نجح شاب من أبناء شمال سيناء فى استغلال النباتات والأعشاب البرية فى عمق الصحراء، كمصدر لإنتاج نحل طبيعى فى تجربة بدأها بالصدفة بعد عثوره على خلية نحل متنقلة التقطها واستطاع ترويضها، وقام بتربيتها وتحسينها إلى أن أصبح يملك ويدير على رأس فريق عمل مناحل يتنقل بها حيث ينمو العشب، قاطعًا مئات الكيلومترات تنتج عسلاً من نحل يعتمد فى تغذيته على خيرات سيناء الطبيعية من زهور عشب برى وطلح شجر السيال والسدر الجبلى .
الشاب السيناوى "سلمان سعد التربانى"، وشهرته "سلمان عسل"، قال لـ"اليوم السابع"، إن بدايته قبل 9 سنوات، عندما كان يسير كعادته فى رحلة برية لصيد طيور الحمام والقمرى فى مجرى مسار "وادى العريش" فى منطقة "أبو عقيلة" بوسط سيناء، فى شهر أبريل، وشد انتباهه وجود خلية نحل فى تجويف جذع شجرة "أثل" كبيرة، قام بقصه ونقله داخل صندوقين، وبعد أن استخراج منها الشمع فوجئ بوجود نحو كيلو وربع من العسل النقى .
وأضاف أنه أدرك قيمة الكنز الذى عثر عليه، واستعان بمعلم فى مدرسة قريتهم الذى أفاده أنه يمكن تربيته، وبعد بحث عن الطرق المتاحة والمطلوب من أدوات، وجد أنها بسيطة وبالتزامن مع متابعته خلية النحل التى عثر عليها، ورصد كيف أنها تتحرك وتتغذى على رحيق أزهار ما حولها من نباتات وأشجار تنمو طبيعية ثم تعود لمكانها، وقام بمضاعفة أعداد الصناديق لتصل 22 صندوقًا بأدواتها، وأصبح يكتسب الخبرة ويستعين بمهندسين زراعيين متخصصين، ويبحث ذاتيًا عن كل جديد من أدوات تربية النحل واستخراجه، مستعينًا بأهم مصدر للتغذية وهو النبات الطبيعى من حوله.
ولفت "سلمان"، إلى أنه فوجئ عن طريق خبراء نحل سعوديين، أن من أهم مصادر التغذية الطبيعية للنحل هو شجرة الطلح وتسمى فى سيناء "السيال"، وهى تنمو بكثرة فى الصحراء ويتم الاستعانة بها لتغذية النحل خلال فترة الإزهار فى شهرى يونيو ويوليو من كل عام .
وقال "سلمان عسل"، إنه استمر فى تطوير مشروعه حتى أصبح 75 صندوق تربية نحل، ثم تضاعف الرقم بعد نجاح التجربة حتى أصبح 430 صندوقًا بكامل مكونات الخلية، وهو رقم يزيد وينقص بحسب موسم كل "قطفة عسل".
وأوضح منتج العسل السيناوى، أن مشروعه يتنقل به أينما وجد منطقة تنمو فيها النباتات فى أوقات تفتح زهور كل موسم لنبت أو عشب، لينتج - وفق ما يطلق عليها - مجموعات إنتاج تنقسم لمجموعة الربيع خلال شهور فبراير ومارس وأبريل، وهى أوقات نمو وتفتح أزهار الربيع البرى الموسمى، ومجموعة الطلح، وهو وقت تفتح أزهار شجر السيال فى شهرى يونيو ويوليو، ومجموعة السدر فى شهرى أكتوبر ونوفمبر، حيث يعتمد على زهور أشجار السدر وهى من الأشجار الشوكية المعمرة .
وقال إن معدلات الإنتاج غير ثابتة وما يحكمها هو جودة الزهور وهذه تكون فى جودة عالية فى سنوات المطر العزيز والسيول، ويتراوح ما بين ربع إلى كيلو ونصف، ويعتبر الطلح هو أكثر غذاء نحل يعطى كمية إنتاج أكبر، بينما يتفوق عليه السدر فى جودة العسل .
وأشار إلى أن المشروع أصبح متكاملاً ويضم فريق عمل بقيادته ومهندسًا زراعيًا مشرفًا على خلايا النحل مهمته فحصها دوريًا وعلاج أى خلل ومشكلة، فضلاً عن عمال للنقل وحراسة الخلايا وسيارات نقل لتحريكها مِن منطقة لأخرى.
وقال، إنه يقيم فى مدينة العريش، ويتنقل بين الحين والأخر وراء مناحله فى مناطق وسط سيناء الجبلية لمسافات تقارب 700 كيلو .
وتابع، إنه يعتمد فى ترويج إنتاجه على طلبيات خاصة لمن يفهمون العسل وقيمته، وهم جمهور كبير داخل مصر وخارجها قبل الشراء يخضعون العينات لفحص معلمى، وبعد تجارب الشراء الأولى يتكرر الطلب، وأنه بنفسه يقوم بالسفر من سيناء للمحافظات لتوصيل طلبات زبائنه، وأحيان يسافر للخارج لذات الغرض أيضًا .
وأشار "سلمان"، إلى أن خلايا النحل جميعها خطوط إنتاج منوعة للعسل، ما بين عسل خام، وشمع، وحبوب لقاح، وغذاء ملكات، واستطاع تتبع أحدث الأساليب العلمية فى استخراج كل هذه المكونات بعد عمليات فلترة تصل لـ6 مراحل تنقية للعسل بعد استخراجه من الخلية، وحفظه ثم إعادة تعبئته للبيع، لافتًا أن وعاء الحفظ له دور مهم فى الحفاظ على نقاء وجودة العسل، حيث يعتمد على براميل ستانلس ترتفع عن مستوى سطح الأرض .
وقال، بالنسبة لحفظ عبوات تخزين العسل فى البيوت من المهم ألا يكون بلاستيك، ويفضل زجاج أو استانلس، والبعد عن أشعة الشمس وتناوله بملعقة خشبية .
وأوضح صاحب مشروع إنتاج النحل من صحراء سيناء، أن كل ما يقال من طرق لكشف غش عسل النحل غير صحيحة، والصحيح هو كما رأى من زبائن يشترون منه خارج مصر، أن التحاليل فى معامل متخصصة هو ما يكشف أى خلل وغش، معربًا عن أمله أن تساهم الجهات العلمية فى مصر بالتوسع فى نشر ثقافة اتباع العلم فى كشف غش عسل النحل .
وتابع قائلاً، أن أهم ما يجذب إليه الزبائن للشراء هى الثقة فى مصدر غذاء النحل، وهى المصادر الطبيعية من زهور أشجار تنمو فى أرض بكر بدون أى تدخل بشرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة