عندما يُصيبك أحد الأشخاص بالإحباط؛ بسبب سلوكياته وأفكاره الشاذة، فلا تقف عند هذه المرحلة، ولا تُحاول أن تجعله قاعدة ومنهاج لكل حياتك، فهو حالة لا تستحق أن تجعلها معيارًا ومقياسًا لكل حياتك، فهؤلاء لديهم أسبابهم وظروفهم النفسية، التي فرضت عليهم أن يتصرفوا بهذا الأسلوب المُنافي للناموس الطبيعي للحياة، فكن دائمًا واثقًا من نفسك، واكتفي بأنك فعلت كل ما عليك، لكي تُصلح منهم، وتُقرب المسافات بينك وبينهم، وتتغاضى عن عيوبهم، ولكن إذا كان هذا طبعهم، الذي جُبِلُوا عليه، فدعهم وشأنهم، فهم سُعداء بأنفسهم، راضين عنها، مُتقبلين لها، فإذا كان الله عز وجل قال لرسوله الكريم: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، فكيف يتسنى لإنسان، مهما وصلت درجة ثقافته، ومصداقيته، أن يُغير أناسًا، لا يُريدون أن يتغيروا، فيكفي ما ضاع من عمرهم، وما سيضيع، أما أنت، فَسِرْ في دربك، واثق الخُطى، ويكفي أن كل من يسمعك، أو يراك، أو يُعاملك، ينبهر بك، ويتمنى لو كان التقى بك منذ زمن بعيد، فهذا دليل على نجاحك وصدقك وطهارتك.
فكم من شخص يظن أنك ترغب في السيطرة عليه، بسبب دعوة على الطعام، اعلم أن ما كتبته مُضحكًا، وسيقف عنده القُرَّاء؛ بسبب عدم منطقيته، ولكنها للأسف الحقيقة، فهناك من يُفكرون فيك بهذه الطريقة، ولا يُدركون أنهم خسروك؛ بسبب سوء ظنهم بك، وإهانتهم لك، وهناك من تفتح لهم قلبك، وتشتكي من البعض، فيأخذون الكلام على أنفسهم، ويتعاملون معك بحساسية مُفرطة، تتسبب في توتر العلاقة بينكما، وهناك من يتوقع أنك آلة، لا تحس أو تشعر، كل وظيفتها في الحياة أن تعمل عندما يحتاجها، وينسى آدميتك تمامًا، وهناك من ينتظر منك التماس الأعذار له بلا حدود، ولا يُفكر فيك، أو في ظروفك، وهناك، وهناك، وهناك، لا تقول هؤلاء ليسوا بشر، أو أنهم أقل منك إنسانية، أو أنك تفوقهم في شيء، بل قل أن الله وضع فيك مُقومات خاصة، كانت أكبر من إمكانياتهم، فلم يفلحوا في فهمك، والحفاظ عليك.
هناك شخص أعطى لصديق عزيز عليه، سيتارة غالية الثمن، وبمواصفات خاصة ومُتميزة، ودرَّبَه على كيفية استعمالها، ورغم ذلك فشل هذا الشخص في التعامل معها، رغم مُرونتها وسُهولة إمكانياتها، ولكنه اعتاد على السيارات الرخيصة، فأعادها إلى صاحبها، وهو متضررًا، وظل يُردد بغضب "إنها سيارة مُعقدة، ومن المستحيل على أي شخص قيادتها أو فهمها"، فابتسم صديقه وقال: "أعتذر يا صديقي على تكديري لصفو حياتك بتلك السيارة، التي لا يحُوزها إلا صفوة العالم، فبالفعل، من اخترع السيارات الرخيصة، كان على حق؛ لأنه يعلم أن هُناك من لا يستطيع أن يقود السيارات النادرة".
وهكذا البشر، فمنهم من يتعامل مع شخصيات لا تمت للرقة بصلة، ولكنه يستسيغ التعامل معهم، في حين أنه لو تعامل مع أمير، فشل فشلاً ذريعًا.
فهؤلاء لهم من يُناسبهم، أما أنتم، فاختاروا من يُناسبكم، وقطعًا هو معكم وحولكم، ولكنكم لا ترونه؛ بسبب انشغالكم بتغيير من لا أمل فيه، لذا كل ما عليكم أن تبتسموا لهؤلاء، وتقولوا لهم بهدوء شديد أثناء انسحابكم من حياتهم إلى الأبد، لا عليكم، لكم دينكم ولي دين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة