الاكتشافات الأثرية لا تتوقف فى جميع أنحاء العالم، والمومياوات واحدة من أبرز هذه الاكتشافات وربما الأكثر دراسة والأكثر دلالة على العصر الذى عاشت وماتت فيه.. لكن من يملك أقدم مومياء فى العالم؟
المصريون الأشهر والأكثر حفظا
ترتبط كلمة مومياء بشكل أو بآخر بالحضارة المصرية القديمة، وقد ساهمت الكتابات القديمة والحديثة والسينما أيضا فى هذا الربط، كما أن العدد الوافر من المومياوات المصرية المكتشفة مع التحنيط الجيد والذى لا يزال أحد أهم علامات التقدم التى عاشتها مصر فى هذه الفترة قد ساعد على جعل الذهن يربط بين مصر والمومياوات، لكن الكثيرون يرون أن مصر لم تكتشف بعد أقدم مومياء فى العالم.
وتعود أقدم مومياء مصرية مكتشفة عثر عليها فى مقبرة شمال سقارة لزمن الأسرة الأولى (3200 قبل الميلاد) وبالتحديد إلى عهد الملك حور عحا أول ملوك الأسرة الأولى.
فى أمريكا الشمالية
ونقلا عن ديلى ميل فى عام 2018 فإن عددا من العلماء قالوا إن أقدم مومياء فى العالم يبلغ عمرها 10 آلاف و600 عام، تعود إلى قبيلة قديمة فى أمريكا الشمالية.
والمومياء لرجل محنط (عمره 40 عاما) أحد أسلاف شعب Fallon Paiute-Shoshone، من الأمريكيين الأصليين الذين قطنوا ولاية نيفادا.
ويبدو أن المومياء التى عُرفت باسم "Spirit Cave" دُفنت بشكل جيد بعيدا عن الأنظار، بهدف عدم القدرة على الوصول إليها، لكنها استُخرجت عام 1940 لتبدأ الأبحاث حول أصلها.
ورسم فريق دولى بقيادة جامعة كامبريدج خريطة جينوم الرجل المحنط، وتميزت المومياء بأنها مغطاة بطبقة من جلد الأرانب وحصائر القصب، حيث تم العثور عليها إلى جانب بقايا محروقة لثلاثة أفراد آخرين.
واستخرج الباحثون الحمض النووى من عظم صغير داخل الجمجمة، أظهر أن الرجل ارتبط بالأمريكيين الأصليين.
يحدث فى ليبيا
فى عام 1958 تم العثور على مومياء فى جبال أكاكوس جنوب غرب ليبيا يبلغ عمرها نحو 5600 عام، وقد أثار هذا الاكتشاف اهتمام العالم نظرا لأن تاريخ المومياء يسبق بنحو 1500 عام زمن التحنيط المسجل فى الحضارة المصرية القديمة الذى ترجع بداياته إلى (2250 – 2750) قبل الميلاد، ما دفع العلماء إلى إعادة النظر فى الاعتقاد الذى كان سائدا بأن التحنيط فى القارة الأفريقية بدأ فى مصر، والدفع بفرضية جديدة ترجح أن يكون مصدره إحدى الحضارات السابقة المجهولة التى نشأت فى المنطقة المعروفة الآن بليبيا على مدى 20 ألف عام.
اسم المومياء "وان موهى جاج" أو المومياء السوداء، وقد عثرت عليها بعثة آثار إيطالية برئاسة فابريزيو مورى عام 1958 أثناء التنقيب فى كهف صخرى صغير يقع فى وادى "تشوينت" فى سلسلة جبال "أكاكوس" جنوب مدينة "غات" الليبية القريبة من الحدود الجزائرية.
هذه المومياء الفريدة المحفوظة الآن بمتحف السرايا الحمراء بالعاصمة طرابلس تعود لطفل صغير أسمر البشرة، يقدر عمره بعامين ونصف العام، لُفت جثته بعناية فى جلد ظبي، وقد اتخذت وضع الجنين، ونزعت أحشاؤها وغُلفت بأعشاب برية بغرض حمايتها من التعفن والتحلل.
والأمر الذى أدهش الجميع أن تحليل الكربون 14 المشع حينها أظهر أن عمر المومياء يتراوح ما بين 5400 – 5600 عام.
وفى 2008 تم اكتشاف مومياء طولها 2.25 متر من قبل بعثة آثار ليبية بريطانية مشتركة بقيادة العالم الانجليزي" ديفيد ما تنجلى " عندما كانت البعثة تقوم بأعمال البحث والتنقيب فى (أوباري) وادى الحياة وذلك على سفوح جبل زنككرا جنوب مدينة جرمه بمنطقة (أوبارى)، يقدّر عمرها بسبعة آلاف عام وهى موضوعة بوضع الجثو التى مارسها الليبيون فى دفن موتاهم أكبر دليل على أن الليبيين القدماء هم من اكتشفوا تحنيط الموتى، واستعمل الليبيون أوراق النباتات مثل سعف النخيل لإتمام عملية التحنيط إضافة إلى ملح النطرون مثل مومياء وان هوهى جاج.
تشيلى تزعم أنها الأول
زعمت دراسة حديثة أن أوائل البشر الذين قاموا بتحنيط موتاهم فى أكثر المناطق جفافا على الأرض "صحراء أتاكاما" تشيلى حاليا، حيث إنهم بدأوا فى ممارسة عمليات التحنيط قبل 7000 سنة قبل الميلاد، وقاموا بتطوير تقنية التحنيط منذ حوالى 5000 سنة قبل الميلاد أى قبل عملية تحنيط القدماء المصريين لموتاهم.
وقات الدراسة إن عمليات التحنيط فى مصر كانت معقدة تقتصر على فراعنة النخبة، ولكن تشيلى كانت تتبع منهجا أكثر مساواة فى تكريم الموتى، جاء ذلك بحسب ما ذكر موقع "سى إن إن".
وأوضح علماء الآثار، الذين شاركوا فى الدراسة، الذين شاركوا أن تشيلى تأمل فى أن تحصل على موافقة اليونسكو لضم هذه الاكتشافات إلى موقع التراث العالمى، وذلك لكى تلقى المومياوات تشيلى الاهتمام الذى تستحقه.
وقالت الدراسة إنه تمت ممارسة عمليات التحنيط فى المرحلة الأولى للأطفال والأجنة وربما جاء ذلك بسبب ارتفاع معدل وفيات الأطفال الأجنة فى الصحراء، ويبدأ التحنيط بتشريح جسم الشخص الميت تماما ومعالجته وإزالة الأعضاء الداخلية وبعدها تجفيف الجسم، كما يتم تم حشو المومياء بالطين والأعشاب.
وقال برناردو أريازا، عالم الأنثروبولوجيا الفيزيائية فى الدارسة، إن تشيلى ربما لم تكن متقدمة من الناحية الحضارية، لكن كان لديهم طقوس دخلت فى إعداد الموتى.
رجل الثلج أوتزى.. الأكثر تعرضا للدراسة
أوتزى أو رجل الثلج أو رجل الجليد هى أسماء أعطيت لمومياء رجل حُفظت بشكل طبيعى فى الجليد منذ العصر النحاسى أو نهاية العصر الحجرى الحديث حسب تصنيف علماء الآثار فى أوروبا (نحو 3400 ق.م).
عثر عليه الزوجان الألمانيان أيريكا وهلموت سيمون عليها سنة 1991 بالصدفة فى موقع يسمى هاوسلابيوخ فى منطقة ألب وذلك فى أعالى جبال الآلب وعلى الحدود بين النمسا وإيطاليا. كان طول الرجل المحنط بالثلج 160 سنتمتراً، ووزنه 50 كيلوغراماً وتوفى عن عمر يُقدر بحوالى 45 عام. بقى محفوظاً لمدة 5300 عام، وبفضل الجو القاسى - وباستثناء الانكماش والتصلب الذى حصل للجثة بمرور الزمن - فقد احتفظت بأعجوبة بالكثير من ملامحها الأصلية.
واتضح من الفحص الذى تم فى عام 2016 أن أوتزى قد قتل بإصابة رمح اخترق صدره من الخلف، أسباب القتل غير معروفة وربما كان انتقاما ولم يكن بغرض السرقة، إذ أن القاتل لم يأخذ بلطته أوتزى النحاسية، وهى أداة ثمينة فى ذلك العصر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة