صدر حديثًا، عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب «الموت بطعم النفط»، للباحثة في الدراسات الإفريقية والكاتبة الصحفية رشا رمزي، الذي يتناول كيف تحول إقليم دلتا النيجر النفطي «الإقليم الأشهر فى نيجيريا» إلى نقمة على سكان الإقليم.
يتناول الكتاب أسباب ظهور إقليم دلتا النيجر «الإقليم الأشهر فى نيجيريا» منذ عام 1990 على قائمة أكثر المناطق التهاباً وتوتراً من حيث النزاعات المسلحة والاعتداءات على المنشآت البترولية؛ الذي ترتب على الصراع على النفط بين السكان المحليين والجماعات الإقليمية المهمشة من جهة، والشركات متعددة الجنسيات بمعاونة الحكومة النيجيرية وشركات الأمن الخاصة من جهة أخرى، مما تسبب في ازدياد معاناة السكان المحليين الأمر الذي أسفر عن ارتفاع معدلات التلوث في الهواء والأراضى والأنهار، وزيادة معدلات الفقر الذى حرم سكانه الخدمات والاحتياجات الأساسية من مياه وصرف صحي وكهرباء وتعليم، كل ذلك ترتب عليه حلقة مفرغة لولبية من الفقر المستمر والمتزايد.
يذكر أن الصناعة نفسها لم تكن السبب الرئيسي للأزمة؛ لكنها نشأت نتيجة لسياسات الحكومة وأداء الشركات وخاصة إدارات مواقع الاستخراج فى منطقة الدلتا. ومن ثم وجهت اتهامات كثيرة للحكومات النيجيرية المتعاقبة بالتواطؤ مع شركات البترول العالمية ضد مواطنيها فى الولايات المنتجة للبترول، نتج عنه تهديد مستمر للحياة والاستقرار فى الإقليم.
موت بطعم النفط
وتبين المؤلفة أن فشل حكومات نيجيريا في معالجة الوضع المتأزم في إقليم دلتا النيجر، تسبب في خلق وتطور الصراع في دلتا النيجر وتحوله من صراع سياسي اقتصادي الهدف، إلى صراع مسلح مما شكل أكثر صور التبعية وضوحا. وصممت روابط اقتصادية وسياسية وقانونية لضمان استمرار حالة التبعية تلك سواء على المستوى المحلي من تبعية الجماعات القاطنة في إقليم الدلتا لكل من الحكومة المركزية والشركات النفطية. أو على المستوى الدولي من تبعية الحكومة النيجيرية نفسها والنخب الفاسدة للشركات المتعددة الجنسيات والقوى الغربية ومدى عمق الروابط بينهما.
ويكشف الكتاب، الذي يتألف من 200 صفحة، عن العلاقة القوية بين وفرة الموارد «النفط»، وبين استمرار الاستعمار الجديد الذى خلق حالة التبعية في مجتمع دلتا النيجر؛ عن طريق سيطرة الشركات المتعددة الجنسيات، مما تسبب في ترسيخ آليات عدم التكافؤ التي أدت إلى بزوغ مظاهر الاستغلال والاستنزاف التاريخي والمعاصر من قبل المركز «نيجيريا» لموارد «إقليم دلتا النيجر» الأطراف في المستوى الأدنى، وبنفس القدر تبعية الأطراف «الحكومة النيجيرية» للمركز على المستوى الأعلى «القوى الدولية وشركات النفط»، واستمر المنهج الاستغلالي في دولة ما بعد الاستقلال الذى تم التخطيط له وتكريسه منذ الاستعمار بالقدر نفسه والطرق ذاتها، دون أى تغيير يذكر.
وتشير المؤلفة، إلى ضرورة فك الارتباط لعلاقة التبعية، والخروج من قوانين التبادل التجاري للاقتصاد الحر التى تتبعها نيجيريا لإحداث تنمية بالبلاد، وهو ما تعتبره أمرًا غير ممكن آنيا بسبب احتكار الشركات متعددة الجنسيات للتكنولوجيا النفطية «المعرفة» أو ما يطلق عليه «knowhow» هذا على المستوى الدولي. وأيضًا ينسحب على المستوى المحلي من سيطرة الحكومة النيجيرية على الأمور من خلال خلق علاقات توزيعية مجحفة لا تسمح بتنمية إقليم الدلتا بشكل كاف، كما لم تهمل الإقليم تمامًا، بل تعمدت توفير قدر أقل من القليل لسكان الإقليم حتى تضمن استمرار السيطرة، بينما تم تخصيص باقى العوائد النفطية لولايات الشمال والعاصمة.
وتنتهي رشا رمزي في دراستها إلى أن استمرار حالة التبعية المفرطة؛ يعود لإحجام الدولة عن خلق تحالف وطني يضم العمال والفلاحين ويوفر الأسس الاجتماعية الشعبية، وتحولت الدولة إلى أداة لإحداث التراكم الرأسمالي والوصول للمنافع المالية لصالح النخب الحاكمة عبر المناصب السياسية.
جدير بالإشارة أن رشا رمزي باحثة دكتوراه في كلية الدراسات الأفريقية العليا، وكاتبة صحفية سبق أن عملت في منصب مدير تحرير والقائم بأعمال رئيس تحرير البوابة الإنجليزية لموقع البوابة نيوز، كذلك رئيس قسم الترجمة والخارجي موقع وصحيفة المشهد، وغيرها من المؤسسات الصحفية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة