تمر اليوم الأربعاء الموافق 14 أغسطس 2019 الذكرى السادسة لفض اعتصامي ميدان رابعة العدوية والنهضة المسلحين الذي دعت له جماعة الإخوان الإرهابية، ذلك اليوم الذى تظهر فيه الجماعة أشبه بالنائحة المستأجرة، التي تدخل الجنازة فتنوح وتلطم الخدود، وتشق الجيوب، فى محاولات فاشلة لإحياء سيناريو مخاطبة المجتمع الدولى الذى اعتادوا عليه منذ عملية الفض.
وفى مثل هذه الأيام من شهر أغسطس تسعى جماعة الإخوان لبث الأكاذيب والافتراءات حول عملية فض اعتصام رابعة العدوية المسلح فى محاولة لإخفاء الحقائق والوقائع الإرهابية التى ارتكبوها بحق أبناء الشعب المصرى قبل ثورة 30 يونيو وأثناء وجودهم على رأس السلطة فى مصر من عمليات قتل وسحل وتشريد.
ولا يفوتنا فى هذا المقام أن نذكر العديد من الشهداء الذين سقطوا بسبب استخدام جماعة الإخوان للعنف والإرهاب، الذى راح ضحيته الحسينى أبو ضيف، ومحمد الجندى، وكريستى، وجيكا، هذا إلى جانب عدد كبير من جنود الجيش والشرطة الذين كانوا يتساقطون يوماَ تلو الأخر بالعشرات حتى قبل عزل مرسى، وبعد ثورة الشعب ضد هذا الحكم المستبد الفاشى، زادت بشكل كبير حدة عنف الجماعة الإرهابية، وسقط ومازال يسقط العديد من الشهداء.
وفى الذكرى الـ6 لـ«فض اعتصام رابعة المسلح»، علينا أن لاننسى ولو لدقيقة واحدة رجال الشرطة الذين قدموا وضحوا بأرواحهم من أجل إنقاذ البلاد وتنفيذ القانون، فقد بلغ عدد شهداء الشرطة خلال فض اعتصام رابعة 8 شهداء، و156 مصابا، كما استشهد اثنين من رجال الشرطة، وأصيب 14 آخرين خلال فض اعتصام ميدان النهضة غير عمليات استهداف المدانيين والأقباط وكنائسهم أثناء عملية الفض.
لم تكن تلك الأرقام والإحصائيات النهائية يوم فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة المسلحين، فقد وصل عدد شهداء الشرطة خلال الشهر الذى شهد أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة 114 شهيدا، بينهم 30 ضابطا، و82 مجندا وفرد شرطة، وموظف مدني واحد، وخفير، ثم انضم إلى قائمة شهداء الشرطة عقب فض الاعتصامين، 14 ضابطا وفرد شرطة بمركز كرداسة، حيث اقتحم مسلحون مركز الشرطة بالأسلحة الثقيلة، وقتلوا مأمور المركز ونائبه و12 ضابطا وفرد شرطة، وهى الواقعة التى عُرفت إعلاميا باسم «مذبحة كرداسة» وهى الواقعة الأبرز بين الوقائع يوم الفض المشهود.
أحداث مذبحة كرداسة
مذبحة كرداسة الشهيرة دارت رحاها يوم 14 أغسطس عام 2013 فى نفس لحظة فض الاعتصام، فقد حاصر العشرات من عناصر جماعة الإخوان، مركز «شرطة كرداسة»، تنديدا بفض اعتصامى رابعة والنهضة لمدة 5 ساعات، وذلك بعد أن حاول ضباط وأفراد مركز شرطة كرداسة فض التجمهر، إلا أن العناصر الإخوانية أطلقت الأعيرة النارية، واستخدموا سلاح أر بى جى فى اقتحام مركز شرطة «كرداسة».
وفى تلك الأثناء - بدأت وقائع المذبحة بالاعتداء على رجال وأفراد الشرطة، والتمثيل بجثث بعض الشهداء، ما أسفر عن استشهاد العميد محمد جبر، مأمور قسم شرطة كرداسة، ونائبه العقيد عامر عبد المقصود، والنقيب محمد فاروق، معاون المباحث، والملازم أول هانى شتا وآخرين، فقد بلغ عدد شهداء المجزرة 14 ضابطا وفرد شرطة من قوة مركز شرطة «كرداسة».
الشهيد اللواء محمد جبر
ويدخل ضمن قائمة الشهداء تلك المذبحة وعلى رأسها الشهيد اللواء محمد جبر مأمور مركز شرطة كرداسة الذى لقى ربه واستشهد قبل تنفيذ قرار ترقيته بـ24 ساعة، وقبل زفاف ابنته بأيام، حيث كانت آخر كلماته: «لن أترك القسم إلا على نعش الموت»، وكان مشهورا بوجوده أغلب اليوم فى عمله، حيث كان يحضر منذ التاسعة صباحا حتى الواحدة من صباح اليوم التالى، وكان يرفض مغادرة القسم أثناء فترة الراحة.
قائمة الشهداء..رجال صدقوا
ولا يفوتنا أن ننسى أيضا الشهيد النقيب هشام شتا، الذى تخرج فى 2009 وعمل ضابطا نظاميا بأكتوبر، ثم نقل إلى مركز كرداسة ليعمل معاونا لرئيس المباحث، واللواء مصطفى الخطيب الذى عمل ضابطا مساعد فرقة شمال الجيزة، والعقيد عامر عبدالمقصود نائب مأمور المركز، وكان لاعبا شهيرا بنادى الترسانة، وحصل على العديد من الجوائز، والنقيب محمد فاروق نصر الدين، الذى استشهد بعد عودته من الأراضى المقدسة مباشرة، واللواء مصطفى الخطيب، قائد الحملات الأمنية لتطهير البؤر الإجرامية بالجيزة، الذى قرر البقاء مع صغار الضباط يوم الاعتصام حتى الاستشهاد، وغيرهم من الذين سطروا أسمائهم فى سجلات شرف شهداء المذبحة
القصاص من المتهمين
عدالة القضاء المصري هى الأخرى كان له دوراَ فى القصاص من القتلة الفجرة المتورطين فى مذبحة «كرداسة»، فقد كانت آخر درجات التقاضى فى شأن أكبر عدد من المتهمين بارتكاب أحداث اقتحام مركز شرطة كرداسة، فى يوليو 2017 حيث قضت الدائرة 11 إرهاب بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شرين فهمى، بالإعدام شنقا لـ20 متهما، والسجن المؤبد لسامية شنن و 7 آخرين فى اتهامهم باقتحام مركز شرطة كرداسة وقتل مأمور المركز ونائبه و12 ضابطا وفرد شرطة، فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة، والمعروفة إعلاميا بـ«مذبحة كرداسة»، كما قضت بالسجن المشدد 15 سنة لـ 34 متهما، والسجن 10 سنوات لمتهم حدث، وبراءة 21 متهما آخرين.
حيثيات الحكم كان لها أبعد الأثر في تلك القضية حيث قال القاضى المستشار محمد شرين فهمى قبل النطق بالحكم على المتهمين: «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا»، متابعا: «أنها جريمة بشعة تقف العبارات عن وصفها إنها نموذج عن الأنفس المتربصة بالقتل، إن هؤلاء المتهمين ارتكبوا جرائم تضيق بسببها صدور ذوى المروءة، وقد ورطوا أنفسهم فى موبقات مهلكة، حرمة الدماء عظيمة وقتل الأبرياء بلا حق كبيرة من كبائر الذنوب».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة