- أحمد عز وعمرو يوسف والصاوى وداود فى أقوى حالاتهم
- طارق العريان يصعد بالصناعة والجهينى ينجح فى الجمع بين الإبهار والتفكير
المتعة البصرية والمزاجية هى أول الأهداف المرجوة والمشروعة لأى عمل سينمائى، ثم تأتى بعد ذلك الأهداف الأخرى، طالما لم يدع العمل لشىء ضد المجتمع وعاداته وتقاليده أو ضد الدين، وإذا تحدثنا بالفعل عن الجزء الثانى من «ولاد رزق»، للنجوم أحمد عز وعمرو يوسف وأحمد داود وأحمد الفيشاوى وخالد الصاوى وغيرهم، للكاتب الموهوب صلاح الجهينى، والمخرج الكبير طارق العريان، ستجد نفسك بالفعل أمام متعة سينمائية مكتملة الأركان، عمل تتوافر فيه كل عناصر الإثارة والتشويق والإمتاع.
منذ الوهلة الأولى، وأنت أمام حالة سينمائية تختلف فى الشكل والمضمون عن سابقتها، خاصة عندما يكون هناك إدارة قوية من مخرج يحمل شخصية قادرة على إدارة الممثلين بأفضل شكل، ويدرك جيدا ما يريده فى كل مشهد.. الفيلم تبدأ أحداثه بعملية جديدة ينفذها رضا «أحمد عز»، ومعه باقى أولاد رزق عمرو يوسف «ربيع» ورجب «أحمد الفيشاوى» ورمضان «كريم قاسم»، ومعهم عاطف المعاق «أحمد داود»، والذين يتركونه فدية للوصول إلى لغز معين يريدونه وهو العثور على المليون دولار التى نهبها منهم السفير الأوروبى بمصر «خالد الصاوى»، وهو ما سيدركه المشاهد فيما بعد مع المتابعة.
تم تنفيذ مشهد أكشن البداية بشكل احترافى يوحى بممثلين على قدر كبير من الموهبة والتطور، واستحضار كل منهم لروح شخصيته بشكل جيد، وهذه إحدى سمات المخرج طارق العريان حرصه على جذب انتباه المشاهد مع الثوانى الأولى للفيلم، ومع تصاعد الأحداث يدخل المشاهد نفسه فى حيرة شديدة بين الإمتاع والتفكير فى كل مشهد، ليدرك لغز النهاية مع المشهد الأخير، التوليفة المتناغمة لخطوط الفيلم صاغها الكاتب صلاح الجهينى بعبقرية شديدة، ابتعد فيها عن التقليدية فى السرد، حيث جعل المشاهد ينتبه لكل مشهد دون أن يتوقع الحدث الذى يليه، ربما الدويتو الذى صنعه مع العريان منذ الجزء الأول للفيلم قبل 4 سنوات ثم فيلم «الخلية» هو السر وراء هذه الكيمياء شديدة الاختلاف.
أبطال الفيلم ظهر كل منهم فى أفضل حالاته إلا قليلا مقارنة بأدوارهم الأخيرة، حيث استطاع أحمد عز أن يتسق مع سمات شخصية «رضا»، التى يجسدها من حيث الشكل والأداء وأيضا طريقة إلقاء الإفيه، وهذا يحسب له بشدة، خاصة وأنه خارج من فيلم آخر وهو «الممر»، تختلف أبعاده وأحداثه تماما عن «ولاد رزق»، حيث قدم فيه شخصية ضابط القوات المسلحة، أيضا عمرو يوسف تطور بشكل ملحوظ مع «ربيع»، عما قدمه مع الشخصية فى الجزء الأول للفيلم، ونجح فى وضع مواصفات خاصة لها، كذلك أحمد داود أتيحت له الفرصة مع «عاطف المعاق»، أن يذهب بالشخصية بعيدا، ويجعلك تضحك وتتعاطف وتحزن عليها، فمع كل مشهد يجعل المشاهد يحمل أحاسيس متباينة، وهذا لا يتحقق مع أى ممثل، ربما الفنان أحمد الفيشاوى كان الأقل قليلا عما قدمه فى الجزء الأول مع شخصية «عاطف»، ومع تبادل الشخصيات، حيث كان الفيشاوى أقوى مع شخصية «عاطف»، التى ذهبت لأحمد داود، ظهر أيضا كريم قاسم فى شخصية «رمضان»، بشكل أفضل مما قدمه فى الجزء الأول، هو وحنان «نسرين أمين».
ومن مفاجآت الفيلم الفنان خالد الصاوى، الذى قدم شخصية السفير الأجنبى الفاسد الذى يرغب فى التربح من وراء منصبه أثناء إدارته لسفارة بلده بمصر، حيث نجح فى رسم ملامح للشخصية تتناسب جيدا مع مثل هذه الشخصيات الذين يتحدثون فى الجملة الواحدة بلغتين أو أكثر، ونجا بالفعل من الوقوع فى فخ «الأفورة» فى الأداء، خاصة أن شخصية الخواجة عندما تذهب لممثل غير متمكن جيدا من أدواته، من السهل أن يقع فى هذا الفخ، فأبرز مع ميز الصاوى أنه قدمها دون فذلكة، ولم يحاول الإندماج الكلى مع شخصية الأجنبى، فمثل هؤلاء الذين يقيمون فى مصر، قد تطغى عليهم جزء كبير من ملامح الشخصية المصرية فى التعامل مع الآخرين، أيضا الفنان إياد نصار فى دور رجل الأعمال ومافيا المجوهرات النادرة، كان له ظهور مميز رغم قلة مشاهده إلا إنه نجح فى حفر مكان متيمز له فى الفيلم، فرغم كثرة ظهوره السينمائى خلال الموسم الحالى وموسم عيد الفطر الماضى، إلا أنه نجح فى رسم ملامح مختلفة لكل شخصية، ولم يقع فى فخ التكرار.
ظهور نجمتين كبيرتين مثل يسرا وأصالة مع النجم ماجد المصرى فى جزء من مشهد واحد بأحداث الفيلم، كان بمثابة استعراض فقط لحجم نجوميتهم، لكنه لم يضيف للعمل، عكس ظهور سيد رجب وآسر ياسين ومحمد لطفى فى مشهد النهاية، والذى أضاف كثيرا للفيلم، بل فتح التوقعات والأمنيات للمشاهد بأن يكون هناك جزء ثالث للعمل.
المخرج طارق العريان نجح فى تقديم جرعة أكشن ممتعة ومشوقة دون الاستهتار بعقل المشاهد والبعد تماما عن مشاهد الحركة التقليدية المٌصَمَمَة بطرق محلية قد تجعل المشاهد ينفر منها، بل قدمها باحترافية شديدة، تجعلك تفخر بصناعة السينما المصرية التى تشهد تطور كبير وملحوظ، أيضا الإنتاخ الضخم والسخى لشركة سينرجى فيلمز بقيادة مديرها أحمد بدوى، والمنتجين طارق العريان وموسى عيسى، كان أحد أهم ظهور الفيلم بهذا الشكل المبهر، من حيث اختيار مواقع تصوير متماشية مع أحداث الفيلم دون السعى وراء توفير الميزانية على حساب الصورة أو المضمون، كذلك الديكورات الجاذبة التى استخدمها العريان فى كثير من مشاهده، بالإضافة إلى مشاهد مطاردات السيارات وغيرها التى تطلبتها أحداث الفيلم.. نهاية «ولاد رزق 2»، فيلم يضيف لصناعة السينما المصرية، ويستحق المشاهدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة