الطبيعى فى أى دولة، سواء متقدمة أو غير متقدمة، أن تقوم الحكومة، باعتبارها الأكثر دراية بالملفات التى يحتاجها مواطنو الدولة، والأقرب لهذه الملفات، بعرض مقترحات لحل المشكلات التى تواجه المواطن، على رئيس الدولة لقوم بالموافقة عليها أو عدم الموافقة عليها ثم تنفيذها، خاصة أن منصب رئيس الجمهورية هو فى الأصل منصب سياسى يهتم أكثر بالعلاقات الخارجية للدولة والملفات الاستراتيجية الداخلية، أما تفاصيل الشأن الداخلي فهي اختصاص أصيل للحكومة فى كل مكان.
كما أن الحكومات دائما ما يكون لديها عدد كبير من المختصين في كل المجالات يمكنها الاستعانة بهم، إلى جانب مسئوليها الأصليين من الموظفين والمستشارين والوزراء وغيرهم، وهذه المهمات لا تختلف كثيرا سواء كان نظام الحكم المعمول به نظاما رئاسيا مركزيا أو نظاما برلمانيا أو غير ذلك، إلا بنسب صغيرة من الفروق بين كل نظام.
لكن فى مصر، يحدث غير ذلك، فكل المشروعات الاستراتيجية أو الضخمة التى تم تنفيذها هى من اقتراح الرئيس السيسى بشكل مباشر، والحكومة ما هى إلى منفذ فقط، وحتى التنفيذ دائما لا يأتى كما هو مخطط، ويتم التعديل غالبا، فمثلا المشروع القومي للطرق هو مشروع الرئيس، أعلن عنه في حملته الانتخابية الأولى، والمشروع القومى للطاقة هو مشروع الرئيس أيضا وهو مهندسه الأول، حتى أصبح لدينا أكبر 3 محطات كهرباء في العالم، بعدما كنا نعاني من انقطاع الكهرباء لأكثر من 16 ساعة فى اليوم.
وكذلك مشروع زراعة المليون ونصف فدان هو مشروع الرئيس، ومشروع المزارع السمكية، هو أيضا مشروع الرئيس، ومشروع الـ 200 ألف صوبة زراعية، والمشروع القومى للإسكان الاجتماعي، ومشروع العاصة الإدارية الجديدة، ومشروعات المدن الجديدة في العلمين وبورسعيد والإسماعيلية والمنصورة الجديدة، ومشروعات المجمعات الصناعية، بالإضافة إلى تحديث وتطوير القوات المسلحة وتسليحها وغيرها الكثير وكل ذلك تزامنا مع حرب شرسة ضد الإرهاب.
كل هذه المشروعات هى مشاريع اقترحها وأشرف على تنفيذها بشكل مباشر الرئيس السيسى وليس الحكومة، حتى مشكلة العمالة المؤقتة وهي موجودة منذ عشرات السنين ويعاني منها أكثر من نصف سكان مصر ولم يلتفت إليها أحد إلا الرئيس، وهو من وجه مؤخرا بضرورة عمل تأمين صحى ومعاش مناسب لهم بشكل عاجل..وهذا المشروع أعتبره هو الأهم في العصر الحديد لأنه يمس ملايين الفقراء المهمشين.
السبب الرئيسى فى ذلك ليس فشل الحكومة ولا أنهم غير مخلصين، لكنه هو أن الرئيس دائما يسبق الجميع بخطوة، لذلك يلهث الجميع وراءه، وليس لديهم أى فرصة لعرض مشروعات خاصة بهم فضلا عن تنفيذها، وقد أكد الرئيس أكثر من مرة أنه يجب على الحكومة أن تسبق تفكير المواطن حتى لا تضطرهم إلى العمل بعشوائية، خاصة فى أعمال البناء وغيرها، إلا أن أحدا لم ينتبه إلى ذلك.
السبب الثانى أن الحكومات المصرية يبدو أنها تعودت أن تكون منفذة فقط، فهى لا تفكر فى مواجهة المشكلات بشكل قاطع، بحيث يمنعها ولا يسمح بتكرارها، ولكنها دائما يكون تحركها رد فعل على الحوادث، فكلما حدثت حادثة فى السكة الحديد مثلا تسارع الحكومة بالإعلان عن التعويضات الهزيلة التي ستقدمها لأهالى الضحايا والمصابين، ويزور المسئولون المصابين فى المستشفيات، ويبكون إلى جوارهم، ليتم تصويرهم فى وسائل الإعلام، وغير ذلك من التصرفات الساذجة، ولم يقم أحد أبدا رغم تكرار هذه الحوادث خلال سنوات، باقتراح مشروع تطوير هذه الهيئة أو إدارتها بشكل أفضل، وينتظرون دائما قرار الرئيس فى ذلك، إما ضعفا أو خوفا من اتخاذ القرار.
ولك أن تتخيل لو أن من يحكم مصر، رجل غير السيسى فى هذه المرحلة، وكان رئيسا يعمل بمنطق الموظف، لتسيير الأمور والبحث عن الشعبية الزائفة فقط، ولم يتم تنفيذ هذه المشروعات الضرورية التى نفذها الرئيس بشجاعة وبتحمل للمسئولية المباشرة عنها، خصوصا ما يتعلق بالتمويل، حيث إن معظم هذه المشروعات يتم تنفيذه بالقروض، لكنه لم ترتعش يديه، واتخذ القرارات بشجاعة القائد القوى الذى يواجه المشكلات والتحديات ولا يخاف من تراجع الشعبية أو زيادة المعارضين...فمتى تعمل الحكومة بنصيحة الرئيس وتسبق المواطن بخطوة أو على الأقل تفكر كما يفكر؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة