المتحف اليونانى الرومانى، أحد أهم المتاحف الموجودة فى محافظة الإسكندرية، والذى ظل مغلقا لما يقرب من 14 عاما، بسبب إجراء أعمال الترميم والصيانة، التى لم تكتمل بعد، وتم غلقه منذ عام 2055م، لتطويره، ومؤخرا تستعد وزارة الآثار للبدء فى تنفيذ سيناريو العرض المتحفى خلال شهر ديسمبر المقبل، وخلال السطور المقبلة نستعرض القصة الكاملة للمتحف.
قبل عام 2011م بعامين تقريبًا قام قطاع المتاحف بوزارة الآثار بإعادة تسجيل وتوثيق، وتشوين ونقل القطع الأثرية إلى العديد من المخازن بمحافظتى الإسكندرية ومطروح، والتى استمرت لعامين، ولكن توقفت كافة أعمال الترميم عقب 2011م، بسبب عدم وجود الموارد مالية .
وفى أحداث يناير 2011م، احتراق مبنى ديوان عام محافظة الإسكندرية المجاور للمتحف، وأطلق عدد من الأثريين، حملة لضم أرض مبنى محافظة الإسكندرية القديم الكائن بشارع فؤاد، لمشروع تطوير المتحف اليونانى الرومانى، وذلك لإن المتحف فى حاجة ماسة إلى توسعات لإضافة منطقة خدمات، ومخازن أثرية لحفظ مقتنياته الفريدة من نوعها، فضلًا عن استفادة الحركة السياحية فى مصر الإسكندرية من هذا المتحف الذى يعد من أشهر متاحف العالم وثالث أهم متحف فى مصر.
وبالفعل وافقت محافظة الإسكندرية على ضم أرض ديوان عام المحافظة القديم بشارع فؤاد لتوسعات المتحف، وتركت الأرض بعد هدم المبنى المحترق حتى سطح الأرض، ووقعت وزارة الآثار من خلال وزير الآثار السابق، وهانى المسيرى محافظ الإسكندرية الأسبق، مذكرة تفاهم بشأن مشروع إعادة إحياء المتحف الرومانى اليونانى من أجل الحفاظ على الريادة الحضارية لمحافظة الإسكندرية وتنشيط حركة السياحة بها.
ونصت المذكرة على البدء فى تنفيذ خطوات مشروع الإحياء من خلال إعداد دراسة تفصيلية تقوم بها وزارة الآثار لوضع تصور شامل لتحويل المتحف إلى مركز متحفى متكامل مع معامل للترميم والصيانة وقاعات للعرض ومكتبة متحفية وتراثية ومركز تعليمى لجميع مراحل التعليم المختلفة وما يلزم من خدمات سياحية أخرى، وقدمت محافظة الإسكندرية الأرض المجاورة للمتحف لإطالة المتحف إلى شارع فؤاد لاتخاذ الإجراءات اللازمة للانتهاء من تخصيص الأرض للمتحف.
إحدى القطع الأثرية بالمتحف
وفى 2015م، قال وعد أبو العلا، المهندس قطاع المشروعات بوزارة الآثار، فى تصريحات لليوم السابع، إن القطاع بدأ فى العمل فى أرض محافظة الإسكندرية، الملاصقة للمتحف اليونانى الرومانى، المقرر ضمها للمتحف، وذلك لرفع المقاسات وتجهيز الرسومات لبنائها فى أسرع وقت.
وفى 2017م، شكل وزير الآثار لجنة تفقدت أعمال تطوير وترميم المتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية، وتتولى اللجنة الأثرية وضع تقرير مجمع عن حالة المتحف وأعمال التطوير التى شهدها منذ غلقه وما يتطلبه لإعادة افتتاحه.
إحدى القطع الأثرية بالمتحف
وفى 2018 تقرر البدء فى استكمال أعمال التطوير والصيانى بالمتحف ، وتسلمت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة موقع المتحف للبدء فى مشروع التطوير بتكلفة تصل إلى 120 مليون جنيه مموله من الحكومة المصرية، والتى كانت قد خصصت منذ آواخر العام الماضى مبلغ مليار و270 مليون جنيه لتمويل تطوير وترميم 8 مواقع أثرية من بينها المتحف اليونانى الرومانى ومتحف الحضارة والمعبد اليهودى بالإسكندرية وقصر محمد على شبرًا وهضبة الأهرامات وقصر الكسان بأسيوط وقصر البارون.
وأوضحت إلهام صلاح الدين، رئيس قطاع المتاحف بوزارة الآثار، آنذاك، أنه تم تشكيل لجنة أثرية تتولى وضع تقرير مُجمع عن حالة المتحف الحالية وأعمال التطوير التى شهدها فى الفترات السابقة ومتابعة أعمال التطوير والترميم الجارية.
المتحف اليونانى الرومانى خلال أعمال تطويره
كما تتضمن أعمال اللجنة أيضا وضع سيناريو عرض جديد للقطع الأثرية ليصبح المتحف مركزًا علميًا وثقافيًا لحضارات البحر المتوسط يشمل قاعات للعرض المتحفى، وحديقة متحفية، ومركز لحفظ وترميم الآثار، ومركز أخر لبحوث العملة، ومركز للبحث العلمى يضم قاعات للدراسة والمؤتمرات ومكتبة وورشة طباعة، وقاعات وسائط متعددة Multimedia، وأيضاً مدرسة للتربية المتحفية لتنمية الوعى الأثرى للأطفال، وسيتم افتتاح المتحف اليوناني الروماني وقصر البارون فى 2020 .
أما عن القيمة الفنية والأثرية للمتحف، فهو يعد عنصرا مكملا فى حياة هذه المدينة المتألقة، التى أسست باسم الإسكندر الأكبر والتى غدت منذ ذلك الحين مدينة عالمية تربط الحضارة المصرية بالأوروبى، وتم إنشاء المتحف اليونانى الرومانى عام 1892 وافتتحه الخديوى عباس الثانى عام 1895 وكان يعرض العديد من القطع الأثرية التى عُثر عليها فى الإسكندرية وما حولها، ويرجع معظمها إلى العصر البطلمى والعصر الرومانى.
المتحف اليونانى الرومانى خلال أعمال تطويره
وافتتح الخديوى عباس حلمى الثانى مبنى المتحف اليونانى الرومانى رسميا فى 26 سبتمبر عام 1895 حيث قام الإيطالى جوسيبى بوتى بإنشاء هذا المتحف استجابة لدعوة جاستون ماسبيرو مدير مصلحة فى الآثار المصرية آنذاك، للحفاظ على التراث اليونانى والرومانى، وبدأ الاهتمام جديا بتلك الحقبة عام 1876، عندما أتم محمود الفلكى حفائره فى الإسكندرية التى أظهر بها خريطة المدينة القديمة ودلائل أثرية قاطعة عن الآثار المدفونة فى الأرض والغارقة بالبحر، كما ازداد الاهتمام بالمتحف مع تكوين جمعية الآثار بالإسكندرية فى 1893م وشيد هذا المتحف على مراحل، وذلك بوضع المجموعة الأثرية الأولى فى جزء من مبنى بطريق الحرية حاليا عام 1892م، وفى عام 1895 اكتمل بناء القاعات العشر الأولى لمبنى المتحف الحالى، ثم أضيفت بعد ذلك قاعتان عام 1896 فى حين اكتمل المتحف عام 1904 .
المتحف اليونانى الرومانى
ومنذ ذلك التاريخ حدثت تعديلات عدة على قاعات المتحف، وكانت أسقف المتحف القديمة مصنوعة من الخشب، مما يتعارض مع احتمال تعرضها للأحوال الجوية بالإسكندرية فقد تم تغييرها على مراحل تغيير الأسقف من عام 1969 إلى عام 1974 ثم مرحلة إحلال وتجديد أخرى لكن نظرا لطبيعة الموقع والمناخ كان لابد من تطوير شامل للموقع.
وتحول المتحف منذ إنشائه عام 1891 إلى خزانة كنوز، وانضمت لمعروضاته التى لا تقدر بثمن المجموعات الخاصة التى ترجع إلى العصر اليونانى الرومانى، بالإضافة إلى العملات والتماثيل والمومياوات المستخرجة من الحفائر خارج مدينة الإسكندرية.