صفعة أمريكية جديدة..كيف خسر ماكرون رهانه الجديد على ترامب؟..الرئيس الفرنسى يواصل الرهان على واشنطن رغم الصفعات المتتالية.. ودونالد يرفض منحه "تفويضا" للوساطة مع طهران..ويفضل الوسيط اليابانى على حساب باريس

الأحد، 25 أغسطس 2019 02:49 م
صفعة أمريكية جديدة..كيف خسر ماكرون رهانه الجديد على ترامب؟..الرئيس الفرنسى يواصل الرهان على واشنطن رغم الصفعات المتتالية.. ودونالد يرفض منحه "تفويضا" للوساطة مع طهران..ويفضل الوسيط اليابانى على حساب باريس ماكرون وترامب
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى شهدت فيه العلاقة بين الرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون ونظيره الأمريكى ،دونالد ترامب، حالة من الشد والجذب فى الأشهر الماضية، على خلفية التناقض الصارخ بين الرجلين حول العديد من القضايا الدولية، وعلى رأسها الملف النووى الإيرانى، والانسحاب الأمريكى من الاتفاق النووى، وكذلك رؤيتهما المتعارضة للاتحاد الأوروبى.

 

إلا اللقاء الأخير الذى جمع بينهما فى منتجع سياحى ببياريتس، ربما أضفى بعدا جديدا للعلاقة بين البلدين، بعدما كانت على شفى الانهيار فى الآونة الأخيرة، وخاصة منذ تصريحات ماكرون فى نوفمبر الماضى، حول ضرورة إنشاء جيش أوروبى موحد، لمحاربة الخصوم، وعلى رأسهم روسيا والصين والولايات المتحدة.

ولعل مجاهرة الرئيس الفرنسى بالعداء للولايات المتحدة، والتى تمثل الحليف التاريخى لأوروبا الغربية، لم يمر مرور الكرام، حيث أعرب الرئيس الأمريكى عن امتعاضه البالغ من التصريحات الفرنسية، والتى وضعت واشنطن على قدم المساواة مع خصوم الغرب التاريخيين، وهما روسيا والصين، وهو الأمر الذى لم تقبله الإدارة الأمريكية، لتتوتر العلاقة بصورة كبيرة بين البلدين منذ ذلك الحين، بينما لم تشهد تحسنا ملحوظا سوى مع لقاء ترامب مع ماكرون فى فرنسا على هامش قمة العشرين أمس السبت، لتثور التساؤلات حول دوافع التحركات الفرنسية، وكيفية تعاطيها مع الواقع الدولى فى المرحلة الراهنة.

موقع اللقاء.. ماكرون يراهن من جديد على الدعم الأمريكى

الرئيس الفرنسى بدا حريصا على إظهار قدر من الحميمية فى اللقاء مع ترامب، من خلال اختيار موقع اللقاء بأحد الفنادق فى أحد المنتجعات السياحية بفرنسا، بينما كانا يجلسان معا لتناول الغذاء، ليصبح اللقاء بعيدا عن الطبيعة الرسمية التى تحظى بها مثل هذه اللقاءات، فى محاولة صريحة لاستقطاب الجانب الأمريكى فى المرحلة المقبلة، من أجل الحصول على دور أكبر فيما يتعلق بالقضايا الدولية المثارة حاليا، وعلى رأسها القضية الإيرانية، وبالتالى تقديم نفسه من جديد باعتباره حليفا لواشنطن، بعدما فشل فى المرة الأولى، بعد شهور من وصوله إلى عرش الإليزيه فى عام 2017، بعد شهور قليلة من تنصيب ترامب.

جانب من لقاء ترامب وماكرون على هامش قمة السبع
جانب من لقاء ترامب وماكرون على هامش قمة السبع

فمع وصوله إلى السلطة فى مايو 2017، تغنى ماكرون بعلاقته الخاصة مع الرئيس الأمريكى، بينما حرص على زيارته فى البيت الأبيض، بعد شهور قليله من نجاحه فى الانتخابات الرئاسية فى فرنسا، حيث سعى إلى إظهار قوة العلاقة بينهما عبر الإمساك بيديه، تارة أو التربيت على كتفه تارة أخرى، فى مشاهد أثارت انتباه وسائل الإعلام الدولية، باعتبارها تمثل انتهاكا صريحا للبروتوكول المتبع فى اللقاءات التى تجمع بين الزعماء الدوليين.

رهان ماكرون على الرئيس الأمريكى فى البداية كان يقوم فى الأساس على قدرته على ملء الفراغ الناجم عن التوتر فى العلاقة بين واشنطن وبرلين، على خلفية عدم التوافق بين ترامب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وبالتالى فقد كان يرى أن وجود ترامب بالبيت الأبيض، على الرغم من كونه مناوئا للاتحاد الأوروبى، هو بمثابة فرصة نادرة لباريس، يمكنه من خلالها انتزاع دور القيادة فى الاتحاد الأوروبى، إلا أن رؤيته لم تحقق أهدافها فى الواقع، فى ظل التضييق الأمريكى على الاتحاد الأوروبى، من خلال دعم التيارات اليمينية فى أوروبا، والتى طالت تهديداتها عرش الإليزيه نفسه، بقيام مظاهرات السترات الصفراء، والتى احتضنها حزب الجبهة الوطنية اليمينى، والذى تتزعمه مارين لوبان، من جانب، بالإضافة إلى إثارة الانقسام داخل الكيان الأوروبى المشترك، عبر تشجيع الحكومة البريطانية على الخروج بدون اتفاق من جانب أخر.

منحى مختلف.. ماكرون حاول قيادة أوروبا عبر استعداء أمريكا

وهنا اتخذ رهان ماكرون على الإدارة الأمريكية منحى مختلف، يقوم فى الأساس على استعداء واشنطن، لتقديم نفسه المدافع الأول عن مصالح أوروبا ضد خصومها (على حد الوصف الذى استخدمه ماكرون نفسه) وهم روسيا والصين، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، وبالتالى يتولى دفة قيادة الاتحاد الأوروبى من بوابة الأزمة مع أمريكا، عبر الدعوة إلى انشاء جيش أوروبى موحد، وهى الدعوة التى اعتبرها البعض محاولة فرنسية لتأسيس كيان جديد ربما يحل محل حلف شمال الأطلسى "الناتو"، والذى طالما لوح ترامب بالانسحاب منه.

قمة السبع
قمة السبع

إلا أن محاولة ماكرون لمجابهة واشنطن باءت بالفشل ربما لأن اقتراحه بتأسيس جيش أوروبى مشترك سيحمل دول القارة العجوز تكاليف باهظة سوف تتجاوز بكثير الالتزامات المالية التى دعا ترامب دول أوروبا الأعضاء بالناتو الالتزام بها، وبالتالى فلم تلقى دعوته استجابة كبيرة من قبل دول القارة العجوز، ربما ليجد نفسه من جديد فى حاجة للدعم الأمريكى، عبر تجاوز القضايا الخلافية، والتركيز على تعظيم نقاط الاتفاق بين البلدين فى المرحلة الراهنة.

رهان جديد.. ترامب يفضل الوساطة اليابانية على حساب باريس

يبدو أن الرئيس الفرنسى على موعد مع رهان ثالث على الولايات المتحدة، يقوم فى الأساس على تقديم نفسه ليس كحليف للولايات المتحدة ليس فى أوروبا، ولكن داخل الاتحاد الأوروبى، خاصة وأن بريطانيا باتت الأقرب إلى عقل ترامب خاصة بعد وصول رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون إلى منصب رئيس الوزراء فى الآونة الأخيرة، والنهج الحاد الذى يتبناه تجاه الاتحاد الأوروبى، وتلويحه بالخروج دون اتفاق، بالإضافة إلى قيامه بإرسال سفن حربية إلى الخليج، فى إطار التوتر فى العلاقة بين لندن وطهران فى المرحلة الراهنة، وهى المواقف التى تضعه فى موقع الذراع اليمنى للرئيس الأمريكى فى القارة العجوز، على حساب القوى الأخرى التى مازالت تتشدق بمبادئ الوحدة الأوروبية، وكذلك الاتفاق النووى الإيرانى.

جانب من لقاء ترامب ورئيس الوزراء اليابانى (1)
جانب من لقاء ترامب ورئيس الوزراء اليابانى

وهنا يمكننا القول، إن ماكرون ربما يحاول أن يكون حلقة وصل بين ترامب والمواقف الأوروبية المشتركة، تجاه القضية الإيرانية، عبر القيام بدور الوساطة بين واشنطن وطهران، إلا أنه لم ينجح كذلك فى الحصول على التفويض الأمريكى، كما حدث من قبل عندما باركت واشنطن المبادرات اليابانية للوساطة مع طهران.

حيث أكد الرئيس ترامب أنه لم يناقش فكرة تفويض ماكرون لتوجيه رسائل لطهران لتهدئة التوتر، وبالتالى لم يكن أمام فرنسا سوى الحديث عن النقاط المشتركة، حول الاستقرار والسلام فى المنطقة، لتجد لنفسها طريقا يمكنها من خلاله مزاحمة اليابان فى الوساطة مع طهران.  

وكانت النتيجة هو ما أعلنه أ ماكرون، اليوم الأحد، أن الدول الكبرى ترغب فى تفادى التصعيد مع إيران، وأن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب كان واضحًا جدًا حول هذا الأمر مختتما "هدفنا الرئيسى منع إيران من القيام بمزيد من الخطوات التصعيدية، وبدء مفاوضات جديدة بشأن ملفها النووى".







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة