظومة متكاملة لإدارة البحيرات الآليات الخاصة بالمقاطع المختلفة بنهر النيل.
وتؤكد الدراسات أن مصر هى الدولة الوحيدة فى دول حوض النيل التى تلجأ مضطرة لإعادة إستخدام مياه الصرف أكثر من مرة، كما بدأت منذ عشرات السنين فى تحلية مياه البحر لسد الفجوة المائية على سواحل البحر الأحمر ومؤخرًا فى المدن المطلة على البحر المتوسط.
الطبيعة الجغرافية
وحتمت الطبيعة الجغرافية وتوزيع الأمطار على دول حوض النيل اعتماد مصر على مياه النهر، واعتماد أثيوبيا على الأمطار التى تساهم في مساحات شاسعة من الزراعات المطرية والمراعى والغابات فى أثيوبيا، وكذلك فى تغذية مخزون هائل من المياه الجوفية المتجددة، ولذلك أصبح من الطبيعي والمنصف والعادل والمعقول أن تعتمد دول المنبع مثل أثيوبيا في إستخداماتها الإستهلاكية علي ما هو متاح من "مياه الأمطار" في "حوض" النيل وتعتمد دول المصب مثل مصر على ما هو متاح من "المياه الجارية" في "نهر" النيل ذاته، خاصة وأن مصر تعتبر من الدول القاحلة التي لا تسقط فيها أمطار تذكر.
إتفاقية 1959
وحسب إتفاقية 1959 الموقعة بين مصر والسودان والتي تحدد حصة مصر بـ55.5 مليار متر مكعب سنويا والسودان بـ18.5 مليار متر مكعب سنويا، فإن الدولتين تتقاسم أي نقص في مياه النيل بالتساوى ومن ثم فإن التأثير الأكبر كنسبة من حصص الدول سوف يكون على السودان.
ويجب التنويه هنا أن حصة الـ18.5 مليار متر مكعب سنويا هي حصة السودان وجنوب السودان معا بعد الإنفصال، وحصة جنوب السودان في الـ 18.5 مليار متر مكعب لم تحدد بعد، مع أن هناك بعض الإستخدامات من النيل في جنوب السودان.
وبالرغم من أن موارد مصر المائية المتجددة تتمثل فى حصة مصر من مياه النيل إلا أن مياه النيل يعاد استخدامها أكثر من مرة وفى أكثر من صورة للوفاء بالاحتياجات المائية المختلفة، حيث تتمثل تلك الصور فى اعادة استخدام مياه الصرف الصحى والصرف الصناعى والصرف الزراعى والتى قدرت فى 2017 بحوالى 13,50 مليار متر مكعب فى العام، بالإضافة إلى اعادة الاستخدام فى صورة مياه جوفية ضحلة ترشح من مياه الترع والمصارف ومن مياه الرى فى الحقول الزراعية قدرت بحوالى 7.15 مليار مليار متر مكعب.
الصرف الصحى
وتصل كمية الصرف المنزلى أو الصرف الصحى الناتج من الإستخدامات البلدية إلى حوالى 7.5 مليار متر مكعب فى العام وهذا الرقم فى تزايد مستمر نتيجة زيادة السكان، والحاجة لزيادة الامداد بالمياه، حيث يوجد ما يقرب من 80% من الاستخدامات المنزلية للمياه تعود فى صورة صرف صحى، لذلك فإن الاعتماد على الصرف الصحى المعالج يوفر استدامة فى التنمية وخاصة فى التنمية الزراعية لما يوفره من عناصر غذائية مسمدة وإمداد مستمر بالمياه.
ويؤكد الخبراء أن هناك احتياج لإستراتيجية وطنية مشتركة لإعادة استخدام مياه الصرف الصحى، لكن وضع تلك الاستراتيجية المستقبلية لإعادة استخدام مياه الصرف على المستوى الوطنى يتطلب تقييم للوضع الحالى من حيث التوزيع الجغرافى للصرف المنتج وحجم التجميع ودرجات المعالجة وأماكن الصرف وحجم الصرف المعاد استخدامه سواء استخدام مباشر أو غير مباشر، كما يتطلب ذلك الوقوف على الخطط والرؤى والسياسات الحالية، لتقدير التوقعات المستقبلية لحجم الصرف المتوقع من خلال معرفة توقعات الامداد بالمياه حسب توقعات الزيادة السكانية والأنشطة التنموية المختلفة.
الزيادة السكانية
وتتمثل التحديات الداخلية فى الزيادة السكانية ووفقًا لأكثر الاحتمالات تفاؤلاً عام 2050 إلى 160 مليون نسمة، وعام 2100 حتى 320 مليون نسمة بنسبة زيادة سنوية 1.5% ولكن الفعلى وفقًا للزيادة السكانية الحالية وصل إلى 2 – 2.5% أى أنه إذا سرنا بنفس المعدل سنصل إلى 600 مليون نسمة فى 2100، بالإضافة للتلوث والتعديات على النيل وإدارة شبكات مجارى مائية يصل طولها إلى 55 ألف كيلو متر.
استراتيجية "4 ت"
ووضعت الحكومة عدد من السيناريوهات لما سيحدث حتى 2100 والرؤية المستقبلية، لتحديد المشكلة وكيفية مواجهتها، ولعل من أبرز السيناريوهات التى أعدتها الحكومة هى استراتيجية "4 ت" المكونة من أربع كلمات تبدأ بحرف التاء الأولى "ترشيد" وترشيد استخدامات الموارد المائية تتمحور فى كفاءة توصيل المياه للشبكات، وتقليل الفواقد واستخدام المحاصيل للمياه، باستقطاب محاصيل أقل استهلاكًا للمياه أو أقلل فترة الزراعة الخاصة بها، وتحسين الرى فى الأراضى القديمة بتحويله لرى حديث، بالإضافة لوضع عدادات لكل مستفيد لتحديد مقنناته من المياه دون تحديد أو أتركها بطريقة عشوائية، واستخدام التكنولوجيا الحديثة، وانشاء 92 محطة خلط وسيط لاعادة استخدام مياه الصرف الزراعى.
ترشيد
وبالإضافة للترشيد فى مياه الشرب، نحن الآن نستهلك نحو 11 مليار وإذا سرنا فى نفس الاتجاه فإننا على 2050 متر سوف يتم استخدام 24 مليار متر، وفى 2100 متر سنحتاج إلى 45 مليار متر، لذلك فإننا نتخذ إجراءات شديدة لترشيد مياه الشرب، وذلك من خلال الترشيد فى الاستخدام المنزلى "ومياه الوضوء" يمكن أن نوفر مليار جنيه فى السنة الواحدة وهذا يحتاج إلى التوعية ومتابعة صنابير المياه وعدم الإسراف، توقف شبكات توصيل المياه، لأنه كى تصبح مياه النيل صالحة للشرب يتم ذلك عن طريق الاستثمارات لتوصيلها للمنازل، ويتكلف المتر المكعب 4 جنيهات نصفها لإنشاء المحطة والآخر للتنقية التشغيل، وبالإسراف فى استخدام مياه الشرب تعود كصرف صحى ونحتاج تكلفة معالجة مياه الصرف الصحى أغلى من مياه الشرب، وبالترشيد نستطيع التوسع فى توصيل مياه الشرب والخدمات الأخرى للأماكن المحرومة ولوضع الاستثمارات فى الأماكن المناسبة
تنقية
أما التاء الثانية وهى "التنقية" وتعنى نوعية المياه ونحن نعتبر أن أى نقطة مياه على أرض مصر هي مورد فنحن لا نمتلك رفاهية المياه جميع المياه الموجودة تعتبر موارد يجب العمل عليها وتحسين نوعيتها، لذلك نعمل على معالجة مياه الصرف الزراعى والصرف الصحى معالجة متقدمة لتوفير تلك المياه، وكل نوعية من تلك الأنواع لها استخدامات، ولكن المياه الملوثة جدًا ليس لها استخدام.
تنمية
والتاء الثالثة "التنمية" بتنمية الموارد المائية وهو التحدي الكبير، لأن مشكلة الزيادة السكانية ينخفض معها نصيب الفرد من المياه سنويًا، وفى 2050 متر مكعب سيصل نصيب الفرد إلى 350 متر مكعب، وفى 2100 سيصل إلى 100 متر مكعب، مع استمرار ثبات مقنناتنا ومواردنا المائية، والأهم أن لدينا إدارة لتلك المياه للمحاولة لسد العجز، وتعظيم استخدامها.
وتشمل التنمية أيضًا مياه السيول التى نقوم بتخزينها لشحن الخزان الجوفى فبدلاً من أن تكون تلك المياه مشكلة تصبح حلاً للمشكلة وإذا أمكننا استخدامها مثلما يحدث بجنوب وشمال سيناء والبحر الأحمر من خلال حصاد الأمطار، إلى جانب مشروعات أعمال حماية للمياه والمنشآت، للترشيد وتنمية الموارد المائية فى آن واحد بالاستفادة من كميات المياه تلك فى سد الاحتياجات.
وتنمية على السواحل تعتمد فى المقام الأول على تحلية مياه البحر، فلا يوجد لدينا رفاهية توصيل المياه لتلك الأماكن، والتحلية تحتاج طاقة كبيرة لذلك علينا تنوع مصادر الطاقة من نووى وفحم وسولار وطاقة شمسية لنوفى الاحتياجات المائية المتزايدة بالإضافة لتنمية المياه الجوفية والمحافظة عليها بشكل مستدام بضمان إتاحة المياه به لتكوين مجتمعات مستقرة.
ويمكن محاولة تعويض بعضًا من العجز المائى بتوطيد العلاقات بدول حوض النيل وسبل التعاون للمحاولة لتقليل الفواقد لديهم والترشيد لأنهم أيضًا يزداد لديهم السكان واستنباط محاصيل أقل استهلاكًا للمياه والاستفادة من تجفيف المستنقعات لتقليل فواقد البخر ومشاريع تعاون لتنمية الموارد المايئة بالزراعة فى تلك الدول.
تهيئة
وأخيرًا "التهيئة" وهى تهيئة المناخ المناسب بالتوعية فنحن لدينا مشكلة وقادرون على حلها ولكن بجهود الجميع فنحن لدينا فى الخطة القومية للموارد المائية 9 وزارات، بالإضافة للتشريعات لمواجهة التحديات والسيطرة على كل نقطة مياه لتهيئة بيئة مناسبة لتنفيذ الخطة وتم تغير القانون بإدخال روابط المستخدمين لإدارة شبكات المياه بمعرفتهم وتحديد المقننات لهم وتحديد نوع المحاصيل، كما تشمل التشريعات مواجهة التعدى على مخرات السيول وتوجيها إما لمجرى النيل أو للبحيرات أو لشحن الخزان الجوفى، وتجريم الزراعات المستهلكة للمياه خارج المقرر فعلاً من قبل الدولة فمثلاً فدان الأزر يستهلك 8000 متر من المياه، والقمح 3000 وبذلك فيمكن أن يتم زراعة محاصيل أخرى غير شرهة للمياه ذات عائد اقتصادي مرتفع كى لا نخسر كميات كبيرة من المياه، كما أيضًا سيتم وضع عدادات على الآبار للمتابعة وتحديد المنصرف منها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة